الكهرباء اللاسلكية


الكهرباء اللاسلكية ما أضيق الحياة لولا فسحة الأمل!

الكهرباء اللاسلكية لا يتوقف عقل الإنسان عن إيجاد حلول ابتكارية لمشاكله اليومية في شتى المجالات، ولازلنا نندهش كل يوم باختراع جديد لم نتوقع للحظة أن نشاهده على أرض الواقع. ولقد شهد العقد الأخير ثورة تقنية في كافة المجالات مثل الأجهزة الطبية، التطبيقات الصناعية، فضاء الانترنت و التي أثبتت أنه لاحدود لخيال الإنسان.

 
الكهرباء اللاسلكية وإحدى تلك الاختراعات الحديثة — ولي تحفظ على كلمة حديثة- هي حل لمشكلة أتوقع أنكم واجهتموها سابقا. هي مشكلة فوضى الأسلاك والموزعات والتوصيلات والمقابس الكهربائية التي باتت تحيط بأجهزة الحاسب لدينا أو أي أجهزة أخرى في المنزل أو المكتب والتي طالما تمنينا أن نتخلص من أسلاكها واستبدالها بمصدر لا سلكي للطاقة! كهرباء لاسلكية..لحظة من فضلكم كهرباء ..ولا سلكية يبدو أننا في حلم نعم هذا صحيح ! فلقد تمكن مجموعة من الباحثين في جامعة إم آي تي في الولايات المتحدة من اختراع جهاز جديد أطلقوا عليه اسم واي تريستي أو ما يمكن تسميته بــ الكهرباء اللاسلكية، حيث تمكن اولئك الباحثون من تشغيل جهاز تلفاز من على بعد متر تقريبا من مصدر الكهرباء دون استخدام الأسلاك. نعم صدقوا ذلك! فلقد بات ذلك ممكنا.

 
الكهرباء اللاسلكية قبل أن أدخل في التفاصيل العلمية وشرح آلية العمل، دعونا نستمتع بمشاهدة هذا المقطع الذي يثبت هذه النظرية ، وهو ما تم عرضه في إحدى محاضرات تيد الشهيرة، و الشخص الذي يقدم العرض يدعى أيريك جيلر وهو أحد الباحثين في المجموعة التي صممت هذا الاختراع

لننتقل الآن إلى التحليل العلمي المبسط لفهم آلية عمل الجهاز:

 
فكرة الكهرباء اللاسلكية ليست بالجديدة على الساحة العلمية، بل سبق وأن طرحها المهندس الكهربائي الشهير نيكولا تسلا — وهو كرواتي الأصل وله إسهامات كثيرة في نظرية الكهرومغناطيسية- حيث قام في عام 1892 ببناء جهاز يسمى ملف تسلا وهو لنقل الكهرباء في الهواء وكانت تلك بمثابة شرارة البدء للكهرباء اللاسلكية، وكان تسلا عبقريا طموحه سبق عصره، انتقل لأمريكا وعمل مع إديسون “مخترع المصباح” واختلفا جذريا في أمور كثيرة فتسلا ينتمي لمدرسة التيار المتردد وإديسون من مدرسة التيار المستمر. تعود إذا الجهود في ما يصل إليه العلماء في عصرنا هذا في مجال الكهرباء اللاسكلية لذلك العبقري تسلا. فقامت مجموعة من باحثي جامعة إم آي تي عام 2007 من تنفيذ تجربة لنقل الكهرباء دون أسلاك لمسافة مترين وقاموا بتشغيل لمبة 60 وات كالتي تستخدم في منازلنا. وكانت تلك التجربة كافية لإنشاء شركة واي تريستي التي تختص بتسويق هذه التقنية.

الكهرباء اللاسلكية
كيف تعمل إذا الكهرباء اللاسلكية؟

تعتمد الكهرباء اللاسلكية في عملها على مبدأ يسمى الرنين أو الصدى الكهرومغناطيسي . ماذا؟ لاتقلقوا..سنفهمها بالتفصيل، تعالوا أولا نناقش التالي:

 
لنبدأ أولا بتعريف الكهرباء: هي سيل من الإلكترونات التي تتدفق داخل موصل كهربائي أو في الغلاف الجوي عل شكل صواعق.
المغناطيسية: وهي خاصية طبيعية تتميز بها بعض المواد تعرف بأنها تلك القوة التي تمكن بعض المواد من جذب بعضها البعض. ويمكن لبعض المواد الموصلة أن تنتج مجالا مغناطيسيا اصطناعيا عند مرور تيار بها
الحقول المغناطيسية المتأرجحة أو المتذبذبة: هي تلك الحقول التي تنشأ بسبب مرور تيار كهربائي متناوب في مادة موصلة ينتج عنه تكون حقل مغناطيسي حول الموصل ذو اتجاه وقوة تحدد بحسابات معينة
الكهرومغناطيسية: وهي أن التيار المتردد له القدرة على توليد مجال مغناطيسي عند مروره خلال موصل كهربائي . والعكس صحيح، أي أنه إذا كان هناك مجال مغناطيسي يؤثر في موصل كهربائي يؤدي ذلك لتوليد تيار في ذلك الموصل.

