الاداره المائيه الفعاله


يعتبر الماء قوام الحياة وأساسها الرئيسي الذي لا يمكن الاستغناء عنه، كما أنه عماد كل حضارة وتنمية، حيث تتجلى خصوصية الماء في أنه أثمن شيء خلقه الله تعالى بعد البشر، وإذا كان الإنسان قد استطاع في تفاعله مع الطبيعة أن يسخر جلّها لخدمته ولأغراضه، واستطاع أيضاً بفضل العلم أن يخترع كل ما هو في حاجة إليه عبر التاريخ، إلا أن حاجاته من الماء لا يمكن أبداً تلبيتها بتركيب وتصنيع هذه المادة أو باستعمال ما يحل محلها، كما أن تزايد الطلب على الموارد المائية أفضى إلى تراجعها، حيث تعاني أغلب البلدان العربية التي تقع في مناطق مناخية جافة من نقص المياه، ويعزى ذلك إما إلى ندرة هذه الموارد أو سوء تدبيرها، ومن المتوقع أيضاُ مع تزايد عدد سكان العالم، أن يرتفع الطلب على مياه الري، والماء الصالح للشرب، بنسبة 20 في المائة، في غضون الخمس والعشرين سنة المقبلة، وبما أن أغلب البلدان النامية، تعتمد على الفلاحة في اقتصادها، فإن نقص المياه العذبة من شأنه أن يسبب نقصاً في الغذاء في جهات مختلفة من العالم، وعليه فإن التنمية المستدامة والشاملة للموارد المائية وإدارتها في هذه الدول أصبحت من الأمور البالغة الأهمية، وذلك لتجنب أزمات مستقبلية تنجم عن نقص الماء كماً وكيفاً.

images
الاداره المائيه الفعاله


أولاً: تعريف أنواع الموارد المائية:

  • المياه الجوفية: هي مياه الأمطار المخزنة في جوف الأرض وهي غير المتجددة
  • المياه السطحية : كمياه الأنهار وتصريف الينابيع والأودية الجارية بالإضافة إلى مياه الفيضانات في فصل الشتاء.
  • المياه غير التقليدية: كالمياه المعالجة الخارجة من محطات الصرف الصحي.


ثانياً: أسباب الاهتمام بإدارة الموارد المائية:

  • · لأهمية المياه التي تمثل أصل الحياة.
  • · لتأمين المياه لمستهلكيها لان ذلك أحد حقوق الإنسان الأساسية والتي لا يجب التخلي عنها بأي حال من الأحوال.
  • · لمعالجة ظاهرة شح موارد المياه.
  • · نتيجة للزيادة التي يشهدها العالم في عدد السكان في الوقت الحاضر مع استمرار السياسات المائية المتبعة وأنماط الاستهلاك الحالية فإنه من المتوقع أن تحظى المياه بالأولوية القصوى خلال القرن الحادي والعشرين، مما ينذر بتشكل نواة لعدم الاستقرار السياسي ونشوب الحروب نتيجة لشح الموارد المائية.


ثالثاً: طرق تنمية الموارد المائية:

1- حماية المياه الجوفية غير المتجددة: وذلك من خلال ما يلي:

  • · القيام بدراسات الاستكشاف والدراسات الجيولوجية التي تحدد حجم هذا المورد ومكامنه بالإضافة إلى دراسة السبل الكفيلة بتنميته والمحافظة عليه.
  • · الالتزام بسياسة الدولة الهادفة إلى المحافظة على مصادر المياه من التلوث بجميع صوره، وذلك من خلال التطبيق الحازم للأنظمة واللوائح ذات العلاقة والعمل على تطويرها.
  • · الالتزام عند إعداد دراسات الجدوى لجميع المشروعات الزراعية والصناعية الجديدة لكون المياه عنصراً من عناصر التكلفة الأساسية وعلى أساس التكلفة الحدية للمصادر البديلة.
  • · تطوير قاعدة معلومات موحدة عن مصادر المياه، تشمل كمياتها ونوعيتها ومعدلات استغلالها وغير ذلك، على أن تتوافر هذه القاعدة لجميع الجهات ذات العلاقة والجهات العلمية والبحثية.


