الدورة السنوية عند شجرة العنب


تتميز حياة شجرة العنب بتعاقب دورات سنوية مستقلة يضمنها بالدرجة الأولى وجود البـراعم التي يمكنها أن تنمو وفق دورة خضرية معطية أغصان مورقة، أو دورة خضرية وتكاثريـة فـي آن واحد بعد خضوعها إلى التنبيه الزهري (1989 ،REYNIER) ،

وتتلخص دورة الحياة في ما يلي:

1 – الدورة الخضرية للعنب:
وتتضمن نمو وتطور الأعضاء الخضـرية (أغصـان ، أوراق ، محـاليق ، …) وديمومتهـا بواسطة تخزين المغذيات (العهون) وكمون البراعم.

1.1 – ظهور العصارة (les pleurs)
تبدأ هذه المرحلة في نهاية الشتاء قبل انتفاخ البراعم وتمتد إلى بداية تفتحها، وهي ناتجة عـن عودة النشاط الفيزيولوجي المتمثل في حركة النسغ الناقص في النبات الذي يعبر عنه بسيلان العصارة من نهاية الأغصان عند تقليمها (1986 ،HUGLIN) ، وحسب (1989) REYNIER فهـي تتوافـق مـع دخـول النظـام الجـذري فـي النشـاط تحـت تـأثير درجـة الحـرارة، وأوضــح كـل مـن (1967) ANTECLIFF et SKENE في الأشـرم (1993) وجود كميات ملحوظة من الهرمونات النباتيـة والجبرلينات والسيتوكينات في العصارة الناتجة.

2.1 – الإكماخ (débourrement)
يبدأ في فصل الربيع وتُعرف بداية هذه المرحلة بعد انفراج الحراشف المغطية للبراعم الشتوية وتُميز بالمرحلة B من المراحل المسطرة من طرف (1952) BAGGIOLINI حيث تليهـا المرحلـة C المميزة لبداية ظهور الغصن الفتي (pointe verte) ،أما تاريخ اكماخ براعم الغرسة فيسـجل عنـدما يصل حوالي %50 من البراعم إلى المرحلة B لأنه في نفس الغرسة لا تكمخ كل البـراعم فـي وقـت واحد، و يلاحظ هذا الإخـتلاف كـذلك بـين الأنـواع حسـب (1966) POUGET فـي ( HUGLIN (1986 وهذا راجع إلى درجة الحرارة المحيطة التي عبر عنها (1989) REYNIER بعمليتين متتاليتين هما:

1ـ عتبة النمو الحقيقي: وهي مابين 4إلى 5درجات والمطابقة للدرجات الحرارية التي ابتـداء منهـا يبرز النشاط الخلوي.

2ـ عتبة النمو الظاهري: وهي في حدود 10درجات التي توافق درجة الحرارة المتوسطة اليومية التي ابتداء منها يحدث تطور الأعضاء.

 

 

download-1

 

 

 

كما أن البراعم الأولى المتوضعة على القصبة تكون السباقة إلى الإكماخ وهـذا راجـع إلـى السيادة القمية (أولوية نمو البراعم العلوية) التي تميز نبات العنب (acrotonie) لـ (1965 ، BESSIS) .

3.1 – نمو الأغصان:
النمو يميز بتطاول الأغصان الناتجة من البراعم الساكنة ،(1993) GALET ويمثّل النمو تعاقب لأطوار أنشطة مختلفة، ونمو الغصن يشمل ثلاث أطوار:

الطور الأول: يمثل فترة التسارع البطيء في النمو.
الطور الثاني: يمثل فترة النمو اليومي السريع ثم يبطىء إلى أن يتوقف مؤقتا أثناء التمييز الزهـري وذلك نظرا للمنافسة من قبل البداءات الزهرية.
الطور الثالث: فترة النمو المتباطىء التي تنتهي بتوقف النمو.
4.1 – توقف النمو:
التوازن الهرموني هو المسؤول عن توقف النمو حيث أن نسبة الأوراق الفتية علـى الأوراق البالغة هي المحددة لذلك (1993 ،GALET) ،وتعتبر الأيام القصيرة (الأقل من 12سـاعة) مـن بـين العوامل الرئيسية الدالة على توقف النمو بالإضافة إلى درجة الحرارة، وظاهريا يعبـر عنـه بجفـاف وسقوط البرعم النهائي، وعموما هي الفترة الممتدة مـن 100إلـى 120يومـا بعـد تفـتح البـراعم .(1984 ،CHAMPAGNOL)

