النظرية الوظيفية في العمارة


النظرية الوظيفية

 

النظرية الوظيفية هي أحد أبرز نظريات العالم المعماري عبر التاريخ , حيثُ من غير المُمكن أن تجد معماريا لم يسمع أو يقرأ عنها , ولعل أبرز ما تَبادر الى ذهنك عند قراءة عنوان المقالة هو المعماري الكبير ” ليكوربوزييه ” فالنظرية الوظيفية مرتبطة باسم هذا الكبير بشكل مباشر لما لهُ من أثر واضح في استخدامها وتطبيقها في مجال التصميم والانشاء , ولا يمكنك ذكر النظرية الوظيفية في أحد مجالس النقاش الا بذكر اسم ” ليكوربوزييه ” مصاحباً ومرافقاً لها والعكس صحيح , لكن ما لا يعلَمُه الكثير من المعماريين أن جذور هذه النظرية الرائعة تعود حتى الى ما قبل ميلاد ليكوربوزييه فمُنذ أن بدأ عصر العقل في بدايات القرن الثامن عشر أصبح نظرة المجتمع كَكُل الى الأشياء نظرة علمية عقلية بعيدا عن النظرة العاطفية التي كانت دارجة فيما قبلَهُ من عصور , حيثُ أصبحت الالات هي الملاذ الامن لأصحاب ذلك العصر في العمل والانتاج , وأصبح الكُل يتطلع الى الوصول الى عملية الالات وشكلها في كُل شيء ومن هُنا كانت البذور الأولى التي دعت لزراعة النظرية الوظيفية في جذور الأرض , لكن ليكوربوزييه كان أبرز من طبق هذه النظرية في كُل مبانيه وأحد أهم المطورين والداعمين للوظيفية في كل مبادئها .

النظرية الوظيفية

تعريف النظرية الوظيفية

ولو تطرقنا الى تعريف النظرية الوظيفية سنجد أنها تشرح نفسها فأبسط ما يقال عند سماعك بشيء ما ” وظيفي ” أي أنهُ يؤدي الغرض الذي صُنع من أجله دون زيادة أو نقصان ,ولو تكلمنا بلغة معمارية  أي أن شكل المنشأ المعماري يجب أن يتبع قواعد الوظيفة المرجوة منه وهذا هو المبدأ الأساسي في النظرية الوظيفية أن يتبع الشكل الوظيفة والذي دعا لهذا المبدأ بشكل واضح ومباشر هو المعماري الكبير ” لويس سليفان ” والذي سار على دربه الكثير من المعماريين خصوصا بعد الحرب العالمية الأولى حيثُ كانت الحاجة المُلحة لعمارة ما هُدِم تفرض نفسها من خلال هذا المبدأ في ذلك الوقت .

النظرية الوظيفية

أما لو أخذنا الوظيفية بمعناها الواسع سنجد أنها موجودة عبر كُل التاريخ وفي كل الثقافات وفي كُل العصور فحتى الانسان الاول في عصر الكهوف كان يصنع لنفسه كُل احتياجاته وأدواته ويختار شكلا لها يناسب الوظيفة المصنوعة من أجلها , ونودي بالنظرية من بعد ذلك بالعصر الحديث ثم جاء ” لويس سليفان ” ووضع مبدأها الأساسي أن ” الشكل يتبع الوظيفة ” ونادى من بعده مجموعة كبيرة من المعماريين بها وبالرغم من اختلاف وجهات نظرهم في مفهوم الوظيفية الا أنهم اتفقو باتجاهاتهم العلمية والصناعية الحديثة وابتعدو عن الرومانتيكية وزخرفة الماضي .

النظرية الوظيفية

وبالطبع كانت الاستفادة من النظرية الوظيفية وقواعدها كبيرة جدا على الجميع في ذلك الوقت , فهي نظرية عظيمة استطاعت أن تُحرر عقول المعماريين من التقليد والاقتباس كما حررت المباني من الزخرفة الفائضة التي كانت تملأها , فهي كانت مناسبة للجميع خصوصاً بعد الحروب والازمات الاقتصادية العالمية وحاجة الناس السريعة الى اعادة التعمير في ذلك الوقت , فهي تنظر الى الأمور بعملية تامة وتدعو الى وضع المفيد وتدعيم الحاجة فقط والابتعاد عن كُل ما هو زائد غير عملي كالزخرفة والتشكيلات على المباني وتوابعها , والأهم من ذلك أنها مكنت كُل المعماريين من انتاج أعمال جيدة ملائمة وهذا أدى الى رفع مستوى التصميم المعماري على الوجه الاكمل , وكان أي عمل معماري جديد في ذلك الوقت يتم الحُكم على صحته من خلال الوظيفة التي يؤديها وارتباط الشكل الخارجي بها , ولم يكن هناك منافس للوظيفية وقتها سوى النظرية العضوية التي ظهرت في أمريكا .

ولعلَ أبرز مبادئ العمارة الوظيفية , التي استندت الى العوامل المؤثرة المرتبطة بالثورة الصناعية وثورات علوم الفيزياء والكيمياء المُختلفة وظهور عصر الماكنة التي أخذت محل يد العامل , واكتشاف مواد جديدة مثل الخرسانة المُسلحة الى جانب اكتشاف تقنيات بناء جديدة لم تكن معروفة في الفترة الكلاسيكية , كل هذا وأكثر أدى الى وضع مبادئ مُحددة للعمارة بنظريها الوظيفية تتمثل في الاتي :-
– التركيز على المنفعة المرجوة من المبنى .
– التركيز على المتانة في المنشأ المعماري .
– الجمال في المبنى هو تحصيل حاصل للمنفعة والمتانة .
– ركزت على مفهوم الفضاء أو الفراغ المعماري كالفضاء المفتوح أو المستمر .
– بساطة الشكل بالعودة والنظر الى أصله الأولي .

كل هذا وأكثر رسخ مقولة ” سليفان ” أن الشكل يتبع الوظيفة , وأكد على ما دعا اليه ليكوربوزييه أن البيت هو الة للعيش , فالوظيفية بالرغم من بساطتها وأنها دعت الى الأمور بمنطقية بسيطة جدا , كان لها أثر كبير على مر التاريخ في حياة الشعوب وفي تفكير مُعظم معمارييها .