البيئة والتحكم في الإضاءة
البيئة والتحكم في الإضاءة

البيئة والتحكم في الإضاءة


البيئة والتحكم في الإضاءة: إن أهم ما يجب مراعاته عند تصميم الإضاءة في مكان ما هو توفير ضوء كاف يسمح برؤية جيدة ولا يرهق العين، فالإضاءة على علاقة وثيقة بحاسة البصر عند الإنسان، لأن العين تتكيف تماماً مع نوع الإضاءة التي تحيط بها، وهي قادرة على الرؤية في ضوء القمر مع أن الضياء في هذه الحالة لا يتجاوز جزءاً من مليون جزء من ضياء الشمس. ولا يتوقف تكيف العين عند هذا القدر ولكنه يؤثر في الإحساس الناتج من وجود ضوء مهما كانت شدته وكميته، فقد يبدو سطح في شارع مضيئاً ساطعاً في الليل وتراه أقل ضياء في النهار، وهذا ما يمكن أن يسمى الضياء الظاهري أو النسبي، ويقابله الضياء الفيزيائي أو الكمي ويتوقف تحديد ذلك على معرفة العلاقة بين الإضاءة والرؤية، إذ يمكن تحليل آلية الإبصار عند الإنسان إلى عوامل أساسية ثلاثة هي:

البيئة والتحكم في الإضاءة
البيئة والتحكم في الإضاءة

حدة الإبصار visual ecuity.

 

 

  1. إدراك التباين contrast .
  2. الحركة movement

البيئة والتحكم في الإضاءة وعلى هذا الأساس تم التوصل إلى اتفاق عالمي حول طرائق تحديد مستويات الإضاءة وتحديد كمية الضوء اللازمة للرؤية المجدية والمريحة، وحول طرائق التخفيف من العوامل المزعجة كالضوء الشديد والبهر. ولقد سعت بعض الدول إلى وضع قوانين ناظمة للإضاءة وفهارس لراحة البصر visual comfort index أو لدرجة السطوع (البهر) glare index، ولكن مهندسي الإضاءة غالباً ما يصطدمون بعقبات كثيرة تضطرهم إلى التغاضي عن تطبيق مثل هذه القوانين والفهارس زيادة أو نقصاناً، ناهيك عن التضارب الذي قد ينتج من اختلاف وجهات النظر في التصميم بين هندسة الإضاءة والهندسة التزيينية (الديكور) والعمارة.*

  • الإضاءة الداخلية: تميل معظم البلدان إلى تبني نماذج متشابهة تقريباً في الإضاءة الداخلية من حيث مصادر الضوء وطراز العمارة واحتياجات الإضاءة في أماكن الراحة والعمل، ولقد أثبتت الدراسة أن متطلبات الإضاءة في الوقت الحاضر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل عقد من الزمن، وأنها ازدادت خمسين ضعفاً عنها في النصف الأول من القرن العشرين، وليس السبب في ذلك ضعف الرؤية أو تلف البصر عند الإنسان المعاصر، وإنما ميل الناس إلى الرؤية الواضحة حيثما كانوا من دون أن يضطروا إلى الاقتراب من منبع الضوء أو انتظار بزوغ الشمس للقيام بأعمالهم. وغدت الإضاءة المركبة أو المختلطة هي الأكثر قبولاً في الإضاءة الداخلية، الأمر الذي يتطلب تعاوناً بين مهندس الإضاءة ومهندس التزيين الداخلي أو ما يسمى «الديكور» من أجل توفير بيئة داخلية مفيدة ومريحة.

البيئة والتحكم في الإضاءة

1- في دور السكن: ما يزال الضوء المركزي المتدلي من السقف، وسواء كان مصباحاً مفرداً أو ثريا متعددة المصابيح، هو الأسلوب الأكثر شيوعاً في إضاءة المنازل العادية، وغالباً ما يكمله ضوء جداري واحد أو ضوءان مع ضوء أرضي محجوب على منضدة العمل أو قائم في أحد الزوايا، وتعد هذه الإضاءة من أفضل الطرائق المعتمدة لراحة البصر وأكثرها اقتصاداً، إذ تكون العين أكثر فاعلية وأقل إجهاداً عندما تكون الإضاءة في مكان العمل (عند القراءة مثلاً) أكثر بقليل منها فيما يحيط بذلك المكان، ولكن من غير الجائز أبداً الاكتفاء بضوء منضدة واحد في الغرفة لأنه يجعل الغرفة أشد إظلاماً ويؤدي إلى إرهاق البصر.

البيئة والتحكم في الإضاءةوثمة مصابيح تنثر ضوءاً عاماً مع تركيز حزمة من الضوء على مكان محدد في آن واحد، وهي من أفضل مصادر الضوء اقتصاداً لإضاءة أماكن العمل ضمن المنازل. ويعد المصباح الكهربائي المتوهج ذو السلك المعدني أكثر المصابيح ملاءمة لجو المسكن الاجتماعي بسبب لون ضيائه المائل للصفرة لأنه يشعر الإنسان بالدفء والراحة.

أما مصابيح التألق الغازية (الفلورسنت) فهي المفضلة في بعض الأماكن من المنزل كالمطابخ، وغير مرغوب فيها في غرف الجلوس والنوم بسبب حجم مصباحها من جهة ولمشابهة ضوئها ضوء النهار الذي قد يرغب الناس عنه.

