بعد صناعة المجاهر وتطويرها في عام 1930م، ظهرت العديد من القدرات التي استطاع العلم إضافتها إلى التقنية عن طريق صناعة الأجهزة الأقل حجمًا والأكثر قوة وكفاءة من الأحجام الأكبر، فتمكن المهندسون في بداية الأمر من صناعة قطع ولوحات إلكترونية تتعامل بوحدات الملي متر والتي يعبّر عنها من المتر ب(10^3) ولكن زادت الحاجة إلى لوحات وقطع إلكترونية أكثر تخصصًا ومصداقية، فكان ما تلا ذلك هو الميكرو، والذي يعبّر عنه بـ (10^6)، والذي كان يعتبر نقلة نوعية في عالم صناعة التقنية، فاستطاع العالم من طريقه إنتاج الهواتف الذكية والحواسيب الصغيرة ووحدات التخزين ذات الحجم الصغير، لكن لم يتوقف طمع العلم لهذا الحد بل فكّر في تجاوز ذلك مراحل متعددة فبدأ العمل على التقنية الأصغر والأكثر رسوخًا ودقة، وهي تقنية النانو الذي يعبر عنه من المتر بـ (10^9). تعتبر تقنية النانو من التقنيات التابعة لعلم المواد، وتتصل هذه التقنيات مع العلوم التالية: الفيزياء، الهندسة الكيميائية، الهندسة الحيوية، والهندسة الميكانيكية، وهو معلم متخصص ببحث المواد وإنتاجها في العالم الذري الصغير جدًا. تعتبر هذه التقنية هي أهم تطور تقني في القرن العشرين حيث ساهم في صناعة واختراع إلكترونيات السيليكون أو الترانزستور والمعامل الإلكتروني، وظهرت ما تسمى بالشرائح الصغيرة التي أدّت إلى ثورة تقنية في جميع
المجالات: كالاتصالات، والحاسوب، والطب، وغيرها، فاختراع الشرائح الصغيرة بعد عام 1950م أدّى كأبسط تطبيق ومساعدة للتقنية في العالم الحديث أنّها أوجدت التلفاز الملون الذي لم يكن يعهد قبله إلّا تلفزيون الأبيض والأسود عالي الثمن جدًا، ممّا سهّل حصول الجميع على تلفاز ملون خاص به وبعائلته. في عالم الطب قدّمت تقنية النانو عملًا مدهشًا وبراقًا في إضافات مدهشة على ذلك العالم، فقام العلماء في الآونة الأخيرة بصناعة الروبوتات الصغيرة جدًا (المجهرية) وفقًا لتقنية النانو التي تستطيع الحركة في الشرايين الدموية وداخل الجسم، ممّا سيسمح لاحقًا لعلاج الجلطات الدموية عن طريق أسطول كامل من الروبوتات التي يتم حقنها للمنطقة المريضة أو ابتلاعها للعلاج الفوري للمريض عن طريقها. لنتخيل معا صغر النانو، فإنّ شعرة الإنسان تبلغ 50 ميكرو متر أي (50*10^6) أي أنّ الشعر الواحدة تمتلك في سماكتها 50 ألف نانو متر، وأصغر طول يمكن للإنسان رؤيته بالعين المجردة هو 10 آلاف نانو متر، والنانو متر الواحد هو عبارة عن اصطفاف 10 ذرات هيدروجين بجوار بعضها البعض، وممّا يميز المواد النانونية أنّها لا تتبع الحجم في موصليتها للكهرباء أو الحرارة، فعند توصيل الكهرباء في موصل نانوني فإنّه لا يتبع لقانون أوم الشهير في المقاومة الكهربية للأجسام الذي تربط معادلته بين التيار والجهد والمقاومة، ففي الموصلات النانونية يعتمد التوصيل الكهربائي على التدفق الإلكتروني فقط كالتدفق النهري كمثال، وبالتالي فإنّ الإلكترون يحتاج إلى المرور بعملية تدفقية داخل الموصل كما لو أنني أصف بعض الكرات خلف بعضها البعض في طريق، ويبدأ كل واحدة من الكرات بالتدفق والخروج من الطرف الآخر واحدة تلو الأخرى؛ وهذا يحدث بسبب صغر سماكة الموصل التي لا تسمح بوجود أكثر من الكترون فوق بعضهما البعض وبالتالي عدم وجود المجال الذي سيولد قانون أوم والمقاومة الكهربائية.