صناعة تجهيز الأغذية


تتراوح صناعة تجهيز الأغذية في البلدان النامية بين مرافق معقدة تُطبق آخر المستحدثات، وعمليات حرفية صغيرة تُنتج أغذية تقليدية للمجتمع المحلي. وهذه الوحدات الصغيرة تختلف في حجمها اختلافاً كبيراً فقد تكون هناك عدة مصانع كبيرة فقط، أو قد تكون الأغلبية على مستوى صغير ومنزلي ذي موارد محدودة جدا بحيث لا يستطيع استخدام المدخلات التكنولوجية. وفي أقل البلدان نمواً تكون الأماكن مجهزة تجهيزاً بسيطاً بحيث لا تستطيع الحفاظ على سلامة الأغذية وجودتها بطريقة علمية مستدامة. وكثيراً ما تقدم الحكومات دعمها لهذه الوحدات الصغيرة لأنها تفتح فرص العمل وتولد دخلاً لأصحابها. والتحدي أمام البلدان النامية هو توفير حوافز تدفع إلى توسع هذه الوحدات الصغيرة بطريقة فعالة حتى تستطيع أن تستوعب التكنولوجيا السليمة.
وتواجه صناعة تجهيز الأغذية في البلدان النامية أيضاً مشكلات في موثوقية الحصول على الخامات في الوقت المطلوب، إلى جانب تباينات في جودتها بصفة عامة. وكثيراً ما تكون الخامات من إنتاج مزارعين صغار ويكون نقص البنية الأساسية في مناطق الإنتاج سبباً في تباين جودة هذه الخامات. وهذا يتطلب مزيداً من الانتباه من جانب وحدات التجهيز كما يتطلب رقابة على الأغذية في جميع مراحل سلسلة عرض الأغذية.

 

download-1

 
3-6 الأغذية التي تُباع في الشوارع
أظهرت الدراسات في البلدان النامية أن نحو 20 أو 25 في المائة من إنفاق الأسرة على الأغذية يحدث خارج المنزل، وأن بعض قطاعات السكان تعتمد اعتماداً كاملاً على أغذية الشوارع. وقد جاء ذلك نتيجة لسرعة نمو المدن وعدم توافر مطبخ أو تسهيلات الطبخ لملايين من الناس. وهناك ملايين من العاملين الذين لا يعيشون في أسرة، كما أن هناك نسبة كبيرة من السكان تتنقل إلى المدن وخارجها من أجل العمل، وهؤلاء جميعاً يعتمدون اعتماداً كبيراً على أغذية الشوارع في طعامهم اليومي.
وفي كثير من البلدان النامية يكون باعة هذه الأغذية عنصراً مهما من مكونات سلسلة عرض الأغذية. ونظراً لأن أغذية الشوارع تكون أسعارها معقولة وتكون متوافرة بسهولة فإنها تلبي حاجة حيوية لدى سكان المدن. وهذه المأكولات والمشروبات تكون جاهزة للأكل من إعداد بائعين أو متجولين يعدونها ويبيعونها أساساً في الشوارع أو في أي أماكن عامة أخرى يسهل الوصول إليها، مثل الأماكن القريبة من أماكن العمل أو المدارس أو المستشفيات أو محطات السكك الحديدية ومحطات الحافلات.
وأغذية الشوارع تثير قلقاً كبيراً لأن سلامتها وإعدادها وبيعها يجري بصفة عامة في ظروف غير صحية، حيث لا تتوافر المياه النظيفة ولا الخدمات الصحية ولا تسهيلات التخلص من النفايات. وعلى ذلك فإن أغذية الشوارع تُثير أخطار تسمم كبيرة بسبب التلوث بالميكروبات وبسبب استخدام الإضافات الغذائية استخداماً غير سليم وبسبب الغش والتلوث البيئي.
4-6 البنية الأساسية والموارد في الرقابة على الأغذية
في كثير من البلدان تكون البنية الأساسية غير وافية بسبب نقص الموارد، وفي كثير من الحالات بسبب سوء الإدارة. وغالباً ما تكون مختبرات الرقابة على الأغذية مجهزة تجهيزا بسيطاً وتفتقر إلى موظفي مدربين على عمل التحليلات. ويتفاقم الوضع عندما تكون هناك عدة وكالات عاملة في الرقابة على الأغذية. فعدم وجود توجيه استراتيجي شامل يعني أن الموارد المحدودة لا تُستخدم استخداما سليما. كما أن نُظم الرقابة على الأغذية قد تُعاني من عدم تطور سياسات تضمن الامتثال لهذه النُظم.
وتحتاج النُظم العصرية للرقابة على الأغذية إلى اتخاذ القرارات في عملية شفافة وقائمة على العلم، كما تتطلب الحصول على موظفين مدربين ومؤهلين في تخصصات مثل علوم الأغذية وتكنولوجيتها، والكيمياء، والكيمياء الحيوية، والميكروبيولوجيا، والعلوم البيطرية، والطب، والوبائيات، والعلوم الزراعية، وضمان الجودة، وعمليات التدقيق، وتشريعات الأغذية. ولا بد أن يكون لدى سلطات الرقابة على الأغذية تقدير جيد وفهم صحيح لدور العلم في الأسلوب القائم على تحليل الأخطار، وأن تستفيد من الموارد العلمية المتوافرة لدى المجتمع الدولي.

