العمارة السريالية


ماذا تتضمن العمارة السريالية

العمارة السريالية تتضمن العمارة السريالية: تصاميم المدن أو البيوت التي عرضها رسامو وشعراء الحركة في أعمالهم ثم أعمال المعماريين الكلاسيكيين والمعاصرين الذين أعجب السرياليون بهم وأخيرا مختلف الإنشاءات المستمدة عن تصاميم لفناني ديكور أو لمعماريين كانوا على صلة بالحركة السريالية. إنها عمارة لا عقلانية لا تتفق مع أية أفكار عن الراحة وهي رمزية ومجازية أيضا، هدفها خلق قطع نحتية ضخمة شبيهة بالأنصاب قد تكون صالحة للسكن ولكن يفضل أن تعيد تمثيل مخلوقات أو أشياء.

 

كان السرياليون مولعين دائما بالعمارة و لكنهم قبل إجراء أي عرض عملي في إطار هذا الشكل الفني كانوا يستخدمونه أساسا لخلق تأثير بالاغتراب وبالحيرة في رسومهم و أشعارهم، والكثير من رسومهم اقتبست من مناظر معمارية خيالية شبيهة بمحفورات الرسام بيرانيسي(1720-1778) وفي (الرسم أمام التحدي-1930) لاحظ اراغون “ان تغيير أوضاع الأشياء في الرسوم المبكرة لجورجيو دي جريكو( 1888-1978) نشأ مع ابتكار المدينة التي وضع خططها” وقد قام كل من أندريه ماسون وماكس ارنست برسم مدن خيالية أما في لوحات دالي و بول دلفو وكاي ساج فهناك نمط من بنايات غير متوقعة و في سلسلة رسومه (منازل -1966) جسد جورج مالكن(1898- 1969) منازل خيالية اعتبرت ملائمة بشكل خاص لطائفة متنوعة من المشاهير.
وقد ثبتت أسس الطبيعة الشعرية لهذا النوع من التخيل في التقرير المعنون (إمكانية تجميل لامعقولة لأي مدينة) والذي نشر عام 1933 في العدد الأخير من مجلة (السريالية في خدمة الثورة) وقد أوضح ذلك التقرير كيف ان الأنصاب التذكارية المعروفة في باريس ينبغي ان تتغير لتحويلها الى مدينة سريالية فأندريه بريتون مثلا رأى ان عمود فيندوم ينبغي ان يستبدل بمدخنة مصنع تتسلقه امرأة عارية وان تنقل المسلة المصرية الى مدخل المسالخ وتحمَّل بأيدٍ ذات قفازات، بينما اقترح تريستان تزارا ان يقسم البانثيون عموديا الى نصفين وان يختصر ما مقداره 50 سنتمترا من كل نصف. أما بول ايلوار فقد علق على ردود الأفعال على التقرير مؤكدا: (في يوم ما سيمكن قلب البيوت على قفاها مثل القفازات) كما انه تخيل الزخرفة الاعتباطية لمدن مغايرة: (ان معظم التماثيل التقليدية ستكون تزيينا مدهشا في الريف وستخلق قلة من العاريات المرمريات تأثيرا طيبا في حقل محروث وستشكل الحيوانات في الجداول ومجاميع الأشخاص بأربطة سود ثنائيات رائعة تتناقض مع رتابة الماء كما ان أشكالا راقصة على الحجر ستصبح تجميلا لذيذا لسفوح الجبال ونظرا لأن التشويه سيصبح أمراً لابد منه ستمتلئ الأرض بالرؤوس المبعثرة و الأشجار بالأيدي وبقايا القش بالأرجل ).

 

 

 

العمارة السريالية

وبنفس الاتجاه في التفكير كتب أندريه بيير دي مانديارغو مجموعة شعرية بعنوان (نصب فظة -1948) تصف الأبنية المعمارية المختلفة التي كان يحلم ان تبتكر: ينبوع ماء في ساحة مدرسة على هيئة مسدس برونزي عملاق، منارة بحرية لها شكل قدم أنثوية بحذاء وردي بدلا من القاعدة. وفي أحد فصول كتابه (الشرفة -1958) وفيما بعداعتبر الخلط الذي نتج بين الفن والطبيعة تعبيرا عن نية سريالية استثنائية.
ان المعماري الذي كان السرياليون يعدونه من بين أهم الإرهاصات بهم كان الرائي العظيم (كلود لودو) والذي عززت نظرياته الطوباوية بعدد من الأفكار الإيجابية والتقدمية التي كانت تسبق عصرها وخصوصا في مجال الصرف الصحي.

