هنـــدسه النفط :معامل تكرير البـــترول


هنـــدسه النفط

 

هنـــدسه النفط تعد صناعة التكرير من الصناعات الإستراتيجية على المستوى العالمي، وتتساوى أهميتها في وقت السلم والحرب على حد سواء، وتتسابق الدول والشعوب في تأمين مصادر الإمدادات البترولية من البترول الخام والمشتقات البترولية، مما أكسب المنطقة العربية موقعًا إستراتيجيّا مهمّا بين مناطق العالم المختلفة، بسبب وجود البترول الخام داخل أراضيها باحتياطات ضخمة، تصل إلى أكثر من 643 مليار برميل، وهو ما يمثل أكثر من 62% من الاحتياطي العالمي المؤكد من البترول الخام، وقدره 1036 مليار برميل. كما تنتج الدول العربية 18.7 مليون برميل/ يوم من البترول الخام، وهو ما يمثل حوالي 28 % من إجمالي الإنتاج العالمي، وقدره 67.9 مليون برميل/ يوم طبقًا لإحصائيات نهاية عام 1996م.
تبرز أهمية صناعة التكرير في كونها المصدر الرئيس والحيوي في إنتاج الأنواع المختلفة من المشتقات البترولية اللازمة لتوليد الطاقة، التي تساهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية في شتى المجالات. وتشير الإحصاءات إلى أن البترول يمثل في الوقت الحاضر 38 % من إجمالي الطلب العالمي على الطاقة، وهي أعلى نسبة مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى. وقد ساعد وجود البترول بهذه الوفرة في الدول العربية على إعطاء صناعة التكرير الأولوية بين الصناعات، بوصفها حجر الأساس في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، حيث تم تطويرها في بادئ الأمر بما يفي بمتطلبات الأسواق المحلية من المشتقات البترولية، وفي مرحلة لاحقة إلى تصدير الفائض من الإنتاج إلى الأسواق العالمية. كما شيدت بعض الأقطار مصافي ضخمة خصص إنتاجها للتصدير، واتجهت بعض الأقطار العربية المصدرة للبترول مثل المملكة العربية السعودية، والكويت، وليبيا، ودولة الإمارات العربية المتحدة، إلى امتلاك مصاف خارج حدودها، في مراكز الاستهلاك العالمية، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ودول أوروبا الغربية، ودول جنوب شرق آسيا، بهدف تأمين منافذ للبترول الخام، وزيادة تسويق المشتقات البترولية في الأسواق العالمية، بغية تعظيم القيمة المضافة الناتجة عن تحويل البترول الخام ذي القيمة المنخفضة، إلى المشتقات البترولية ذات القيمة العالية.

 

 

 

هنـــدسه النفط

ورغم التطورات التي شهدتها صناعة التكرير في الدول العربية، والتي أدت إلى زيادة إجمالي طاقاتها التكريرية من 2.2 مليون برميل/ يوم في عام 1970م، إلى حوالي 6 ملايين برميل/ يوم في عام 1996م، إلا أن إجمالي طاقات التكرير في الدول العربية يمثل في الوقت الحاضر 30 % فقط من إجمالي إنتاج البترول فيها، و8 % فقط من إجمالي طاقات التكرير العالمية، البالغ 76 مليون برميل/يوم، وهي نسبة ضئيلة إذا ما قورنت بمناطق أخرى مثل أمريكا الشمالية، التي تبلغ حصتها 25 %، وأوروبا الغربية بحصة قدرها 19 %، ودول الاتحاد السوفيتي السابق بحصة قدرها 20 %، ودول أوروبا الشرقية بحصة قدرها 17 %. وتشير هذه الأرقام إلى وجود فجوة كبيرة بين إجمالي طاقات التكرير وطاقات إنتاج البترول الخام في الدول العربية، وهو ما يدعو إلى العمل على زيادة طاقات التكرير العربية، لتعظيم القيمة المضافة الناتجة عن تصدير المنتجات البترولية بدلاً من البترول الخام.
ونظرًا لموقع التكرير على الخريطة الاقتصادية السياسية، بوصفها من الصناعات الإستراتيجية، فقد تأثرت بجميع المتغيرات التي حدثت على المستوى العالمي. وقد شهدت هذه الصناعة خلال عقد الثمانينيات تحسنًا ملحوظًا في هامش الربحية، ولكنها اتجهت منذ بداية هذا العقد إلى أوضاع غير محددة يكتنفها الغموض، نتيجة للتحديات والعقبات التي تواجهها، والمتمثلة في تشريعات الحفاظ على البيئة من التلوث، التي تتطلب إنتاج الجازولين الخالي من الرصاص، والجازولين المشكل صناعيّا، وخفض نسبة الكبريت في وقود الديزل إلى 0.05 % وزنًا كحد أقصى، وغير ذلك من المواصفات التي يتطلب الالتزام بها استثمارات ضخمة، تؤثر سلبًا على هامش الربحية في مصافي البترول التي تعاني أصلاً انخفاضه. كما أن تحول نمو الطلب على البترول الخام والمشتقات البترولية من أسواق الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، إلى دول مناطق جنوب شرق آسيا والشرق الأقصى التي تشهد نموّا اقتصاديّاً بمعدلات كبيرة وسريعة ومتلاحقة، يمثل أحد المتغيرات في آليات الأسواق العالمية.
أدت نوعيات البترول الخام المعروضة، التي تتجه نحو زيادة حصة الخامات الثقيلة في الأسواق العالمية، إلى توجه مصافي البترول نحو زيادة طاقات العمليات التحويلية، لزيادة إنتاج المشتقات البترولية الخفيفة والمتوسطة، التي يزداد نمو الطلب عليها على حساب الفائض من إنتاج زيوت الوقود الثقيلة، التي يتراجع نمو الطلب العالمي عليها، مما يتطلب استثمارات كبيرة لتعديل هيكل إنتاج مصافي البترول، بما يتلاءم مع المتغيرات الجديدة.