التصميم الآمن للمبنى


التصميم الآمن للمبنى

لاشك أنه يجب توفر عامل الأمان للمبنى حتى يمكن أن يطلق عليه أنه صديق للبيئة , ونظرا لأن المستوطنات البشرية و المباني يمكن أن تتأثر بالكوارث الطبيعية في بعض المناطق كالسيول و الفيضانات و الزلازل و الأعاصير و غيرها , لذلك يجب دراسة كل منطقة أو موقع بحيث يتم تلافي الأخطار الطبيعية و التي يمكن أن تتواجــــــــــــــــــد , ففي المناطق التي تشتهر بالسيول فيراعى عدم البناء في مسارات و مخرات هذه السيول و التي تتخذها السيول كطريق لها أو عمل الاحتياطات اللازمة إما بتغيير مجرى السيل نفسه أو بالاستفادة من مياهه عن طريق توجيهه إلى خزانات أرضية مصممة و مدروسة لتستوعب الكميات المتوقعة من مياه هذه السيول .

 

أما بالنسبة للزلازل فيجب مراعاة عوامل الأمان لعناصر المبنى الإنشائية خلال مرحلتي التصميم و التنفيذ مع تطبيق المعايير التصميمية الخاصة , كما يجب تلافي المخاطر التي يمكن أن تهدد سلامة المبنى و شاغليه , وهذه المخاطر يمكن أن تحدث نتيجة لعوامل الإهمال البشري أو سوء تنفيذ بعض الأعمال وعدم مطابقتها للمواصفات الفنية , و يأتي نشوب الحرائق بالمباني على رأس هذه المخاطر و التي غالبا ما تؤدي إلى مآسي مفجعة و خسائر بشرية و مادية كبيــــــرة , وهناك العديد من الاعتبارات الواجب إتباعها لتجنب أخطار الحريق خاصة بالمباني العالية , ومن هذه الاعتبارات ما يتعلق بالشوارع المحيطة بالمبنى و العروض المناسبة و التي تكفل سهولة حركة سيارات الإطفاء و الإسعاف بالموقع , مع توفير مصادر مياه لإطفاء الحريق .

 

 

و هناك اعتبارات تتعلق بالمبنى نفسه باستخدام حوائط و عناصر إنشائية مقاومة للحريق مع توفير السلالم المناسبة و بالعدد الذي يتناسب مع عدد شاغلي المبنى , إلى جانب استخدام التجهيزات المتطورة للسيطرة على الحرائق خاصة في المباني العامة مثل أجهزة الكشف المبكر عن الأدخنة و النيران و الوسائل الميكانيكية للتهوية و شفط الدخان و الرشاشات التلقائية و الأبواب المقاومة للحريق , كما أنه من الأهمية البحث عن بدائل للمواد و الخامات سريعة الاشتعال و التي تستخدم في المباني (مثل أرضيات الموكيت مثلا) خاصة في الأماكن التي بها تجمعات كثيفة مثل الفنادق و المراكز التجارية .

 

التصميم الآمن للمبنى و الطابع المعماري المتوافق مع البيئة :

من أهم الصفات التي يجب توافرها في المبنى الصديق للبيئة هي أن يتوافق الطابع المعماري له مع البيئة من الناحية التاريخية و الاجتماعية بل ومع العادات و تقاليد المجتمع الذي يستعمل هذا المبنى مهما كانت الوظيفة التي يؤديها , ذلك لأن الطابع المعماري يعكس صورة الحضارة الإنسانية في كل زمان و مكان و يمس شخصية المجتمع و اتزان الفرد فيه من الناحية الصحية و النفسية .

 

 

 

التصميم الآمن للمبنى

وكلمة (طابع) تعني السجية التي فطر عليها الإنسان , أي التلقائية بلا افتعال أو إملاء , أما عند تخصيص المعنى بالنسبة للطابع المعماري فتكون التلقائية هي نبت البيئة و يظهر ذلك في استخدام أشكال معمارية تكيفت مع ظروف هذه البيئة بما يقابل السجية التي فطر عليها الإنسان , و على ذلك فإن الطابع المعماري لا ينشأ فجأة ولا يأتي من فراغ , بل إنه يأتي نتيجة مراحل تطور عدة مر بها فن العمارة ليرد على متطلبات البيئة و المجتمع الذي نشأ فيه هذا الطابع .

