الهندسة المعمارية منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى منتصف


الهندسة المعمارية منذ أواخر القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين في رؤية باطنية
تعرّف الهندسة المعمارية بأنها فن العمارة، وهي تمتاز بفن رسم الخطوط والأشكال وذلك من خلال تجسيدها لمعطيات وحاجات إنسانية موضوعة ضمن برنامج معين مع المقدرة على التلقي من الباطن الخفي…الذي يدعوه البعض بالخيال!

 
والهندسة المعمارية، هي علم خلق الجمال، تحوي فنونا” عديدة، كالرسم والنحت والزخرفة، يجتمعون سوية من اجل صياغة وحياكة صورة جميلة تبرز روعة العمل الفني الذي أنجزه المهندس.
فقد قال المهندس المعماري والتر غروبيوس عن الهندسة:”بأنها هدف كل عمل خلاّق.ولاتمام هذا العمل يجب إضفاء الجمال عليه باستخدامنا للفنون.وهذه الفنون هي جزء لا يتجزأ من الهندسة المعمارية،وهي متصلة اتصالا” مباشرا” بها “.

 

 

الهندسة المعمارية

لذلك مهما تعددت وسائل البناء وموادها، سواء” كانت من الاسمنت او من الحجر الطبيعي او من الحديد او الزجاج، هذه المواد تمثّل القشرة الخارجية للبناء، لكنها تبرز تناغم الفن المعماري مع الطبيعة المحيطة بالبناء.وكأن هذا الفراغ الطبيعي إمتلأ بجوهرة او ” ألماسة مشعّة ” تقبع في ذلك المكان الذي شيّد عليه العمل الفني.وهذا ما جعل ابنية عديدة حديثة تأخذ بعين الاعتبار هوية المكان الذي ستبنى فيه،لتأتي هندستها منسجمة مع واقع الفن المعماري المحيط بها،رغم تعدّد فنون العمارة التي تميز الابنية المحيطة والمجاورة بالبناء الحديث.مما جعل هذه المدينة لؤلؤة… أنوارها تعكس صورة الحضارات القديمة التي سكنتها وتراثها يبرز الأفكار الحديثة التي توالدت ونشأت وأنتجت عمارات حديثة متداخلة مع الابنية القديمة بشكل رائع متناسق جميل.

 
فالهندسة كما نعلم تعكس حضارات ومستوى وعي الشعوب، بالاضافة الى ثقافاتهم وتاريخهم، لذا يدعوها البعض بفن الخلق والابداع، خاصة أن الهندسة المعمارية تضفي على الوجود حلّة جديدة حينما تعمد الى التماشي مع الطبيعة، فلا تعدي على حرماتها ولا تشويه لجمالها، بل ابنية متأقلمة معها مما يؤدي الى بثّ حياة فيها تتناغم مع ألوانها الطبيعية المادية واللامادية…فتصبح الهندسة المعمارية بمثابة مجسّد للفن الالهي…تعكس جمال وإشراقة الألوهة على الارض.

 
ولنكون على بينة وعلم ودراية بهذا الفن الالهي الهندسي، لابد لنا إلا ان نشير الى ابرز المهندسين المعاصرين الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الهندسة المعاصر.نذكر على سبيل المثال:الأميركي فرانك لويد رايت، الألماني والتر غروبيوس، الألماني ميز فان دير روهي، الفرنسي شارل إدوار جانوريه الملقب لوكوربوزيه، الفنلندي ألفارآلتو والبرازيلي أوسكار نيماير.
مشاريع هؤلاء المعلمين المعاصرين تشهد القارت الخمس على تفوقهم المهني والجمالي عبر إستحداثهم لقوانين وقواعد تنظم الهندسة المعمارية المعاصرة.
1- الأميريكي فرانك لويد رايت (1896-1959): لقّب بشاعر البيت لأنه إبتكر ” البيوت الحقول ” اي المساكن الفردية المبنية وفق تصميم صليبي الشكل، مع حرية التحرك بين المسافات والارتفاعات.وقد تميزت هذه البيوت بخطوط افقية لافتة، نوافذها واسعة الشكل تسمح بتسرّب النور الى الداخل.

 
من اهم تصاميمه البيت فوق الشلال (falling water) في بيرران في مقاطعة بنسلفانيا(1936-1939).وكأن هذا الفنان المعمار أراد ان يجعل من الطبيعة ملجأ” يقطنه الانسان من خلال أبنيته المتناغمة معها، وما البيت فوق الشلال إلا أكبر برهان على ما نشير إليه.علما” أن التصميم الصليبي يشير في علم الارقام الايزوتيريكي الى الرقم 5 الذي يرمز بدوره الى الإنسان، بينما الخطوط الأفقية الطاغية على هندسته تشير الى الانعكاس في عالم المادة.
2- الألماني المعماري والمديني والتر غروبيوس (1883-1969): أميريكي الجنسية لكنه ألماني الأصل من مؤسسي الباوهوس في فايمار سنة 1919.هذا التيار الهندسي يعتمد على الاحجام الصافية والكتل المتناغمة والاشكال الهندسية الصارمة واللاتماثل المنظم.من اهم إبتكارات والتر غروبيوس فكرة المدينة السكنية في برلين – سيمنستاد سنة 1928.