المعمـارية
المعمـارية

العناصـر المعمـارية للمسـجد


العناصـر المعمـارية للمسـجد
هناك عدة عناصر معمارية أساسية تستخدم فى تصميم المساجد منذ القدم مثل الصحن ، والمحراب ، و المنبر ، والرواق ، وهناك عناصر أخرى دخلت على عمارة المسجد فيما بعد وأصبحت متممة لعمارته أومشيرة إلى مكان بنائه ومن هذه العناصر الإضافية المئذنة ، والقبة ، والعقد ، والأعمدة ، والزخارف التي تؤدي دورها كعناصر معمارية أو زخرفيه مكملة.
وفيما يلى سوف نتناول هذه العناصر بشىء من التفصيل

• العناصر المعمارية الأساسية للمساجد
1- المنـبر:

والمنبر في اللغة العربية هو : مرقاة متنقلة ذات درجات وله تعريفات أخرى في المراجع اللغوية تتفق وهذا المعنى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في المسلمين بمسجده الشريف وهو واقف عند أحد الجذوع التي تحمل السقف ومتكئ على عصا من خشب “الدوم” ولاحظ المسلمون أن هذا الموقف يشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعبه فاقترحوا عليه أن يتخذ شيئاً يجلس عليه ويستريح فوافقهم على ذلك وصنع له رجل يدعى (كلاب) كان في خدمة عمه العباس بن عبد المطلب منبراً من خشب الأثل يتألف من ثلاث درجات الأولى والثانية منه لصعوده والثالثة لجلوسه وارتفاعه ذراعان وثلاث أصابع وعرضه ذراع واحد وكان ذلك في السنة السابعة للهجرة

وفي العقود القليلة التي تلت الهجرة النبوية وتكاثر أعداد المساجد في البلاد التي دخلت في دين الله كانت المساجد بلا منابر وكان الخطيب يقف مستنداً إلى عصا من الخشب تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحين بنى والي مصر عمرو بن العاصر رضي الله عنه مسجده في الفسطاط بمصر أقام فيه منبراً ولكن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمره بإزالته ففعل
وأقدم منبر بعد منبر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المنبر الذي أقامه “قرة بن شريك” عام 132هـ في مسجد عمر بن العاصر
وتوالت بعد ذلك إقامة المنابر في المساجد في مختلف ديار المسلمين وزيد في عدد درجاتها بسبب إتساع مساحة المساجد وكثرة عدد المصلين ولكي يتمكن المسلمون من رؤية الخطيب ويتمكن الخطيب من رؤيتهم
وبات “المنبر” جزءاً أساسياً من مقومات المسجد الجامع وهو يصنع – في الأغلب – من الخشب وأبدع الفنانون المسلمون في نقش المنابر وزخرفتها واستخدمت الأخشاب الثمينة في صنعها

2- المحــراب

وردت كلمة “المحراب” في القرآن الكريم أربع مرات ووردت كلمة “المحاريب” مرة واحدة وكلمة “المحراب” كلمة عربية قديمة وردت في معاجم اللغة في مادة “حرب” ومن معانيها :صدر المجلس ومنه محراب المسجد والمحراب أيضا الغرفة ومنه قوله تعالى ” فخرج على قومه من المحراب” قيل من المسجد وكان ورودها في كتاب الله بمدلولاتها القديمة حيث تعني كلمة محراب “الغرفة العالية أو المستقلة أو أفضل مكان في القصر أو البيت ، وقد تعارف العلماء على إطلاق كلمة “المحراب” على جدار القبلة وقد استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحربة في تحديد اتجاه القبلة أثناء الصلاة في الفضاء ولم تعرف الكلمة بمعناها المعروف اليوم إلا بعد أن انتشر الإسلام مشرقاً ومغرباً وباتت هناك حاجة ملحة لتحديد اتجاه القبلة التي أمر الله تعالى عباده بالاتجاه إليها في صلواتهم، ويروى في هذا الشأن أنه عندما أعاد والي المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز بناء المسجد النبوي الشريف دعا علماء المدينة ورجالاتها لتحديد مكان القبلة في البنيان الجديد قائلاً : تعالوا أحضروا بنيان قبلتكم لا تقولوا غير عمر قبلتنا، وحين بنى عمرو بن العاص مسجده الذي سماه مسجد الفتح في الفسطاط “القاهرة القديمة” شارك ثمانون رجلاً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحديد مكان القبلة.