وحسب (1993) GALET لا يكون توقف النمو في غالب الأحيان نهائيـا فـي المنـاطق ذات الحرارة الشديدة، حيث تستطيع البراعم الساكنة بفعل أمطار نهاية الصيف أن تدخل فـي نمـو سـابق لأوانه بعد أن كانت ساكنة منذ بضعة أسابيــع (رفع الكمون بالجفاف والحـرارة) ويسـمى بـالنمو الخريفي (croissance automnale) ،وهذه الظاهرة مشاهدة عند الأصناف الجزائرية.

5.1 – نضج الأغصان (العهون) (aoûtement):
يبدأ العهون خلال مرحلة النمو ويمكن ملاحظته بتلون قاعدة الأغصان باللون الأسمر، حيـث يقوم النبات بتخزين المغذيات (النشاء)، كما لاحظ (1966) BOUARD أيضا تزايد تدريجي فـي كميـة السكريات الكلية في الغصن، أما من الناحية الفيزيولوجية فتترجم هـذه الظـاهرة بحـدوث تغيـرات مورفولوجية وتشريحية وبيوكيميائية :

1تغيرات مورفولوجية:

ويميزها تغير لون وصلابة الغصن من الأصفر اللين إلى الأسـمر الصـلب وتبدأ هذه التغيرات تدريجيا من قاعدة الغصن إلى طرفه.

2تغيرات تشريحية:

تكون أنسجة فلينية جديدة عازلة للطبقات الخارجية وذلك بعد النشـاط المكثـف للفيلوجان.

3تغيرات بيوكيميائية:

وتتميز بانخفاض شديد للماء (déshydratation ) من الأنسجة السـائرة إلـى النضج من % 90 إلى %50 أو ،%30 يرافقه تراكم كبير للنشاء في الأغصان الذي يؤمن نمو الفـرع في العام القادم.

6.1 – كمون البراعم:
لا تتطور البراعم أو العيون الساكنة في عام تكوينها بل تبقى في حالة راحة حتـى الخريـف القادم وحسب كل من ( 1989) REYNIER( و1971) RIBEREAU-GAYON et PEYNAUD فإن فترة الراحة للبراعم تتضمن 5أطوار.

 

 

 

download

 

 

 

7.1 – سقوط الأوراق:
تظهر الأوراق عند العنب أثناء نضج الأغصان مصفرة وذلك في الأصناف البيضاء ومحمـرة عند الأصناف الحمراء والسوداء (1989) REYNIER ويستثنى من ذلـك تغيـر اللـون النـاتج عـن الأمراض الفطرية والفيروسية.

يبدأ سقوط الأوراق بتكوين منطقة أقل مقاومة في قاعدة العنق وهذا بفعل نشاط إنزيمي وتدخل بعض منضمات النمو مثل حمض الأبسيسيك (ABA) acide bscissique ويليهـا بفتـرة وجيـزة( 2إلى 3أيام) توضع للكالوز (callose) على الأنابيب الغربالية للّحاء .

2. الدورة التكاثرية:
تبدأ هذه الدورة بتشكل العناقيد الزهرية في البراعم الساكنة للعام السابق وتنتهي بنضج الحبات.

1.2 – بداية تشكل بداءات الأزهار(initiation florale ):
تتضمن هذه المرحلة طورين أساسيين:

النشوء الزهري (induction florale) :

ويشمل جميع الظواهر السيتولوجية التي تؤدي بالمرسـتيم بالمرور من الحالة الإعاشية إلى الحالة التكاثرية.

التمــايز الزهري (différenciation florale) :

الذي يســمح بتكـوين البـداءات الزهريــة (1984 ،CHAMPAGNOL).
هاتان الظاهرتان تحدثان في العام الذي يسبق ظهور العناقيد الزهرية على الغصن، أما اكتمال تمايز الأزهار فيحدث بعد مرور البرعم بفترة كمون وقبل موسم التلقيح بقليل(1989 ،REYNIER ).