2- تطوير صناعة تحلية المياه:

إن عملية تقويم البدائل المتاحة والقابلة للاستمرار على المدى البعيد، ترجح أن تكون المياه المحلاة المورد الأساسي والأول لمياه الشرب التي تتطلبها عملية التنمية، إذ إن صناعة التحلية لا تعضد بصورةٍ كبيرةٍ موارد المياه الحالية فحسب، بل إن التقنيات المستقبلية تَعِدُ بتوفير الحلول الناجحة لنقص المياه، فعلى المدى البعيد قد تتوافر إمكانية تحلية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والطاقة النووية المتوالدة، وهو ما يوفر إمكانات مستدامة لتحلية المياه.

أما على مدى منظور العقدين القادمين، فإن صناعة التحلية المعتمدة على الطاقة العادية (النفط والغاز الطبيعي والكهرباء) ستشهد نمواً كبيراً، وذلك بمشاركة القطاع الخاص، إذ سيتم إتاحة المجال لشركات القطــاع الخـاص لإقامة محطات تحليه مياه ومحطات مزدوجة الإنتاج (ماء وكهرباء) في إطار سوق تتيح التنافس في توفير كل من الكهرباء والماء بحيث تؤدي إلى زيادة الكفاءة الاقتصادية وتخفيض التكلفة.

3- تعزيز التعاون الإقليمي لإدارة مصادر المياه:

تُعَدّ قضية محدودية الموارد المائية على المدى المتوسط والبعيد قضية إقليمية ومن أبرز تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم بصورةٍ عامةٍ وفي منطقة الشرق الأوسط بصورةٍ خاصة. ويتوقع أن يكون التعاون بين الدول المجاورة في مجال تطوير مصادر جديدة للمياه وإدارة الموارد المائية من المجالات الرئيسة في التعاون الإقليمي والدولي في المستقبل، ويمكن أن تشكل أنشطة البحث العلمي والتطوير التقني وتبادل الخبرات في تطوير الموارد المائية وإدارتها، أبرز مجالات هذا التعاون.

كما إن ازدياد التنسيق والتكامل والتبادل والمشاركة بين الدول الخليجية والعربية سيفتح باباً واسعاً أمام أنماط مختلفة من التعاون في المستقبل في مجال توفير الموارد المائية.

4- الإدارة المتكاملة للموارد المائية العربية:

لقد أدى الاهتمام المتزايد بقضايا المياه خلال الآونة الأخيرة خصوصاً في المناطق الجافة وبلدان الندرة إلى ظهور العديد من المصطلحات العلمية النظرية في هذا المجال، مثل إدارة العرض والطلب وتسعيرة المياه وكفاءة الاستعمال وترشيد الاستهلاك والجدوى الاقتصادية وغيرها، وتهدف هذه المصطلحات جميعا إلى تحقيق درجة مقبولة من درجات الإدارة المتكاملة التي تسعى بدورها إلى تحقيق المبادئ العامة لمفهوم الإدارة المائية المتكاملة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، إلا أن معظم هذه المصطلحات لازال يكتنفها الغموض وسوء الفهم بسبب تجردها وقابليتها للعديد من التفسيرات حسب المعطيات الهيدرومناخية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية بكل منطقة جغرافية، ومن هنا تبرز الحاجة إلى تغير هذه المفاهيم في ظل الظروف العربية المتسمة بالجفاف البيئي وندرة المياه وارتفاع تكاليف تنمية واستثمار مواردها المائية، وضمن المفاهيم الحديثة في إدارة الموارد المائية فإن الإدارة المتكاملة للمياه ترتكز على المشاركة واللامركزية ونقل إدارة الري إلى المستخدمين ضمن أطر قانونية وتنظيمية منسقة، إن مفهوم المشاركة يعني العملية التي يؤثر فيها أصحاب المصلحة المباشرة في وضع السياسات والتصاميم البديلة وخيارات الاستثمار وقرارات المؤثرة في مجتمعاتهم، مما يثبت فيهم الإحساس بالملكية ومع تزايد مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة شؤون المياه يزداد احتمال تحسين أساليب اختيار المشروعات وإيصال الخدمات واسترداد التكاليف.