بعد أن أصبح المحراب جزءاً أساسياً في عمران المساجد استقر معنى كلمة “المحراب” على أنها تجويف في جدار المسجد باتجاه الكعبة المشرفة وتلاشى استعمال الكلمة في غير هذا المعنى عدا ما ورد في القرآن الكريم بطبيعة الحال ولا يعرف بالتحديد من كان أول من أوجد المحراب في المسجد فهناك أقوال تنسب ذلك إلى الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأخرى تنسبه إلى الخليفة الأموي معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه وهناك أقوال تنسبه إلى آخرين وقد يفسر تعدد الروايات هذا بأن كلمة “المحراب” استخدمت – كما أشرنا بمعان عديدة مما لا يمكن معه التأكد ما إذا كان المقصود هو “المحراب” كما هو معروف اليوم أو أن المقصود شيء آخر،على أن تحديد القبلة كان أول – وأهم – ما وجه بناة المساجد إليه في مختلف الأقطار التي دخلت في الإسلام، وكان بناة المساجد أولئك يكتفون بوضع علامة على الجدار المتجه نحو القبلة أو بدهان جزء من الجدار بلون مميز أو بوضع بلاطة بدلا من ذلك وبذلك يقف الإمام إزاء الجدار ويؤدي الصلاة ، أما تجويف مكان المحراب في الجدار المتجه نحو القبلة فأغلب الظن أن أول من نفذه هو والي المدينة المنورة عمر بن عبد العزيز عندما أعاد بناء المسجد النبوي الشريف في خلافة الوليد بن عبدالملك وقد استأثر “المحراب” باهتمام بناة المساجد من الخلفاء والملوك والسلاطين والأمراء والولاة في سياق عمارة المساجد حتى اشتهرت محاريب معينة في التراث المعماري الإسلامي تنسب إلى من أنشأها أو أنشئت في عهودهم.

3- الصــحن

وصحن المسجد هو المساحة المكشوفة منه والتي تتصل بحرم المسجد وأروقته وجدرانه الخارجية وهو إقتداء بعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كانت فيه مساحة مكشوفة بين مظلتين مغطاتين إحداهما في الجهة الجنوبية والأخرى في الجهة الشمالية،وفي كثير من المساجد

صحن الجامع الأزهر بالقاهرة
يضم الصحن مصادر للمياه يتوضأ منها الناس وهي في الأغلب على شكل “بحيرات” يندفع إليها الماء الجاري وتشكل – إضافة إلى مهمتها الأساسية – لمسة جمالية على صحن المسجد كما في المسجد الأموي بالشام،كذلك يستفاد من الصحن في استيعاب المصلين إذا زادوا عن طاقة حرم المسجد وفي المساجد الكبيرة كالمسجد الأموي في دمشق ومسجد ابن طولون في القاهرة أقيمت في صحنيهما قباب صغيرة ذات أبواب مقفلة وضعت فيها خزينة الدولة وأوراقها ووثائقها الهامة.

4- الـــرواق

والرواق هو الممر العريض المسقوف الذي يحيط بجميع أو معظم جهات المسجد ، وكان يسمى أيضا “المجنبة” وهي الكلمة التي استعملها كثير من قدامي المؤرخين في وصف بعض المساجد .

ولقد لعبت أروقة المساجد دور كبير في تدريس العلوم الدينية وتحت هذه الأروقة كان العلماء يلقون دروسهم على المتعلمين ومن هذه الكلمة اشتقت أسماء الأروقة الموجودة في الجامع الأزهر بمصر حيث يجتمع الدارسون من جنسية معينة في مكان واحد – سمي رواقاً – ليلتقوا العلم من أساتذتهم فيه فكان هناك رواق المغاربة ورواق الأتراك ورواق الشوام ورواق السودان ورواق الهنود وغيرها ، وكانت تلك الأروقة إضافات إلى المبنى الأساسي للأزهر تبرع بها أهل الخير .
أما أول من اتخذ الأروقة في المساجد فالغالب أنه الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما أضاف أروقة إلى المسجد النبوي الشريف حين وسعه ، وهكذا أصبحت إضافة الأروقة إلى المساجد وسيلة لتوسعتها دون المساس بالمبنى الأساسي .