 

download

 
5-6 المساعدة الفنية: دور الوكالات الدولية
من المعترف به جيداً أن هناك حاجة إلى المساعدة الفنية لتقوية نُظم الرقابة على الأغذية في البلدان النامية. ومنظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية هما المنظمتان الرئيسيتان بين وكالات الأمم المتحدة المتخصصة، اللتان تعملان في برامج التعاون الفني مع البلدان النامية في مجالات جودة الأغذية وسلامتها.
والمساعدة التي تقدمها منظمة الأغذية والزراعة في مجال الرقابة على الأغذية ووضع المواصفات الغذائية هو نشاط رئيسي يُنفذ على المستويات العالمية والإقليمية والقطرية. وهناك كتب منشورة عن الرقابة على جودة الأغذية وهي تُغطي عدة جوانب من جوانب نُظم الرقابة على الأغذية وتستخدم على النطاق الدولي. وتعقد المنظمة اجتماعات وندوات وحلقات عملية في جميع الأقاليم: أفريقيا، وآسيا والمحيط الهادئ، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، وأوروبا الشرقية، والشرق الأدنى وشمال أفريقيا. وتقدم المساعدة الفنية في مجالات كثيرة مثل:
إقامة نُظم وبنية أساسية وطنية للرقابة على الأغذية، أو تقوية الموجود منها؛
المساعدة على إعداد القوانين واللوائح الغذائية؛
عقد حلقات عملية عن وضع استراتيجيات الرقابة على الأغذية في مختلف البلدان؛
المساعدة على إقامة قدرات تحليل الأغذية، أو تحسين القدرات الموجودة؛
تقييم انعكاسات اتفاقي تدابير الصحة والصحة النباتية والحواجز التقنية أمام التجارة (انظر الملحق 5)؛
تقديم التدريب على التفتيش على الأغذية وتحليلها ومناولة الأغذية؛
تدريب المدربين على أسلوب تحليل الأخطار في النقاط الحرجة؛
التدريب على إدارة نُظم الرقابة على الأغذية؛
المساعدة على تقوية اللجان الوطنية لهيئة الدستور الغذائي (انظر الملحق 4)
وأما منظمة الصحة العالمية فقد زادت الأولوية التي تُسندها لأنشطة سلامة الأغذية في الفترة الأخيرة، سواء على المستوى الدولي أم على المستوى الإقليمي. كما أنها تقدم المساعدة الفنية على المستويات الوطنية والإقليمية والقطرية. وبموجب الهيكل اللامركزي تنقسم المنظمة إلى ستة أقاليم بها مكاتب إقليمية مسؤولة عن تقديم المساعدة للبلدان الأعضاء في وضع برامج وطنية لسلامة الأغذية وتقوية الموجود منها. وتعمل المكاتب الإقليمية في الوقت الحاضر في طائفة من مبادرات بناء القدرات الهادفة إلى صيانة صحة المستهلكين. وتتأثر طبيعة هذه الأنشطة ومدى اتساعها بمدى توافر الموارد، ولكنها تشمل ما يلي:
وضع سياسات واستراتيجيات إقليمية ووطنية لضمان سلامة الأغذية؛
إعداد تشريعات الأغذية واللوائح والمواصفات، ومدونات الممارسات الصحية النظيفة؛
تنفيذ برنامج التفتيش على الأغذية؛
التشجيع على اتباع الأساليب والتقنيات التي تهدف إلى الوقاية من الأمراض المنقولة بالأغذية، بما في ذلك تطبيق نظام نقاط الرقابة الحرجة؛
تطوير قدرات تحليل الأغذية أو تعزيز هذه القدرات؛
وضع برامج التدريب والتثقيف الصحي، وتنفيذ هذه البرامج؛
إقامة أسواق تستوفي الشروط الصحية، وتعزيز سلامة أغذية الشوارع؛

 

download-2

 
تعزيز إقامة نشاط للرقابة على الأمراض المنقولة بالأغذية.
وينص اتفاق تدابير الصحة والصحة النباتية (المادة 9) واتفاق الحواجز التقنية أمام التجارة (المادة 11) نصاً صريحاً على ضرورة تقديم المساعدة الفنية للبلدان النامية. وقد تكون هذه المساعدة في مجالات تكنولوجيا التجهيز، أو البحث والبنية الأساسية، أو إقامة أجهزة تنظيمية وطنية وغير ذلك. والمطلوب بوجه خاص من البلدان المتقدمة التي تستورد أغذية من البلدان النامية أن تُقدم، عند الطلب، المساعدة الفنية للبلدان النامية المصدرة حتى تستطيع أن تفي بالتزاماتها في مجال التجارة الغذائية الدولية بموجب الاتفاقين سالفي الذكر. ويتضمن الملحق 5 تفاصيل عن هذين الاتفاقين. وحتى الآن لم تستفد البلدان النامية استفادة كاملة من هذه الفرص الجديدة للحصول على المساعدة الفنية بموجب هذين الاتفاقين.
ويمكن أيضاً الحصول على المساعدة الفنية في مجال الرقابة على الأغذية من خلال البنك الدولي، وسائر مصارف التنمية، ومن الوكالات المانحة الثنائية. ويعتمد الحصول على هذه الأموال على الأولوية التي تُسندها البلدان النامية لتقوية نُظم الرقابة على الأغذية لديها، وهي أولوية تظهر في خططها الإنمائية الوطنية.