علوم الكميائية


إن علم الكيمياء من أشهر العلوم القديمة بالغة الأهمية . إذ يعنى هذا العلم بدراسة خواص المواد، وبنيتها وعلاقتها ببعضها، وتفاعلاتها وكيفية تحويل العنصر إلى ذهب؛ لذلك يطلق عليه “علم المواد” أو “علم المركزي”.

أما لغوياً؛ فالكيمياء تعني: الحيلة والذكاء. فلابد من استخدام هذه الصفات للتعامل مع العناصر والمركبات، ومزجها وانتاج الجديد منها . والمختص في هذا العلم العريق يسمى “كيميائي” .

إن علم الكيمياء كغيره من العلوم الطبيعية نشأ قديماً، وارتبط بشكل مباشر بالمعادن والطب والصناعة والأصباغ، حيث استخدم الإنسان البدائي الكثير من المواد والمركبات في حياته اليومية، وبدأ يستخلصها من النباتات ليستفيد منها ؛ مما استدعى دراسة هذا العلم بدقة، والاعتماد على التجريب العملي للوصول الى النظريات الهامة فيه .

كان للعرب المسلمين انجازات كثيرة في علم الكيمياء؛ فقد طوروا هذا العلم وأطلقوا المصطلحات العربية على ما اكتشفوه، ثم أصبحت مرجعاً أساسياً للغرب، وتم ترجمة الكثير منها في القرن 12 م، وقد ساهمت الفتوحات الإسلامية كفتح الأندلس عام 711 م بنشر النظريات والاكتسافات الكيميائية على أيد العرب .

حين ظهر علم الكيمياء وبدأت المحاولات في تحويل العناصر إلى الذهب والفضة كان يتخلل هذا الأمر السرية والكتمان، لذلك يقال أن أصل كلمة كيمياء من “كمى” والتي تعني في اللغة العربية الإخفاء والستر. وكذلك يقال أن أصول علم الكيمياء تعود إلى مصر القديمة، لذلك فإن أصل الكلمة يعود إلى “كيم” وهي تربة وادي النيل. وكان هذا العلم ينسب للكهنة وأنه سر من أسرارهم؛ بسبب سر تحويل العناصر الثمين، والبحث عن “اكسير الحياة” الذي يديم الصحة والشباب لدى صاحبه – كما كام يعتقد -.

أما الكيمياء الحديثة التي بدأت في القرن 17 م ؛ فقد اهتمت بتكون المادة من ذرات وعناصر ومركبات . وعرفت الكيمياء وقتها على أنها علم المواد ودراسة سلوكها وتفاعلاتها مع بعضها لإنتاج مواد جديدة عن طريق المعادلات، تتميز عن الأصلية بخصائصها الخاصة، ويعد “بلاك” و”دالتون” و”لافوازييه” الملقب بأبو الكيمياء الحديثة وغيرهم من علماء الكيمياء الحديثة.

تتفرع الكيمياء لعدة فروع وهي: الكيمياء الفيزيائية، والحيوية، وغير العضوية، والعضوية، والتحليلية . حيث يعنى كل منها بمبحث وأهداف معينة؛ فالكيمياء التحليلية تعنى بتحليل عينات مختلفة؛ كعينات المياه والدم والمواد في الأغذية وغيرها؛ لمعرفة تركيبها الكيميائي.

بينما تعنى الكيمياء العضوية بدراسة المواد العضوية، وتركيبها وارتباط عناصرها ببعضها، والروابط بينها . على خلاف الكيمياء غير العضوية التي تهتم بدراسة المواد غير العضوية، وتفاعلاتها واستخداماتها .

أما الكيمياء الفيزيائية تهتم بدراسة الأنظمة والتطبيقات الكيميائية بقوانين فيزيائية؛ للوصول لأصولها الفيزيائية. أما دراسة المواد وتفاعلاتها بداخل أجسام الكائنات الحية، فهي من اختصاص الكيمياء الحيوية .

إن من أشهر العلماء الكيميائيين المسلمين هم: جابر بن حيان والرازي وخالد بن يزيد وغيرهم. أما في الغرب فقد برع العديد منهم في الكيمياء مثل: “بور” و”بويل” و “لوتشاتيليه” والمشهور “نوبل” التي سميت الجوائز العالمية في الاختراعات باسمه. وكذلك الكيميائية “ماري كوري”.

وقد ألفت الكثير من المجلدات في علم الكيمياء وتطبيقاته، واستفيد منها في التطبيقات العملية؛ خاصة الصناعة. ومنحت جوائز عالمية عدة للعلماء الكيميائين على اكتشافاتهم وجهودهم الكبيرة في هذا العلم الواسع، ولازال علماء الكيمياء في هذا العصر يحاولون جاهدين لتطوير هذا العلم المهم، والاستفادة منه في شتى مجالات الحياة .