و يمكن إيجاز العوامل التي تؤثر على الطابع المعماري في مجموعتين رئيسيتين و هما

المجموعة الأولى : و هي عوامل البيئة الطبيعية التي تحدد خواص المكان و يكون تأثيرها عليه بطريقة مباشرة على مدى العصور المتعاقبة , فهي إذن ثابتة التأثير زمانا و مكانا على الطابع المعماري كالعوامل المناخية و الجغرافية و مواد البناء المحـــــــــلية .
المجموعة الثانية : وهي العوامل الحضارية التي هي ناتج تفاعل الإنسان مع بيئته الطبيعية وهي تشمل العامل الديني و الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي إلى جانب الأفكار الفلسفية و العلمية و الفنية .
وبالنظر إلى العمران المعاصر نجد أن(الطراز الدولي للعمارة) و الذي أملاه المعماريون الغربيون على المجتمع العالمي بغرض توحيد الفكر المعماري و التخطيطي في جميع أنحاء العالم نجده أصبح مهيمنا دون مراعاة للاختلافات البيئية و الحضارية و الثقافية لكل مجتمع , ومن هنا تظهر أهمية التعمق في التراث المعماري الخاص بكل منطقة من أجل الاستفادة من الظروف التي أوجدت هذا التراث ثم تقييمه بغرض استلهام ما يتواءم منه و يصلح للتطبيق في البيئة و المجتمع المعاصر , ومن هنا تكون البداية لإيجاد طابع معماري للعمارة و المباني بما يتوافق مع كل بيئة بشقيها الطبيعي و الحضاري .

الحديقة و المبنى :

يلاحظ بصفة عامة انخفاض الوعي المعماري الحضاري في بعض المجتمعات حيث ينظر إلى الدعوة لوجود الحدائق على مستوى المدن و المباني على أنها رفاهية أو من الكماليات , ولكن إذا تأملنا هذه الدعوة نجد أنها اتجاه حضاري قد أكد و أشار إليه القرآن الكريم حيث يقول الله سبحانه و تعالى : (( أمن خلق السماوات و الأرض و أنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها .. )) (من الآية 60 – النمل) , فالآية الكريمة وصفت الحدائق بأنها ذات بهجة وهي إشارة للجوانب الجمالية للحدائق , إضافة للفوائد الصحية للمناطق الخضراء فهي تعمل على تنقية الهواء من الغبار و الأبخرة و المخلفات العديدة العالقة به , كما أن لها تأثير مباشر في تلطيف الجو و تحسين المناخ المحلي خاصة في المناطق الحارة , إضافة للأثر النفسي الجيد و كذلك التأثير الاجتماعي للمناطق الخضراء خاصة على مستوى المجموعات و المجاورات السكنية فهي ضرورية لخلق نوع من التقارب و الترابط الاجتماعي بين الأسر المختلفة .
وفي المباني القديمة كان الفناء الداخلي هو المكان الأمثل لتواجد حديقة المبنى أو المسكن كما في شكل (7.3) , و أصبحت هذه الحديقة إلى جانب تأديتها وظيفة هامة و هي المساهمة في تلطيف درجات الحرارة الداخلية للمسكن فإنها كانت المكان الرئيسي لمعيشة الأسرة و لعب الأطفال حيث الهدوء و الأمان و الخصوصية المرغوبة , فالحديقة كانت في قلب المسكن أو المبنى .

وبصفة عامة فإن أي حديقة , تتألف من العناصر الرئيسية التالية : –

الأشجار و النباتات :

من أجل إيجاد المتعة البصرية و توفير الظلال إلى جانب إمكانية الحصول منها على الفواكه و الخضروات , أو استخدام الأشجار كسور يحمي الحديقة من أعين المتطفلين و للحماية أيضا , ولكن يراعى عدم استعمال الأشجار و النباتات و التي تسبب الحساسية لدى بعض الأفراد , كما يجب الحرص على زراعة النباتات و الأزهار ذات الروائح الزكية مما يكسب المبنى رائحة طيبة بشكل دائـــــــــم .

– الماء :

و يتم استخدامه في الحديقة بأشكال متنوعة على هيئة مسطحات مائية مظللة بالأشجار أو على شكل نوافير تساعد على تحريك الماء حتى لا يعمل كسطح عاكس للأشعة الشمسية في حالة وقوعها على الماء , أو على شكل شلالات أو أنابيب علوية يتساقط منها الماء محدثا صوتا و خريرا جميلا , وكل هذا التنوع و الإبداع في استخدام الماء بالحدائق يكون بغرض الحصول على أكبر متعة بصرية و صوتية ممكنة مع استعمال أقل قدر ممكن من الماء إلى جانب مساهمته في تلطيف و ترطيب الجو .

– المجالس المظللة و المكشوفة :

حيث تستخدم الأماكن المظللة بالأشجار أو البرجولات أو على هيئة أكشاك خشبية في أثناء الأوقات المشمسة و الحارة , كما يمكن توفير بعض المقاعد أو الأرائك في أماكن مكسوفة للاستخدام ليلا أو للاستمتاع بشمس الشتاء .