بدأ لودو حياته العملية حين صمم جناحا لمدام دو باري عام 1771 ثم عين مفتشا لمصنع الملح ومهندسا معماريا للملك، وقد بدأ بتشييد مصنع الملح في (شاكو) 1775 رغم الانتقادات التي وجهت الى مخططاته الطموحة. لقد اعتقد لودو ان الترف هو بلا جدال امتياز للنبلاء ولكنه (أي الترف) سيقدم الكثير الى ورشة لحرفي أو الى حظيرة مثلما يقدمها الى قلعة، ان البنايات الفاخرة لمصنع الملح خطط لها لأن تكون في شكل دائري، المكاتب كانت كالقصور والمصاهر كان لها أعمدة ذات طراز دوري (أقدم وابسط الطرز المعمارية اليونانية) و استمر في تنفيذ مخططاته الجريئة وقد فاق مبنى التحكم في القناة والجسر بدعاماته التي شُكِّلت على هيئة سفن ثلاثية المجاذيف . ففي تلك المدينة تعد كل الأبنية العامة مثل الباسيفير (أو هيكل الإصلاح) و الاويكيميا (أو الهيكل المخصص للحب) و الباناريتيون (أو مدرسة الأخلاق) والمنازل والورش والبورصة والحمامات العامة تجسيداً لنظرية معمارية تعتمد الأشكال الهندسية الأساسية: الهرم، المكعب، الاسطوانة، الكرة مع تشييد نافورات مائية والتركيز على التوهج اللوني وإقامة تماثيل نصبية للاستفادة من الظلال التي تحدثها وكذلك من تأثيرها في المنظور الفراغي. وقد سعى معماريون آخرون ممن تم استبعادهم بتهمة جنون العظمة الى ذات الاستخدام البارع للرمزية وللشكل الكروي في مخططات المدينة.

لقد بعثت السريالية بما يشبه الثورة إنجازات المعماريين المحدثين الذين إما تم نسيانهم أو التشكيك بهم بمرور الزمن وفي هذا الإطار كتب سلفادور دالي مقالته الشهيرة عن (الجمال الرهيب والشهي لفن العمارة الحديث) والتي أثنى فيها بحماس على زخارف هكتور غويمار لمداخل محطة مترو باريس والتي كانت لديه صور لها من تصوير براساي تدعم آراءه والاهم من ذلك ان دالي كشف لأصدقائه عن أصالة (انتوني كايدي) أعظم أسلاف المعماريين السرياليين بعد (لودو)، كان كايدي يعمل في برشلونة ولقد رغب منذ البدء في التحرر من تقاليد الأساليب المعمارية القديمة والنقل المباشر من الطبيعة والحيوانات والنباتات) لتعزيز أشكاله التزيينية ولم يكن يكفيه نسخ مظاهر الأشكال الطبيعية بل درس بناءها الداخلي والقوانين التي تتحكم في تطورها العضوي لكي يطور تمثيله لها. في عام 1883بدأ في تشييد كنيسة (العائلة المقدسة) في برشلونة متخليا عن الدعامات القوسية لأسلوب الإحياء القوطي (وهو الطراز المعماري الذي نشأ في فرنسا بين القرنين الثالث عشر و السادس عشر وانتشر منها إلى كل أوربا) واستبدلها بطريقة جديدة في إيجاد دعم من قوة دفع منحرفة وأعمدة مائلة. أما الـ(براك غوايل /1900-1914) على سفح تل قرب برشلونة فهي حديقة مدهشة أعدت مخططاتها بمستويات متصاعدة تتوالى لعدة أميال مع مقاعد حلزونية زينت بالسيراميك وجدران تتبع تموجات سفح التل وجسور مسندة بالأشجار نحتت من الحجر.