السمات البنائية ـ النمطية العامة للإنتاج الزراعي في الدول النامية


السمات البنائية يتميز العمل الزراعي بصورة عامة بعدة سمات أو خصائص متضمنة في طبيعته البنائية لا توجد بالنسبة لغيره من القطاعات الأخرى، وليست لها علاقة مباشرة بحالة التخلف أو بمستوى التقدم الذي وصلته الدولة وقطاعها الزراعي؛ ومن بين أهم هذه السمات البنائية النمطية ما يلي:

1 – أن إنتاج المحاصيل وتربية الماشية يتطلب عمليات بيولوجية معقدة تتفاعل بطرق هي في تغير مستمر، ورغم التقدم الحاصل بخصوص كيفية سير هذه العمليات،
فإن الإلمام بكل تفاصيلها غير وارد، فهي دائما تحتاج إلى مزيد من الفهم والتطوير.

2 – يمكن أن يتم تنظيم الإنتاج الزراعي بطرق عديدة ومتنوعة، فمثلا يحتاج الإنتاج في المزارع الكبرى إلى تكنولوجيات تختلف عنها في المساحات الصغيرة؛ كما
أن تربية الرعاة الرحل للماشية تختلف عن عمليات التسمين بالطرق المكثفة. زيادة  على اختلاف طرق الإنتاج في المزارع الفردية عنها في المزارع الجماعية أو
المزارع المملوكة للدولة، وتختلف بالنسبة لمن يشتغلون بالزراعة كل الوقت ومن يشتغلون بها بعض الوقت، وبالنسبة للمستأجرين والملاك، كما وتختلف في ظل
الظروف المتماشية مع الزراعة التجارية أو زراعة الكفاف…الخ.

3 – غالبا ما تكون الزراعة في يد عدد كبير من الوحدات الأسرية، مما يعقد من إجراءات التحديث، فعند إحداث أي تغيير تكنولوجي على نطاق واسع فلابد أن يعتمد الأساليب الجديدة والمتطورة، وإشراك عدد هائل ممن يتخذون القرارات، بحيث تطول المدة وتتطلب موارد كبيرة.

4 – ترتبط ممارسة الزراعة ارتباطا وثيقا بحياة سكان الريف، إذ أن الكثير من العادات والتقاليد تنبع من دورة السنة الزراعية. ولهذا فإن أي ابتكار يدخل تعديلا على أنشطة الزراعة يؤثر على نسيج المجتمع بدرجة أكبر من تأثير نفس هذا الابتكار أو ما يعادله لو كان في قطاع آخر، أين تكون فرص العمل وتدابير العمل المنزلي منفصلين، وكذلك فرص العمل ووقت الفراغ؛ في حين أن العمل الزراعي تتداخل فيه الكثير من العوامل.

5 – تعتمد التنمية الزراعية على مجموعة متكاملة من الأنشطة، فالاستثمار في الزراعة سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، يمكن أن يهدف إلى استصلاح الأراضي وتحسينها أو إعادة تنظيمها، وتطوير الري واستخدامه، وبحوث التطويرالتكنولوجي، وخدمات الإرشاد الزراعي، وتوفير المدخلات (البذور والأسمدة والمبيدات)، والائتمان من أجل اقتناء المدخلات الموسمية أو شراء المعدات وغيرها من الاستثمارات الأطول أجلا، وكذلك مرافق التخزين والتصنيع والتسويق، والطرق الريفية، والماء الصالح للشرب والكهرباء والمدارس والخدمات الصحية وغيرها من أشكال البنية الأساسية، ومختلف التدابير الرامية إلى تعزيز المؤسسات ذات الصلة بالزراعة وتدريب وتأهيل مواردها البشرية.

6 – هشاشة التقدم العلمي وبطء تطوره في الزراعة، حيث أن التجارب في المجال الزراعي تحتاج إلى وقت أطول مما تتطلبه الصناعة مثلا، وذلك لأن دورة الإنتاج الزراعي تكون أطول مما هي عليه في غيره.

7 – على الرغم من تقنيات الإنتاج المتقدمة والراقية، فإن هناك في الزراعة إيقاع طبيعي للأحداث لا مفر منه، حيث تؤثر العوامل الطبيعية من تغيرات جوية وظروف مناخية (كالجفاف، والفيضانات، وغيرها من الآفات الزراعية) بشكل كبير على نوعية الإنتاج وكميته؛ بحيث يصعب على الفلاح التنبؤ بمقدار أو مصير إنتاجه بسببها. فالناتج الزراعي يتأثر تأثرا كبيرا بالأحوال المناخية، وبالظواهر البيولوجية التي لا سبيل إلى التحكم فيها، مما يخلق درجة كبيرة من احتمالات التفاوت في النتيجة، ليصبح عنصر المخاطرة كبير في الزراعة، ويبقى قائما باستمرار.

8 – غالبا ما تخضع الزراعة لقانون التكاليف المتزايدة، وذلك نظرا لمحدودية الأراضي الخصبة مما يضطر المزارعين من أجل زيادة كميات الإنتاج من اللجوء إلى استغلال أراضي أقل خصوبة أو تشغيل عمال أقل خبرة، لتلبية متطلبات الزيادة في الطلب جراء النمو الديمغرافي؛ وبذلك ترتفع التكلفة للمحافظة على الإنتاج.

9 – يتميز العمل الزراعي بصعوبة تحديد التكاليف المتغيرة، إذ يتعذر على الفلاح معرفة مدى النقص أو الزيادة التي يجب إجراؤها على التكاليف المتغيرة، في حالة ما إذا أراد أن يزيد أو ينقص من محصول بعض المنتوجات التي تغير سعرها سواء بالارتفاع أو الانخفاض.