2.2 – الإزهار:
تتفتح زهرة العنب بعد اكتمال تكوينها وتعرف بداية هذه المرحلة بسقوط التويج الملـتحم مـن على كرسي الزهرة، ويختلف موعد إزهار العناقيد الزهرية في الشجرة الواحدة، كما لا تتفتح أزهـار العنقود الواحد في نفس الموعد، وتمتد فترة التزهير من 8إلى 14يومـا (الأشـرم، ،1993) وتسـاعد الحرارة على تجفيف الغلاف البتلي وأحيانا تنفصل البتلات من الأعلى حيث تكون شكلا نجميـا وقـد تبقى ملتحمة دون انفصال معيقة بذلك حدوث التلقيح (1984 ،DOAZAN).

3.2 – التلقيح والإخصاب:
عند توفر الظروف البيئية المناسبة تتم عملية التلقيح الذاتي للأزهار الخنثى وتلعـب كـل مـن الرياح والحشرات دورا مهما في هذه العملية، وتعتبر الحرارة أكثر العوامل أهمية فـي إنبـات ونمـو حبوب اللقاح إذ أن أقصى نمو لها يكون في حدود °25م، أما المطر والبـرد فيعيقـان نسـبة إنباتهـا (الأشرم، 1993).

تتميز أشجار العنب كغيرها من مغطاة البذور بالإخصاب المضاعف الذي ينتهي بتكوين الجنين (2n) والسويداء (3n) وفي غالب الأحيان يكون هذا الإخصاب غير كامل، فنادرا ما تتشـكل 4بـذور كاملة، فحسب (عتمان وآخرون 1990) يمكن بالاعتماد على البذور المتشكلة بعد الإخصاب مـن تمييـز الأشكال التالية:

1ـ حبة عنب تحتوي على عدة بذور صلبة وكاملة في حين تكون البذور الأخـرى مجوفـة، وتمثـل الحالة العامة (baie pyréneé).

2ـ حبة عنب تحتوي على بذور مختزلة (sténospermique) وهي حالة عاديـة عنـد Sultanine و Perlette وغير عادية عند بقية الأصناف.

3ـ حبة عنب لا تحتوي على بذور ناتجة من حدوث تلقيح بدون إخصاب وهـي حالـة عاديـة عنـد Corinthe Noirوغير عادية عند بقية الأصناف.

4ـ حبة عنب خضراء لا تحتوي على بذور وتوافق مبيض غير مخصـب وتبقـى الثمـرة صـغيرة خضراء اللون.

4.2 – الانعقاد (nouaison)
تسمى عملية تطور الأزهار المخصبة إلى ثمار بالانعقاد في حين أن الأزهار الأخـرى غيـر المخصبة تسقط وتسمى بعملية الانتثار (coulure).

أما نسبة بالانعقاد ( de nouaison%) فإنــها من العوامل الهامة للإنتـاج، وقـد عرفهــا (1968) BESSIS et BUGNON بأنها حاصل قسمة عدد الثمار المنعقدة خلال 15يوما بعد الإزهـار على عدد الأزهار في العنقود الزهري، وذكر (1995) GALET أنه حسـب الأصـناف فـإن النسـبة المتوسطة للانعقاد تتغير من 25إلى % 50وهي نسبة متغيره من سنة إلى أخرى كما أعطى مفهومين لهذه العملية:

نسبة النضج ( de maturation%) : التي تساوي حاصل قسمة عدد الثمار الناضـجة خـلال جمـع المحصول على عدد الثمار المنعقدة وهي تعطي صورة واضحة على الضياع الحاصـل خـلال نمـو ونضج الثمار.

نسبة الإثمار ( de fructification%) :تساوي حاصل قسمة عدد الثمار الناضـجة خـلال جمـع المحصول على عدد الأزهار في العناقيد الزهرية وتعطي صورة واضحة على المردود الكلي.

ويرجع عدم تطور كل الأزهار إلى ثمار إلى اعتبارات تتلخص فيما يلي:

1ــ الـ(Filage) :
يكون حدوثه قبل عملية الإزهار بتحول بعض العناقيد الزهرية إلى محاليق، وسبب حدوثه يكون إما بفعل إضاءة غير كافية أو التعرض لدرجات حرارية أقل من °15م لفترة طويلة، كمـا يسببه حدوث بعض الإضطرابات الفيزيولوجية كخلل في توزيع السكريات أو السيتوكينلت من الجـذور إلى هذه الأعضاء، أضف إلى ذلك قوة الأصل المستعمل.