5- تطوير السياسة المائية:

إن عملية تطوير سياسة مائية محددة المعالم تقوم على قاعدة قانونية ونظامية صارمة، وتتطلب إصدار التشريعات والقوانين اللازمة لذلك، كما وتحتاج إلى تطوير القدرات المؤسسية والتقنية والقاعدة المعرفية ووسائل التقييم والرقابة والمتابعة الضرورية للسيطرة على المشكلة، ولخلق آليات مستمرة للمواءمة بين تحديات الواقع المائي واتجاهات السياسات التنموية والبيئية، وسياسة الحراك السكاني والتخطيط الحضري ووضع الأنشطة الاقتصادية، يجب تعزيز وسائل التوعية بأبعاد المشكلة واتجاهات الانسجام المسلكي معها عبر الممارسات الترشيدية، وذلك لتحقيق هدف بعيد المدى يضمن التوازن المائي. وستظل مسألة حل مشكلة الموارد المائية هدفا رئيسا وثابتا يقتضي جعلها في مستوى الأهداف الإستراتيجية، حيث يستوجب ذلك وضع برامج وخطوات عملية ذات تأثير مباشر، وفي مقدمة ذلك:

1- زيادة الاهتمام بالمياه الجوفية والسعي لتنميتها.

2- تطوير وسائل ترشيد استهلاك المياه، وجعلها في متناول يد المستهلك.

3- إدخال نظم الري الحديثة والتشجيع على استخدامها ورفع مستوى الإرشاد والتدريب الزراعي وتوسيع نطاقهما والعمل على حماية المياه الجوفية والسطحية من التلوث.

سبل المحافظة على الموارد المائية:

  • · ضرورة الإدارة المتكاملة للموارد المائية في المناطق الجافة مع التركيز على إدارة احتياجات المياه والمحافظة عليها وحمايتها من التلوث.
  • · الاستفادة من التقنيات والطرق الحديثة والتقليدية للإدارة الفعالة للموارد المائية.
  • · ضرورة التركيز على تنمية قدرات المؤسسات المعنية بإدارة المياه ورفع كفاءتها في تدريب الأفراد وجهود التوعية في التقليل من ممارسات استهلاك المياه.
  • · تضافر جهود المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية ومراكز البحوث والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في تطوير البرامج المتعلقة بإدارة الموارد المائية في المناطق الجافة، مع ضرورة توفير الموارد المالية اللازمة وتوجيهها للشعوب الفقيرة لتأمين احتياجاتها المائية.
  • · ضرورة تركيز المؤسسات المعنية بتطوير الاستراتيجيات الإقليمية لإدارة الموارد المائية في أحواض الأنهار ومكامن المياه الجوفية بما يتوافق مع مبادئ المساواة والعدالة لكافة المستهلكين مع الأخد بعين الاعتبار أهمية اللجوء إلى إستراتيجية تستند إلى الطلب على المياه.
  • · إنشاء الشبكات المعنية بإدارة الموارد المائية على المستويات الدولية بحيث تأخذ بعين الاعتبار احتياجات المستهلكين من الموارد المائية وسبل ديمومتها كأساس لإدارة الموارد المائية.
  • · إنشاء شبكات إقليمية لإدارة الموارد المائية وإعطاء تلك الشبكات الأهمية القصوى، حيث يعد إنشاء الشبكة العربية لأبحاث المياه الخطوة الأولى في هذا الاتجاه.
  • · ضرورة أخذ الآثار السلبية لمشاريع تطوير الموارد المائية بعين الاعتبار والتقليل منها ما أمكن.
  • · حماية المياه السطحية وأحواض مكامن المياه الجوفية من مصادر التلوث المختلفة.
  • · تشجيع الحكومات على إعادة النظر في سياساتها المائية لا سيما ما يتعلق منها بالتعرفة المخفضة للمياه المستخدمة في الأنشطة الزراعية غير المجدية، وتطوير نظم لتقييم الموارد المائية لكافة المستهلكين مع التركيز على الجوانب الاقتصادية لإنتاج المياه وتوزيعها على اعتبارها النقطة المحورية التي ترتكز عليها السياسات المائية.
  • · إيجاد آلية لدعم الأبحاث العلمية والتطبيقية مادياً لا سيما ما يتعلق منها بالموارد المائية في المناطق الجافة مع ضرورة اشتراك القطاع الصناعي في عملية الدعم.
  • · تطبيق الإجراءات القانونية المتعلقة بالموارد المائية لتأمين ديمومتها.
  • سبل تطوير إدارة الموارد المائية:
  • · إعادة النظر في السياسات المتعلقة بالمياه مع التركيز بشكل كبير على إدارة المياه الشحيحة والتأهب لمواجهة الجفاف وتخفيف آثاره، بالإضافة إلى إعادة النظر في الأطر التنظيمية الخاصة بالمياه، وذلك بإدخال تدابير لمكافحة هدر وتلوث المياه.
  • · رفع كفاءة استخدام المياه، والنظر في إمكانية استرداد تكاليف خدمات الري، كتكاليف التشغيل والصيانة، لتحسين المحافظة على المياه.
  • · القيام بالتعديلات الهيكلية التي تتلاءم مع إدارة الطلب على المياه، بما في ذلك الإصلاحات المؤسسية وتنظيم صفوف المستفيدين ومشاركتهم في إدارة مشاريع الري وإشراك القطاع الخاص وتنمية الموارد البشرية في مجال إدارة المياه المخصصة للزراعة، مع التركيز على المزارعين والجهات التي تقدم خدمات الري.
  • · تشجيع استخدام مصادر المياه غير التقليدية ودعم البحوث في ميدان إعادة الاستخدام المأمون للمياه المعالجة والمياه المالحة، مع إعطاء الانتباه اللازم للزراعة و لزيادة كفاءة استخدام المياه وإدارة المحاصيل وتطوير أصناف من المحاصيل التي تتحمل الجفاف والملوحة.
  • · مساعدة البلدان العربية في تطوير وتشجيع استخدام حزم تقنية حول إدارة الطلب على المياه وإدارة مساقط المياه.
  • · دعم بناء القدرات وتسهيل تبادل الخبرات والمعلومات بين البلدان العربية فيما يتعلق بالجوانب الخاصة بتحسين إدارة المياه في قطاع الزراعة.


