محرك الديزل ومستقبل توليد الطاقة الكهربائية


محرك الديزل ومستقبل توليد الطاقة الكهربائية

محرك الديزل ومستقبل توليد الطاقة الكهربائية

 

محرك الديزل هو محرك احتراق داخلي اخترعه المهندس الالماني رودلف ديزل عام 1892 وذلك بعد خمسة اعوام من اعمال البحث والتطوير. لقد كان محرك الديزل منذ نشأته الاولى، وعلى امتداد القرن العشرين بأسره، حلا جذابا للكثير من التطبيقات الصناعية المدنية والعسكرية، حيث رأى فيه رجال الاعمال ضالتهم المنشودة في الحصول على مصدر للطاقة عملي، وموثوق، ورخيص الكلفة. والان وفي ضوء المتغيرات الكثيرة التي لحقت بقطاع الطاقة على امتداد القرن، فان هذا المحرك سيجتاز الخط الفاصل بين القرنين العشرين والحادي والعشرين وهو اكثر تفاؤلا بمستقبله في خدمة الانسان. ان محرك الديزل يستطيع ان يلعب دورا رئيسيا في محطات توليد الطاقة المستقبلية. ولكن قبل ان يحدث ذلك لابد من تطوير محركات الديزل بحيث يتم التحكم بغازات العادم المنطلقة منها، بالاضافة الى التصدي الى التحديات الشديدة والكثيرة التي تواجه صانعي هذا النوع من المحركات.

ومع ان محرك الديزل، شأنه شأن محرك البنزين، مستعمل في السيارات منذ عقود كثيرة، الا ان الاختلافات بين المحركين عديدة، وهذه الاختلافات هي التي أهلت وتؤهل محرك الديزل الى دور حضاري متميز في القرن القادم. ان محرك الديزل على عكس محرك البنزين المستعمل في السيارات الصغيرة، لا يشعل الوقود اعتمادا على طاقة حرارية خارجية، مثل شمعات الاشتعال وما تتطلبه من دارة كهربائية ذات جهد عال لتأمين الشرارة وتقطيعها بواسطة البلاتين، ولكنه يستعمل الحرارة المتولدة عن انضغاط الهواء لاشعال خليطة الهواء – الوقود في اسطوانته.

وبغية الوصول الى درجة الحرارة العالية اللازمة للاحتراق فإن نسبة الانضغاط اللازمة في محركات الديزل يجب ان تكون عالية تصل الى 1:16 وهي النسبة الاكثر استعمالا. وعند نسبة الانضغاط هذه فإن درجة الحرارة ترتفع الى 500 درجة مئوية كما يرتفع الضغط الى 40كلغ سم2، علما بان نسبة انضغاط الهواء في محرك البنزين العادي تقع في المجال 4:1 و10:1.

التشغيل

محرك الديزل يمكن ان يكون اما بدورة ذات اربعة اشواط او ذات شوطين. بالنسبة للدورة ذات الاشواط الاربعة فإن المكبس يتحرك أولا نحو الاسفل بينما تكون فتحة الدخول مفتوحة (مرحلة الامتصاص). وهذه المرحلة تؤدي الى امتلاء الاسطوانة بالهواء ثم تنغلق فتحة دخول الهواء، وعندما يبتدىء المكبس مرحلة الصعود الى الاعلى حيث يضغط الهواء في الاسطوانة (شوط الانضغاط) وقبل ان يصل المكبس الى ذروة ارتفاعه يتم حقن الوقود عبر فوهة خاصة. عندها يمتزج الوقود مع الهواء المضغوط ويشتعل المزيج بتأثير درجة الحرارة الناتجة عن الانضغاط الشديد. وهكذا يندفع المكبس بشدة نحو الاسفل بتأثير انفجار مزيج الهواء فى الوقود (شوط التمدد او شوط الطاقة). بعدها يرتفع المكبس من جديد حيث يكون صمام الطرد مفتوحا هذه المرة حيث يدفع امامه غازات الاحتراق بأسرها (شوط التفريغ). وهكذا تبدأ العملية من جديد باستقدام هواء جديد بينما يبدأ المكبس شوطا جديدا للامتصاص.

ان محرك الديزل ذا الشوطين مماثل لنظيره ذي الاشواط الاربعة باستثناء ان غازات الافلات تطرد من الاسطوانة بواسطة طارد خاص عندما يكون المكبس في وضعية الحجم الاعظمي تقريبا. وفي الوقت ذاته فان مروحة الطرف تقدم امدادا جديدا من الهواء لمزجه مع الوقود عندما يصل المكبس الى وضعية الحجم الاعظمي. في هذا المحرك فان الاحتراق يحدث كل دورة، بينما يحدث كل دورتين بالنسبة للمحرك رباعي الاشواط، كما ان معظم محركات الديزل الكبيرة تستعمل الدورة ذات الشوطين.
رسم يوضح الأشواط الأربعة في محرك الديزل

ان تشغيل محركات الديزل اقتصادية نظرا لأن هذه المحركات تستخدم وقودا ارخص من البنزين وهي تقدم طاقة اكبر. كما انها ابسط ميكانيكيا وهي ليست بحاجة الى نظام الاشعال المعقد ولا تحتاج الى الكاربويتور (المفحم) الموجود في محركات الاحتراق الداخلي العادية. الا انها اثقل – لأن جدران الاسطوانة اسمك كي تكون اقوى لتتحمل الضغط العالي المطلوب – فهي تستعمل عموما لتزويد السيارات بالطاقة. وهي تلاقي تطبيقا واسعا مع ذلك في الشاحنات الضخمة، والاتوبيسات، عربات الجر في القطارات، والسفن، وفي المعدات الصناعية ذات الاداء العنيف حيث تتطلب الامور استطاعات تصل الى 5000 حصان بخاري. وفي هذه الحالة فانها الأكفأ أداء من المحركات الأخرى.