الأنفاق
الأنفاق

الأنفاق Tunnels – تاريخ الإبداع الهندسي


بدأت مع التطور الحضاري للمسيرة الإنسانية ، والنمو الإنساني المتزايد وزيادة الحاجة المستمرة للبنى التحتية الأساسية لإشباع الأهداف الإقتصادية المتعددة للمجتمعات المتطورة ، فمع أكثر من 6 مليون كيلومتر من الطرق السريعة ، و240.000 كيلومتر من السكك الحديدية العابرة للولايات المتحدة ، يتشكل لدينا صورة واضحة عما أصبحت عليه الحياة من ازدحام متزايد بشكل كبير فوق سطح الأرض .

تشكل الأنفاق أحد آخر الفضاءات والمساحات المتاحة لحركة المركبات والقطارات ، وتمديدات المجاري المائية والصحية وخطوط الاتصالات وخطوط الطاقة .

وقد أصبحت اليوم عمليات حفر الأنفاق في الجبال وتحت المحيطات من العمليات الآمنة الى حد كبير ، إلا أنها لم تكن دائما كذلك فيما مضى ، فقد كلفت هذه أفكار الإبداعية حقا آلاف السنين من جهود المهندسين المضنية للوصول الى هذه الهندسة الإنشائية الرائدة والآمنة ،والتي تجاري أعظم الإنشاءات الهندسية الموجودة حاليا .

تم إنشاء الأنفاق قديما من قبل المهندسين الرومان بغرض نقل المياه فقط ، حيث قام الرومان ببناء أعقد شبكة أنفاق في العالم القديم ، والتي تميزت بالإنشاءات المنحدرة ( المائلة ) التي تدعى القنوات ، وذلك بهدف نقل المياه من الينابيع الجبلية الى المدن والقرى القريبة .

قام المهندسون الرومان بنحت وحفر غرف تحت الأرض وإنشاء المنحنيات القوسية الفنية الرائعة ليس فقط لاستحضار المياه العذبة من الجبال الى المدن ، وإنما للتخلص من مياه التصريف الصحية أيضا .

وخلال القرن السابع عشر كانت الأنفاق تبنى فقط كقنوات ، بلا طرقات أو سكك حديدية ، حيث أصبحت القنوات المائية السريعة أفضل السبل لنقل الشحنات المختلفة والمواد الخام من المناطق المختلفة الى المدن , وعبر مسافات شاسعة .

مع ظهور السيارات والقطارات أخذت إنشاءات الأنفاق بالتوسع والتطور بشكل ملحوظ ، فخلال القرن التاسع عشر ، حدثت تطورات كبيرة في هندسةالانفاق وشق الطرقات الإسفلتية للسيارات والسكك الحديدية للقطارات ، حتى أصبحت الأنفاق أكثر ضخامة وأفضل تصميما وتمتد لمسافات أكبر تحت الأرض .

في عصرنا الحالي لم يقف المهندسون عند مسألة حفر الأنفاق داخل الجبال ،وفي المحيطات .
ومع آخر الإبداعات الإنشائية العصرية أصبح المهندسون قادرون على حفر وإنشاء أعقد الأنفاق الجبلية ، وتحت مجاري الأنهار ، وحتى تحت المدن النشيطة بالأعمال . حيث يقوم المهندسون قبل البدء بأي عملية حفر بإجراء الدراسات الضرورية والتحريات عن أوضاع الأرض والتربة من خلال عمليات تحليل التربة وعينات من الصخور الموجودة ، وأحيانا يقومون بإجراء عمليات حفر اختبارية مسبقة .

آلة حفر الأنفاق (Tunnel BoringMachine TBM )

ثلاث خطوات أساسية لإتمام عملية إنشاء النفق

يعلم المهندسون اليوم أن هنالك ثلاث خطوات أساسية يجب اتباعها بجدية خلال عمليات إنشاء وبناء الأنفاق النظامية عموما .

-الخطوة الأولى : وهي عملية التنقيب حيث يقوم المهندسون بعملية تثقيب في الأرض باستخدام التقنيات المناسبة وذلك تبعا لنوع التربة والصخور .
-الخطوة الثانية : وهي عملية التدعيم حيث يجب على المهندسين خلال عملية الحفر البدء بإجراءات التدعيم للأسقف والجدران غير المستقرة والقابلة للانهيار .
-الخطوة النهائية : وهي عملية التبطين حيث يقوم المهندسون بإضافة اللمسات الأخيرة ، كرصف الطرقات والإنارة والعمليات التكميلية الأخرى .

الأنواع النموذجية للأنفاق

يمكن تقسيم الإنشاءات النفقية الى ثلاث أنواع رئيسية :

أنفاق الأرض الرخوة ( الطرية )

وهي أنفاق نموذجية قليلة العمق تستخدم عادة كأنفاق مشاة ، ذات أنظمة تصريف للمياه وبالوعات ، بسبب طبيعة الأرض الطرية تستخدم الإنشاءات التدعيمية التي تدعى واقية النفق Tunnel Shield التي يتم تثبيتها في مقدمة النفق لحمايته من التداعي والانهيار بسبب طبيعة أرضه أو تربته الرخوة .

القوى المؤثرة على هذا النوع من الأنفاق

التربة الثقيلة والرطبة تدفع من مختلف الجهات باتجاه النفق ، وتخضع الجدرات لقوى ضغط تجاذبية من قبل الأرض ومن مختلف الجهات .

الأنفاق الصخرية

يحتاج هذا النوع من الأنفاق الى تدعيمات بسيطة مقارنة بسابقتها خلال مراحل الإنشاء وتستخدم غالبا كأنفاق سكك حديدية أو طرق سريعة داخل الجبال ، فقبل عدةسنين ، استخدم المهندسون مادة الديناميت لتفتيت الصخور القاسية خلال عملهم في حفر الأنفاق ، أما اليوم فقد أصبح هنالك آلات حفر خاصة تدعى حفارات الأنفاق (TunnelBoring MachineTBM )قادرة على اختراق الصخور الضخمة والقاسية .

القوى المؤثرة على الأنفاق الصخرية

الجدران الصخرية تتميز بتماسكها وكثافتها لتشكل دعامة مسبقة للنفق ، وبعض المقاطع العرضية في الصخر أقل كثافة من الأجزاء الأخرى ،وبالتالي تقوم هذه المقاطع الغير ثابتة (غير مستقرة ) بالتأثير بقوة على جدران النفق كما في الشكل .

الأنفاق تحت المائية

تتطلب هذه الأنفاق دقة وبراعة كبيرتين في الإنشاء ، حيث يجب الإبقاء على الماء خارجا طوال عملية البناء .

كان على الهندسين قديما القيام بتثقيب وحفر حجرات معرضة لضغط عالي لضمان عدم تشربالمياه الى داخل القناة أثناء عملية الإنشاء ، أما اليوم فإن أنفاقا مسبقة الصنع يتم تجهيزها بحيث تعوم الى منطقة التثبيت ، ثم يتم إغراقها الى حيث يتم توصيلها بعضا ببعض في المكان المطلوب وبدقة عالية للتصنيع والتثبيت .

القوى المؤثرة على الأنفاق تحت المائية
يؤثر ضغط الماء بقوى عمودية على جدران النفق ، وتنضغط جدران النفق بتأثير القوى الضاغطة المائية .