إستراتيجية إدارة الموارد المائية في البلدان العربية:

إن إعداد إستراتيجية لإدارة الموارد المائية في البلدان العربية، تدور أساساً حول بناء القدرات المؤسسية والتعليم والتدريب والبحث العلمي وتقييم الموارد المائية والإدارة المتكاملة لها.

أ- الإدارة المائية:
تُعدّ الإدارة المائية بشكل فعال وبصورة مستدامة، عملية معقدة تتطلب إسهامات وجهود كبيرة، من شأنها أن تحسن الوضعية المائية في دول العالم العربي، وتؤدي إلى تنمية مستدامة، تضع نصب أعينها السياسات والاتفاقيات المعتمدة على المستوى الدولي. ولن تحقق أية استراتيجيه النجاح ما لم تأخذ في اعتبارها، بشكل كامل، مصالح كل الفاعلين، وأن تضمن لكل الدول الأعضاء منافع أكثر، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياجاتها الكبرى إلى التدبير الفعال للموارد المائية.

إن تزايد الطلب على المياه في ظل موارد محدودة، وأحياناً غير متجددة، وظهور أنماط حياتية وصناعية جديدة، أدى إلى تصاعد كبير في الاستهلاك، ويزداد الأمر تعقيداً، حينما يتعلق بالبلدان التي تقتسم نفس المورد المائي أو نفس المجرى المائي، كما أصبح التنافس كبيراً وعلى أشده على المياه بين قطاع الري والشرب، وبين البادية والمدينة، وبين المرافق الصناعية والحاجيات السياحية. ويضاف إلى هذا، التزايد على الطلب الناتج عن الكثافة السكانية المتصاعدة، وتنامي حركة التمدن والتصنيع في الوقت الذي بدأ التصحر وتلوث البيئة وتأثير التقلبات المناخية، من جفاف وفيضان، يغزو أجزاء كبيرة من الدول العربية. ونتيجة لهذه العوامل، فقد طرأت على الموارد المائية تغيرات كمية ونوعية، أثرت على مجاري المياه وتخزينها في السدود والبحيرات، وعلى أحواض المياه الجوفية، انعكست سلباً على تأمين الإمداد بالمياه.

