الذهب الأخضر


الذهب الأخضر تسمية أطلقت حديثاً على الوقود الحيوي المستخرج من بذور النباتات الزيتية كاللفت والذرة وعباد الشمس والبن وأشجار النخيل أو من قصب السكر او شجيرة الياتروفا الهندية ، وتعالت الأصوات المؤيدة لأستخدام هذا الوقود في السنوات الأخيرة بدلاً من الوقود الأحفوري التقليدي ، وعقدت مؤتمرات على مستوى العالم تناقش المخاطر التي يتعرض لها كوكب الأرض بسبب الوقود الأحفوري مبينة في الوقت ذاته أهمية استخدام الوقود الحيوي كبديل للنفط ، ويعود هذا كله إلى تفاقم المشكلة البيئية وتغير المناخ والأرتفاع الغير مسبوق لدرجة حرارة الأرض أو ما بات يعرف بالأحتباس الحراري ، الأمر الذي أسهم في أنقراض عدد من الحيوانات البرية ويهدد بانقراض حيوانات اخرى ، كما وأسهم في تزايد عدد الحشرات الضارة والبكتيريا . أضف إلى ذلك الضرر الذي لحق بصحة الإنسان على مدى السنين جراء هذا التغير.

فالغازات السامة المنبعثة من احتراق الوقود الأحفوري في ماكينات السيارات و من المعامل والمصانع والمتمثلة بغازات تحوي أربع سموم أهمها أول وثاني أوكسيد الكربون (القاتل الصامت) غازاً ساماً جداً وله خاصية الاتحاد مع مادة (الهيموجلوبين) في الدم بمعدل (200) مرة اكثر من الاوكسجين مما يتسبب في اعاقة وظيفة الاوكسجين في الدم ويحوله الى اكسيد كربون الهيموجلوبين وتحدث الوفاة ، وهذه الغازات تساهم بشكل كبير في ارتفاع درجة حرارة الأرض ( Global warming ) ، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى أرتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات نظراً لذوبان أقطاب الجليد ، مما يشكل تهديداً حقيقياً باغراق مساحات شاسعة من أراضي قارات المعمورة ، حيث تؤكد دراسة اعدتها سوسميتا داسجوبتا الخبيرة الاقتصادية في البنك الدولي ان زيادة بسيطة في ارتفاع منسوب مياه البحار قد تحول زهاء 56 مليون إنسان في البلدان النامية إلى لاجئين ، فعلى سبيل المثال ، ان مستوى مياه البحار إذا ارتفع بنسبة قليلة تصل لزهاء 39 بوصة (متر واحد) فإن المياه يمكن أن تغمر ربع دلتا النيل الكثيفة السكان في مصر!

 

 

 

download-1

 

 

وتشير الأرقام التي تقدمها جماعات الدفاع عن البيئة بأن الولايات المتحدة تساهم بنسبة 24 بالمئة من نسبة الغازات المنبعثة والمساهمة في ارتفاع درجة حرارة الأرض ، على الرغم من ان عدد سكان الولايات المتحدة يمثل فقط 4 بالمئة من مجموع سكان الأرض .
وتجدر الإشارة بأن الغازات المنبعثة من الوقود الأحفوري لا تتمثل فقط في أول وثاني أكسيد الكربون والتي من شأنها أن تؤثر سلباً على البيئة والإنسان و المناخ ، فهنالك انبعاثات اخرى ضارة وخطيرة أيضاً على البيئة والإنسان ومنها غاز ثاني اكسيد الكبريت المنبعث والذي يسبب تآكل المباني ويساعد على صدأ المعادن كما يشكل أيضاً السبب الرئيسي في الأمطار الحمضية التي تتساقط على كثير من الدول مسببة تلوث التربة والمياه والبحيرات ، وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى وفاة المصابين بها بسبب حدوث مشاكل في الجهاز التنفسي أثر ذلك ، وهناك أيضاً بروميد الرصاص المصاحب المتطاير مع غازات العادم والذي له ضرر بالغ على الإنسان .

أن كل ما ذكرناه سابقاً من مخاطر مخلفات الوقود الأحفوري أضف إلى ذلك أرتفاع الأسعار المتزايد في النفط والذي اصبح سعره مرتبطاً بالتغيرات على الساحة السياسية ، هذا ناهيك عن الأشارات المتزايدة والتي تتحدث عن اقتراب نضوب النفط خلال عقدين من الزمن ، كل ذلك دعى إلى الاسراع في البحث عن البدائل لهذا الوقود ، وقد تمكن الباحثين من أيجاد عدة بدائل ومن أهمها الطاقة الشمسية والخلايا الهيدروجينية ، إلا أن أستخدامها لا يزال مقيداً بسبب التكلفة الباهظة ولأنها ماتزال قيد الاختبار .
ولكن الآن تم أيجاد البديل والذي يمكن استخدامه على نطاق واسع ، وهو في متناول اغلب دول العالم ، انه الوقود الحيوي (الذهب الأخضر ) ، وهو كما ذكرناُ يستخرج من النباتات، ويتخذ هذا الوقود شكلين الأول هو الايثانول والمستخرج من قصب السكر او الحبوب والثاني هو ما يعرف بالديزل الحيوي والمستخرج من البذور الزيتية.
تتبوأ البرازيل مركزاً هاماً في سوق الوقود الحيوي بانتاجها الضخم من الشكل الأول منه والمتمثل بالايثانول حيث تستخدم البرازيل 13 مليار لتر سنوياً من هذا الوقود محلياً وتقوم بتصدير اكثر من مليارين لتر منه ، ويتوقع ان تصل صادراتها إلى عشرة مليارات في غضون السنوات القليلة القادمة ، والجدير بالذكر أن البرازيل تشهد بناء مصنع لتقطير الايثانول كل شهر ، ومن البرازيل ننتقل إلى سوريا حيث أولت الجهورية العربية السورية أهتماماً خاصاً بالوقود الحيوي بعد أنخفاض مستوى أنتاجها من النفط ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاثين عاماً ، فقد قامت وزارة النقل بتوقيع مذكرة تفاهم يتم بموجبها أستيراد 1200 باص تعمل على الديزل الحيوي ، وقامت بانشاء مراكز للبحوث وتوقيع أتفاقيات تؤمن بناء وحدات لانتاج الديزل الحيوي ، وتأمين أراضي زراعية لمنتجات الديزل الحيوي .