 
الخلاصة أننا إذا مررنا تيارا مترددا في موصل كهربائي أو في حالتنا ملف كهربائي سيتولد عن ذلك تكون مجال مغناطيسي حول الملف، الآن الجميل في الموضوع، إذا أحضرنا ملفا ثانيا بالقرب من الملف الأول سنلاحظ تولد تيار في الملف الثانوي سببه الحث المغناطيسي المتولد عن التيار الرئيسي الذي مر في الملف الأول.
هذه النظرية مطبقة في كثير من أجهزتنا اليومية وأقربها هو المحولات الكهربائية التي تستخدم في العديد من الأجهزة المنزلية

 
انظروا الصورة التالية ولنتخيل سوية شكل الملف الابتدائي وبه مصدر تيار متردد وهو إلى الجانب الأيسر من الصورة، والقالب المستطيل الشكل في الوسط ذو اللون الأزرق هو بمثابة المادة التي تربط مغناطيسيا بين الملفين وإلى يمين الصورة الملف الثانوي. الآن عند مرور التيار في الملف الرئيسي أو الابتدائي سيتكون مجال مغناطيسي يولد تيارا
في الجهة المقابلة أي في الملف الثانوي مما يؤدي لحدوث فرق جهد في المقاومة المتصلة بالملف

هل كان ذلك سهلا؟

ببساطة هذا هو التركيب الرئيسي لجهاز الكهرباء اللاسلكية
الآن ننتقل لنقظة مهمة وهي ما يعرف بالرنين “الصدى” المغناطيسي: تعرف ظاهرة الرنين بأنها استجابة مادة ما لتردد معين بحيث أنها تهتز استجابة لذلك التردد. لأقرب لكم الصورة، تخيلوا معي مرور طائرة في السماء فوق منازلكم، ألا نلاحظ أحيانا أن بعض الأكواب الموضوعة فوق طاولة مكاتبنا تهتز عند مرور تلك الطائرة وتبدأ بإصدار الأزيز أو صوت غريب وكأن الكوب استقبل موجة معينة من الطائرة؟!
والسبب وراء ذلك هو خاصية الرنين حيث أن لكل مادة تردد معين تستجيب عند سماعه
ما علاقة هذا بموضوعنا؟
عند اختيار الملف الرئيسي والثانوي في الشرح الذي تحدثنا عنه سابقا، يتم الأخذ بعين الاعتبار أن يستجيب الملف الثانوي لتردد معين بحيث يستجيب له وتسمى هذه الخاصية أن الملف الثانوي له رنين مغناطيسي هو نفس تردد التيار أو الموجة التي أرسلت في الملف الرئيسي. وبذلك تنتقل الطاقة من الملف الرئيسي للثانوي.
الآن نعود للصورة مرة أخرى، قلنا أن هناك قالبا مستطيلا يربط بين الملفين، وفي حالة الكهرباء اللاسلكية فهذا القالب هو عبارة عن فراغ، وبمعنى أصح فهو الهواء الموجود في الجو.

 
سؤال محير: ألا يؤثر ذلك في أجسامنا حيث أن الكهرباء ستكون منتشرة في الجو؟
لا، فالكهرباء لن تنشر بل موجات كهرومغناطيسية هي التي ستنتشر وهي غير ضارة.
لم أفهم ما تهذي به يا وسيم، هل تقصد أن تقول أننا حولنا الكهرباء لموجات كهرومغناطيسية عن طريق ملف كالموجود في المحولات ثم استقبلناه عن طريق ملف آخر في مكان آخر وفق تردد معين وضمن ظروف رنين مغناطيسي معينة؟
صحيح، هذا ما أعنيه بالضبط
لكن فكروا معي قليلا وشغلوا أدمغتكم عن طريق الأسئلة التالية:
كم هي المسافة القصوى التي توصل إليها الباحثون؟
حتى الآن هي متران
هل هي ضارة بالصحة؟