وفي هذا الإطار، تعتبر الإدارة المتكاملة للموارد المائية، الخيار الأجدى للتغلب على هذه المشكلة بالغة الأهمية، لأنه بدون الاستخدام الأمثل للمياه لا يمكن ضمان استمرارية تلبية حاجات جميع القطاعات من هذه المادة الحيوية.

ب- القدرة المؤسسية:
إن الإدارة المتكاملة للموارد المائية، ينبغي أن تعالج جميع قضايا إدارة الموارد المائية، من حيث علاقاتها ببعض، وقطاع المياه ككل، بهدف تعزيز الفعالية والاستدامة، وبما أن لقطاع الموارد المائية علاقات عمودية وأفقية، فإن نظاماً كهذا لا يمكن أن يقوم بدون منهجية متكاملة تمكن المؤسسة من إدارة موارد المياه بصورة فاعلة.

ج- قدرة البحث العلمي:
إن العالم يموج في الوقت المعاصر بتحولات جديدة، تركز على العولمة والتنافسية والتسلح بالمعرفة العلمية الحديثة، مما يستدعي البحث عن النقط الإيجابية لهذه الظاهرة العالمية، واستغلالها في خدمة النمو الإنساني، ولذا يتوجب علينا استنباط الطرق الكفيلة لاستثمارها، من أجل تنمية الموارد المائية، ولن يتأتى ذلك إلا بمضاعفة الاستثمار في الموارد البشرية، باعتباره أنجح وسيلة لمواجهة التحديات التكنولوجية والعلمية والمعلوماتية للقرن 21، خاصة وأن مؤشر العناية والاهتمام بالبحث العلمي يحدد مستقبل الدول والأمم ومكانتها.

وإذا كان البحث العلمي أساس كل تطور وتقدم، فإن تشجيعه في ميدان الموارد المائية يعدّ من الاستراتيجيات التي يتوجب نهجها واعتمادها والعمل على تحقيقها بكل الوسائل، مما يتطلب منا التأكيد على سنّ سياسة البحث العلمي وتخصيص الاعتمادات المالية اللازمة لها، أسوة بالبلدان المتقدمة صناعياً وتكنولوجياً، بغية تطوير تقنيات الاقتصاد في استهلاك المياه، وتحلية مياه البحر بهدف تخفيض تكلفتها وتعميمها، وتنقية المياه المستعملة وإعادة استعمالها، وتقنيات نقل المياه وتحويلها بين المناطق، والوقاية من الفيضانات.

د- أهمية التشريعات في الإدارة المائية:
ترتكز الإدارة المتكاملة للموارد المائية، على تشريع أساس متطور، وإجراءات قابلة للتطبيق، إلا أن أهم المشكلات المستعصية تتجلى في تعدد المعنيين في ميدان المياه، وافتقارها إلى التنسيق المحكم، ووجود ثغرات هامة في القوانين والأنظمة المعمول بها، خاصة المتعلقة بحماية الموارد المائية ومكافحة التلوث.

هـ- استراتيجيات التعاون بين دول المنطقة:
إن التعاون بين الدول العربية يمكن أن يحدد أفضل السياسات الممكنة لإدارة الموارد المائية، فإذا كانت البلدان المتقدمة صناعياً والجهات المانحة لم تف بالتزاماتها، بشأن زيادة المساعدات الرسمية، لتصبح 0.7 في المائة من ناتجها الإجمالي، طبقاً لتوصيات مختلف المؤتمرات الدولية، فإنه يتوجب على الدول العربية، في ظل الظروف الدولية الراهنة العصيبة، أن تقوم بمبادرات في مجال تمويل المشاريع المائية، حسب الإمكانات والقدرات المتوافرة، من خلال مضاعفة الجهود المبذولة من طرف الأجهزة والصناديق الموجودة في الدول العربية، المتخصصة في مجال التنمية، واستثمار كافة المقررات الصادرة عن المؤسسات الدولية المتخصصة، لتقليص كلفة المعاملات المالية ونسبة الفوائد على القروض، ودعم الجهود الدولية الرامية إلى إلغاء ديون الدول الأكثر فقراً.