2ـ الانتثار (Coulure) :
أساسه عدم تحول الأزهار إلى ثمار وهذا راجع إلى عدة أسباب:

أسباب فيزيولوجية:

وفيها يحدث اختلال في العلاقة الطبيعية بين قوة النمو الخضري للنبات وإثمـاره حيث يؤثر سلبا على نمو الأزهار والعناقيد الزهرية والثمرية وذلك نتيجة المنافسة على المواد الغذائيـة ويكون سببها أيضا ارتفاع القوة (vigueur) نتيجة التسميد المفرط أو استعمال أصول من طبيعة قوية (1989 ،REYNIER).

أسباب مناخية:

وتشمل تأثير كل من الضوء والحرارة والرطــوبة والأمطار على عمليـــــة التلقيح.

أسباب مرضية:

وسببها تدخل الطفيليات كالحشرات والأمراض الفطرية والفيروسية.
أسباب عضوية:
وتعزى إلى عدم اكتمال تكوين حبات اللقاح أو حدوث نقص في تكوين البويضـات مما يعيق عملية الإخصاب ويؤدي ذلك إلى تكوين حبات لا بذرية صغيرة تشوه شكل العناقيد.

3ـ تطور حبات العنب دون حدوث إخصاب (millerandage) :
وهي مرحلة انتقاليـة تحـدث بـين الانتثار والتطور العادي لحبة العنب، أما حبات العنب الناتجة عن هذه الحادثة فتبقى صغيرة الحجم إلى أن تصل في نهاية الأمر إلى حالة النضج الفيزيولوجي، ومـا يميزهـا هـو عـدم احتوائهـا علـى بذور(apyrène) وتحتوي على كمية عالية من السكريات أما الحموضة فهي قليلة مقارنة بحبات العنب الطبيعية (1989 ،REYNIER).

 

 

 

%d9%83%d9%8a%d9%81%d9%8a%d8%a9_%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%b9%d8%a9_%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%8a%d9%88%d9%8a

 

 

5.2 – مراحل تطور حبات العنب:
يجـ ـري نمـ ـو حبـ ـات العنـ ـب فـ ـي مـ ـرحلتين تفصـ ـل بينهمـ ـا مرحلـ ـة الارقـ ـاق وهما:

1ـ مرحلة نمو الحبة الخضراء:

تبدأ هذه الفترة بعد انعقاد الحبات وتنتهي مع بداية تلونها )الارقاق(، حيث يطرأ عليها حـادثتين أساسيتين متتاليتين هما الانقسام الخلوي أولا ثم ازدياد حجم الخلايا، وحسب (1996) FLAMAND فإن حجم الثمار يكون أكثر حساسية للنقص المائي، وتكون أوعية الخشب هي المسئولة عن تزويد الحبـات بالماء، أما كمية السكريات فتبقى منخفضة وثابتة والحموضة عالية (عتمان وآخرون، 1990).

2ـ مرحلة نضج الحبات:

مما يميز هذه المرحلة هو زوال اللون الأخضر في الأصناف البيضاء ليظهر اللون الأصـفر أو الأبيض أما في الأصناف الحمراء والسوداء فيصبح اللون أكثر كثافة، تزداد هنا كمية السكر وتقـل الحموضة وتصبح الحبات طرية بعدما كانت قاسية، وتصل الحبات عند الجزء القاعدي للعنقـود إلـى النضج بسرعة مقارنة بمثيلتها على الجزء الطرفي منه (عتمان وآخـرون، 1990)،هذه المرحلة قصـيرة المدى حسب ،(1989) REYNIER وأقل حساسية للنقص المائي مقارنـة بالمرحلـة السـابقة حسـب ،(1996) FLAMANDوحسب (1983) BOUARD فإن نضج اللب يسبق دائما نضج القشرة.

وعند ترك الحبات فإنها تصل إلى أعلى جودة لهـا وتسـمى هنـا بمرحلـة النضـج الزائـد (surmaturation) ، وهنا تفقد الحبات كمية من مائها وتكون معرضة للحشرات والفطريات كما تجف الحبات،

وفي بعض الأصناف يزداد تساقطها وفـي النهايـة يجـف العنـب ليتحـول إلـى زبيـب.