الحث الجيني و استئصال الامراض الوبائية


الحث الجيني و استئصال الامراض الوبائية :

الحث الجينيفي شهر مارس عام 2015 نشر بحث من جامعة كاليفورنيا ساندييجو على ذبابة الفواكه (فروت فلاي) تشرح طريقة اسمها تسلسل التفاعلات لإحداث الطفرات “الحث الجيني”. وهي طريقة لزرع طفرة في كلا نسخ الجين وليس في نسخة واحده فقط و بشكل تلقائي. وهذا يعني انه هذه الطريقة سوف تنتج سلالات معدل بالكامل من هذه الحشرات ، و قد يسبب هذا الامر خلل في التوازن البيئي لو تسربت من المختبر .و ولكن هذه الطريقة في نفس الوقت قد تستعمل لاستئصال الملاريا او بعض الامراض التي تنقلها الحيوانات و الحشرات. كان البحث مثيراً جدا ولكنه أيضاً فتح تخوفات لا تقل عن الآمال و تعكس قوة هذه التقنية في تغيير تسلسل الحمض النووي للجينات لمكافحة الامراض الوبائية بإنتاج بعوض معدل جينيا لكي يكسر حلقة انتشار وباء الملاريا الذي يحصد أرواح مئات الالاف من البشر سنوياً و الذي استعصى على العلماء و الباحثين استأصله بطرق اقل خطورة على البيئة.

 

 

تقنية كريسبر في النبات والصناعة:

تقنية كريسبر من المؤكد ستتجاوز كل توقعاتنا بكثير لأن الكثير من الصناعات تعتمد الآن على الهندسة الوراثية. وقد بدأ الباحثون فعلياً باستخدام كريسبر لتطوير تقنية الوقود الحيوي بتحوير بعض النباتات لإنتاج أفضل. وكذلك تعديل و تصنيع انزيمات جديدة و اكثر فاعليه للأسواق الصناعية كاستخدامها في منظفات الملابس مثلا، ومعالجة المياه إعادة استعمال الورق. كذلك في الزراعة، فهناك توجه لبعض الشركات لاستخدام كريسبر لجعل المحاصيل أكثر مقاومة للآفات والجفاف، بدون استخدام الطرق القديمة في التعديل التي واجهتها مشاكل تقنية معقدة. كذلك هناك شركات عملاقة في التصنيع الغذائي تتعاون مع بعضها البعض في مجال التعديل الجيني باستعمال تقنية كاريسبر (كشركة دوبونت و شركة دودنا و كاريبو للعلوم البيولوجية) لإنتاج ذرة و قمح معدل وراثياً قد تصل للأسواق في غضون خمس سنوات. كذلك مربوا الحيوانات من الشركات العملاقة فقد تقوم بتسخير هذه التقنية لإنتاج حيوانات ذات كتلة عضلية أكبر واللحم اكثر طراوة و بشكل اسرع في عملية التهجين مقارنة بالطرق القديمة. ايضا الشركات التي تهتم بالصناعة الغذائية مثل شركة دانون للألبان قامت بتصنيع سلالات من البكتيريا التي تنتج اللبن الزبادي بطعم أكثر لذه ويبدو ان المنتجات الغذائية الأخرى كالأجبان والخبز قد تسخر هذه التقنية ايضا للاستفادة منها لتحسين وتطوير الصناعة الغذائية.

مخاوف تحتاج الاهتمام

رغم إمكانيات تقنية “كريسبر” الواعدة، يشعر العلماء بالقلق من إيقاع التطور السريع في هذا المجال، كونه لا يعطي الوقت لمناقشة المخاوف الأخلاقية، وعوامل السلامة التي قد تطرأ خلال هذه التجارب. فبعض العلماء يرغبون في إجراء المزيد من الدراسات حول احتمال أن يتسبب استخدام هذه التقنية في إنتاج تعديلات جينية شاذة أو خطيرة، بينما يشعر آخرون بالقلق من تسبب الكائنات المعدلة وراثيًّا في إحداث اضطرابات أو انهيارات في توازن الأنظمة البيئية كلها.

تفشي وانتشار الطفرات:

وصف احد الباحثين طريقة لإنتاج صنف من الفئران مصابة بسرطان الرئة عن طريق احداث طفرة في جين محدد و ذلك باستخدام تقنية كريسبر وإدخال هذا الجين المعدل الى رئة الفأر عن طريق فيروس يحمل هذا الجين .هذا الطريقة سوف تسرع في عمل الأبحاث المتعلقة بسرطان الرئة لاكتشاف علاج شافي لهذا المرض في الانسان. و مع ان هذه الطريقة تعتبر ثورة حقيقة في الأبحاث الا ان علينا ان نفكر و نضع التشريعات و التنظيمات و الاحتياطات التي تمنع انتقال هذا الفيروس الذي يحمل هذا الجين الخطير الى الانسان من دون قصد نتيجة لعدم عمل احتياطات بداخل المختبر .

ويحذِّر عدد من العلماء للحاجة لإجراءات كثيرة قبل استخدام تقنية “كريسبر” بسلامة وفعالية، كما يحتاج العلماء إلى زيادة فعالية تقنية التعديل الجيني، والتأكد ـ في الوقت نفسه ـ من عدم إحداث أي تغييرات في جينات أخرى بالخطأ، قد تؤدي إلى أضرار، أو عواقب وخيمة على الصحة. فإذا مثلا قام احد العلماء بعرض علاج لمرض فقر الدم المنجلي في إحدى الخلايا الجذعية باستعمال هذه التقنية فمن المطلوب ان يستطيع المختص ان يخبر المريض عن الأضرار الأخرى التي ربما تحدث لو حدث القص و التعديل في أماكن أخرى غير مقصودة و هذه المعلومات و المخاطر ليست متوفرة لكي يخبر المختص المريض عنها نتيجة لعدم عمل بحوث مستفيضه في هذا المجال .

تغيير في التوازن البيئي

كذلك البحث الذي ذكرنا على ذبابة الفواكه من جامعة كاليفورنيا فانه جعل هناك خطورة حقيقية في مخاطر انتقال هذه الحشرات المعدلة وراثياً خارج المختبر إذا لم توضع ضوابط احترازية وقوانين او إرشادات تلتزم بها المراكز البحثية لكي لا تحدث أمور لا تحمد عقباها. وقد شكَّل المجلس الوطني الأمريكي للبحوث لجنة لمناقشة تجارب الحث الجيني ووضع ضوابط و نتوقع ان تظهر تشريعات في هذا المجال قريباً.