و- التوعية وإشراك المستفيدين في إدارة الموارد المائية:
إن إدارة الموارد المائية والاقتصاد في استعمالها، يتطلب في المقام الأول وضع \”ميثاق أخلاقي\”، ينظم ويراقب الحقوق والمسؤوليات بكل ما يتعلق بالمياه، وتعدّ التوعية ومشاركة كل الأطراف المعنية محدداً أساساً لضمان فرص نجاح أية إستراتيجية.

أ- مجال تخطيط وإدارة الموارد المائيـة:
1. التأكيد على أهمية دور التخطيط المائي في حماية الموارد الطبيعية للمياه وتأمين التنمية المستدامة لهذه الموارد، وذلك من خلال سياسات مائية وطنية تهدف إلى الإدارة المتكاملة لكل من الموارد المتاحة والطلب على المياه، مع التنسيق الإقليمي في هذا الخصوص، ومراعاة اقتصاديات توظيف المياه والميزة النسبية لأوجه الاستخدام.

2. تشجيع ودعم البحث والتطوير والدراسات الهادفة إلى تخطيط و إدارة الموارد الطبيعية وغير التقليدية وفي كافة أوجه الاستخدام المائي، وحث الدول العربية على تدارس فكرة إنشاء مركز إقليمي لبحوث المياه تتكامل فيه الإمكانات والجهود والخبرات الوطنية لمواجهة التحديات المائية التي يكشف عنها القرن القادم، وتفعيل دور مراكز البحث العلمي والجامعات مع الجهات الرسمية والخاصة المعنية في مجال تخطيط وإدارة الموارد المائية.

3. مراجعة وتحديث التشريعات المائية وتفعيل وتقوية آليات تنفيذها لما تلعبه التشريعات من دور في نجاح السياسات والخطط المائية.

4. استخدام التقنيات الحديثة مثل تطبيقات نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد والأنظمة المساندة لاتخاذ القرار والنماذج الرياضية في مجال تخطيط و إدارة الموارد المائية.

5. الحاجة إلى تبني المزيد من برامج زيادة الوعي المائي العام ومشاركة مستخدمي المياه بما يؤدي إلى تحقيق أهداف سياسات الترشيد والمحافظة على المياه.

6.التأكيد على أهمية التدريب وبناء القدرات وتطوير الكوادر الوطنية العاملة بكافة قطاعات المياه وتبادل الخبرات، وحث الدول العربية على زيادة التنسيق والتعاون في هذا المجال.

7.تشجيع القطاع الخاص وتفعيل دوره في مجال إنشاء وتشغيل وصيانة المشاريع المائية المختلفة ودعم البحث العلمي في مراكز البحث في الدول العربية.

ب- مجال موارد المياه الطبيعية:
1. دعوة الدول العربية إلى اتخاذ الإجراءات العاجلة للحفاظ على موارد المياه الجوفية والاستغلال الأمثل والعمل على زيادة مخزونها باستخدام أساليب التغذية المختلفة، مع ضرورة تقييمها بصورة مستمرة عن طريق شبكات رصد مثلى تصمم خصيصا لمراقبة مستويات ونوعية المياه وتطويرها لتحقيق أهداف الإدارة المثلى لهذه الموارد.

2. تشجيع وتبادل الخبرات في مجال الحصاد المائي بين الدول العربية والتأكيد على الاستفادة من الموارد السطحية في بعض الدول العربية.

3. تشجيع ودعم دور البحث والتطوير في مجال حماية المياه الجوفية وهيدرولوجيا المياه السطحية والمشاركة في الشبكة العربية الإقليمية لحماية المياه الجوفية والشبكة العربية الإقليمية لهيدرولوجيا الوديان.

4. تشجيع التعاون الإقليمي وتبادل الخبرات في دراسة وتقييم جدوى وتأثير تغذية المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي المعالجة جزئيا من خلال مشروعات حقلية رائدة.

ج- مجال المياه المحلاة:
1. تمثل تحلية المياه المالحة أحد المصادر الأساسية للمياه العذبة في منطقة الخليج وهناك حاجة ماسة لنقل وتطوير احدث التقنيات والطرق الواعدة في هذا المجال وذلك بهدف خفض تكلفة المياه المحلاة.

