تأثير الأشكال الهندسية على الحالة النفسية للإنسان


الأشكال الهندسية

الأشكال الهندسية نتناول في هذا الجانب دراسة ما توحي به بعض عناصر التشكيل من معان وأفكار ، كالإيحاء بالعظمة والسمو ، بالحركة والسكون ، بالبهجة أو بالاندفاع دون أن يكون لهذه العناصر أي معنى ممنوح لها أو مرتبط بها مسبقا ً.
في حين تبقى الخواص الهندسية للشكل ثابتة ، مما يحدد سمات عناصر التشكيل ، فإننا لا نلمس هذا الثبات بالنسبة لما يوحي به هذا الشكل .

فإذا ما أردنا دراسة ما نحسه من معان وانطباعات إزاء رؤيتنا للأشكال وجب علينا أن نترك _ جزئيا_ المجال المادي الموضوعي لندخل في المجال الذاتي الحادث في نفسية المشاهد .
وأنه إذا ما كان من الممكن تحديد سمات بعض الأشكال بطريقة أكيدة نسبياً طالما أن السمة تنبثق من تكوين الأشكال ، فإننا_ فيما يختص بمعاني الأشكال وما توحي به لنا _ نسترشد بنتائج بعض التجارب التي تمت على مجموعات من الأشخاص في ظروف معينة .

 

 

الأشكال الهندسية

فالأشكال ليست لها معنى إلا عندما يستعملها الإنسان فهو الذي يحدد معناها بالنسبة لنفسه .
هذا المعنى الذي يحدده هو أحاسيسه الشخصية إزاء رؤية الشكل .
وأنه من الممكن في هذا المجال وضع نتائج ثابتة يمكن أن يقوم عليها قانون حيث أن القوانين تستلزم الموضوعية وثبات النتائج
طالما بقي الشكل دون وظيفة نفعية فإنه لا يوحي لنا إلا بما يصدر عن خواصه الهندسية وسماته التشكيلية .
أما إذا ما استعمل فأسند له دور وظيفي فإن هذا الاستعمال يكسبه تأثيراً جديداً وهكذا يمكن للمهندس المعماري أن يغير من تأثير الشكل وما يوحي به تبعا لنوعية الاستعمال .
فمثلا يمكن أن يختلف إيحاء السلم بحركة الصعود بإختلاف سمته وتكوينه .

فالشكل الحلزوني للسلم يوحي بفكرة الصعود الصعب في حيز ضيق ويدل بوضوح على دوره البسيط كنعصر ربط واتصال بين مختلف الطوابق .
أما إذا استقامت درجاته وزاد عرضه وقلت زاوية الصعود فإن يتضمن إحساساً بعظمة وسمو لم يستطيع السلم الحلزوني أن يعبر عنها

كذلك مبنى برج اسطواني الشكل وبدون فتحات ، فإنه على الرغم من ليونة محيطه إلا أن يظهر ثقلاً في مظهره العام بعكس برج آخر مساو له في الأبعاد ولكن ذو فتحات تنغم وواجهاته حيث نلمس خفة مظهره .
وهكذا فالإيحاء الممكن أن ينبثق من الشكل يرتبط دائماً بالمضمون المحدد له ، الذي يملي على المهندس المعماري اختيار الأشكال للحصول على التعبير والمعنى المطلوبين فالمضمون الفكري لمقبرة مثلا لا يصح معه تجميع عناصر تشكيل ينبثق منها إحساس بالحياة والحركة التي قد تكون مستساغة بالنسبة لأقواس النصر مثلا .
فإن عناصر التشكيل في استعمالاتها المختلفة تكتسب معاني ينتج عنها إيحاءات ربما تبقى حتى ولو اختفى المضمون الذي أحدث اختيار الأشكال ….
فمع أنه لم يعد هناك ملك في قصر فرساي،فإن ارتفاع وسمو تكوين القصر مازال مهيباً وذلك بالاستخدام الخاص لعناصر التشكيل حيث نجد سيطرة الاتجاه الأفقي وتكرار نفس الإيقاع في التشكيل العام في الواجهة كذلك الكاتدرائية القوطية حيث عناصر التشكيل حيث يغلب عليها الاتجاه الرأسي والارتفاع إلى السماء فبقي المعني الديني ظاهراً بوضوح حيث أراد المعماريون القوط إيجاد مغالاة للمبنى في قيمته بالنسبة للإنسان….