 

البيئة والتحكم في الإضاءة وأما الإضاءة المفضلة لمشاهدة التلفزيون فهي مثار جدل كبير، ويفضل معظم الناس أن تكون الإضاءة عادية من دون أن يلحق ذلك أي أذى بالعين، غير أن الضوء الأبيض المسلط على الشاشة الملونة مباشرة يشوه ألوانها، وتتوقف سوية الإضاءة عند مشاهدة التلفزيون على الإحساس الشخصي مع تجنب انعكاسات الضوء المزعجة، ويفضل في معظم الأحوال أن تكون الإضاءة خلفية وأن تكون سويتها أقل بقليل من تلك المستعملة في القراءة أو العمل.

2- في المدارس: تميل بعض الدول إلى جعل الإضاءة في المدارس شبيهة بإضاءة المنازل، في حين تصر دول أخرى على وضع مصدر الضوء فوق ساحة العمل كمقاعد الدرس والسبورة، وتفضل إضاءة المدارس بمصابيح التألق الغازية المثبتة في السقف، أو بإضاءة السقف إضاءة شديدة لا تترك ظلالاً على سطح العمل.

*

3- في المكاتب: كان الضوء الطبيعي الداخل من النوافذ أساس الإضاءة في المكاتب في النهار لذا وجب أن تكون النوافذ عريضة وموجهة، في حين كانت الإضاءة الصنعية مخصصة للعمل بعد حلول الظلام أو في المكاتب التي لا يدخلها الضوء الطبيعي. وقد أظهرت الدراسات اللاحقة ميزات التكامل بين الإضاءتين الطبيعية والصنعية من أجل تحسين نوعية العمل، فلم تعد ثمة ضرورة لجعل النوافذ كافية لتوفير الضوء اللازم في ساعات النهار، غير أن وجودها مهم جداً لأنها تربط العاملين في المكتب بالعالم الخارجي، وقد اعتمد هذا المبدأ في معظم البلدان، ولم يؤخذ به في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يفضل العمل بالإضاءة الصنعية ليلاً ونهاراً ولو بإسدال الستائر لتخفيف وهج الضوء الطبيعي.

البيئة والتحكم في الإضاءة وتعتمد إضاءة المكاتب عادة على مصابيح التألق المثبتة في السقف، ظاهرة أو مخفية، لكي تعطي ضوءاً متجانساً فوق ساحة العمل كلها، وتسمح بترتيب حجرة المكتب بحسب مقتضيات العمل وذوق شاغله، ولا تقل سوية الإضاءة في المكتب عادة عن 10% إلى 20% من الضوء الطبيعي، إذ يعتقد أن هذه هي الدرجة المثلى للإضاءة عند استعمال الورق الأبيض.

 

4– في المشافي: يميل الأمريكيون إلى عدم استعمال الألوان في طلاء الجدران، والإقلال من استعمال المعلقات (لوحات أو صور) مع توفير مستويات عالية من الإضاءة بمصابيح التألق ظاهرة أو مخفية في السقف وفوق رؤوس الأسرة مباشرة، في حين يأخذ معظم البلدان الأخرى، وفي أوربة خاصة، بمبدأ توفير الإضاءة المريحة بسويات منخفضة نسبياً مع تلوين الجدران والستائر بأسلوب يمنح المرضى شعوراً بالراحة كما لو كانوا في منازلهم. أما غرف العمليات فتتطلب بطبيعة الحال تركيز إضاءة بسوية عالية خالية من الظلال فوق سطوح العمل بصرف النظر عن مكان وقوف الجراح أو حركته. وغالباً ما يوفر ذلك من مصدر ضوئي كبير جداً ومتعدد الأضواء معلق فوق طاولة العمليات، وهو الحل الأقل تكلفة، أو من سقف إهليلجي عاكس مضيء إضاءة كلية يضم عدداً من المنابع الضوئية الصغيرة الموجهة إلى ساحة العمل يتحكم الجراح نفسه في توزيع ضوئها أو اتجاهه بأزرار في متناول يده، ومن المهم جداً أن تتمم هذه الإضاءة بإضاءة عامة لغرفة العمليات خالية من الظلال كي يتمكن مساعدو الجراح من القيام بعملهم بكفاية من غير إجهاد للبصر.

 

5- في المصانع والمعامل: تعد إضاءة سطوح العمل إضاءة كافية مطلباً أساسياً، وغالباً ما تكون الإضاءة فيها بمصابيح تألق غازية ذات سوية عالية مثبتة في السقف. ومن المتفق عليه عالمياً أن تراوح شدة الإضاءة بين 10% و25% من الضوء الطبيعي في يوم مشرق.

 

البيئة والتحكم في الإضاءة وتختلف مشكلة الإضاءة هنا عنها في المكاتب، لأن التعامل في المكاتب غالباً مع الورق الأبيض، في حين يرتبط العمل في المصنع بمواد مختلفة متباينة الألوان أقل عكساً للضوء من الورق توفر راحة أكثر للبصر مهما كانت شدة الإضاءة، وقد أثبتت الخبرة الطويلة أن ارتفاع سوية الإضاءة في المعامل يزيد الإنتاج ويعطي مردوداً يعوض ما ينفق عليها. البيئة والتحكم في الإضاءة والجدير بالملاحظة هنا أن بعض المهمات الصناعية الدقيقة تتطلب إضاءة إضافية أو متممة قد تبلغ سويتها سوية الإضاءة الطبيعية في نهار مشرق كتجمع الآلات الدقيقة والساعات وآلات التصوير، وكذلك مكاتب الرسم التي يفضل الرسامون العاملون عليها سوية عالية من الإضاءة.