2. تشجيع إجراء البحوث الأساسية والتطبيقية لتحسين وتطوير عمليات تحلية المياه في مجالات تطوير نظم المعالجة الأولية، التقليل من استخدام مواد موانع الترسيب، وتطوير المواد الإنشائية المستخدمة في عمليات تحلية المياه للإقلال من آثار تآكل المعادن والسبائك.

د- مجال معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي والصرف الزراعي:
1. التأكيد على تنمية تدوير مياه الصرف الصحي المعالجة والصرف الزراعي للأغراض المختلفة تخفيفا للضغط على موارد المياه الطبيعية الشحيحة.

2. دعم جهود التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات بين الجهات المختصة ومراكز البحث في الدول العربية في مجال تقييم واختيار تقنيات معالجة مياه الصرف الملائمة ومتابعة التطورات التقنية والتطبيقية العالمية في هذا المجال.

3. العمل على وضع معايير موحدة للدول العربية في مجال إعادة استخدام مياه الصرف المعالجة للأغراض المختلفة ( الزراعية، البلدية، والصناعية، وغيرها) وتحديثها بما يتلاءم مع بيئة الدول العربية وظروفها الاقتصادية والاجتماعية.

4. سن القوانين اللازمة للسيطرة على مياه الصرف الصناعي لتحقيق استخداماتها الآمنة ووضع الضوابط المناسبة لمنع تصريفها في شبكات مياه الصرف البلدي، إلا بعد المعالجة اللازمة.

5. تشجيع ودعم الدراسات والبحوث في مجال تقويم المخاطر الصحية والبيئية المرتبطة بمعالجة مياه الصرف وإعادة استخدامها للأغراض المختلفة.

هـ – مجال استخدامات المياه في الزراعة وكفاءة الري:
دعوة الدول العربية إلى دعم التطبيقات الهادفة إلى ترشيد استغلال مياه الري في الزراعة بدول المنطقة، سيما تلك التي تؤدي إلى التوسع في استخدام المياه المالحة في الري، استنباط نباتات مقاومة للجفاف والملوحة، اتباع التراكيب المحصولية المناسبة،وتطوير نظم الري عالية الكفاءة، وتنفيذ برامج التدريب والإرشاد المناسب.

و- مجال مياه الشرب :
مراجعة وتحديث المواصفات الخليجية والعربية الموحدة لمياه الشرب بشكل دوري من خلال القنوات الحكومية لتشمل العناصر والمركبات التي يمكن إضافتها إلى مياه الشرب لتحسين خواصها.
أهداف التنمية المستدامة للموارد المائية في البلدان العربية:

– السعي لإنشاء بنك معلومات مختص في مجال تنمية الموارد المائية بالدول العربية، مع مراعاة المصالح الوطنية لكل دولة.

– تشجيع وتنسيق البحوث في مجال تنمية الموارد المائية وترشيد استعمالها.

– تطوير طرائق الاستعمال غير التقليدي للموارد المائية كالتصفية ومعالجة مياه الأمطار وتصريف المياه وغيره.

– تشجيع الحوار في موضوع التعاون بين البلدان العربية في مجال استعمال الموارد المائية وتقاسمها على نحو عادل.

– تأسيس مراكز تكنولوجية لتطوير الموارد المائية وتنميتها.

وحيث أن معظم الدول العربية تقع ضمن النطاق الجاف فيمكن تحديد النقاط الأساسية التي يمكن الاستدلال منها لإعداد إستراتيجية لإدارة الموارد المائية في البلدان العربية، وهي كالتالي:

1.تحقيق الأمن المستدام للموارد المائية عبر الإدارة المتكاملة، وإنشاء شبكات إقليمية لإدارة الموارد المائية.

2. تنمية قدرات المؤسسات المعدنية بإدارة المياه ورفع كفاءة أفرادها.

3. التركيز على احتياجات والطلب المياه وضرورة خفض الهدر.

4.اعتبار مياه الصرف الصحي مصدراً أساسياً للمياه مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار البيئية والصحية المحتملة لها.