الدراسة الزلزالية


لم يعد يخفى على أحد تأثير الكوارث الطبيعية التي تحدث في مختلف بلدان العالم و على رأسـهـا الكـوارث الزلزالية ، و ما تتـركه من دمار على البنية الاقتصادية و الاجتماعية في المنطقة المنكوبة .

ًالدراسة-الزلزالية-لمبنى-نظ
الدراسة الزلزالية

و قد أدركت المؤسـسات المعينة على المسـتوى المحلي و العالمي بأن الاستعداد لمواجهة الأخطار الزلزالية واجب وطني تتحمل مسـؤوليته الجهات الرسمية و الخاصة في مختلف البلدان .

متطلبات التصميم المقاوم للزلازل :

نظراً للطبيعة الاحتمالية للزلازل و المتطلبات الإقتصادية فقد اعتمدت المعايير التالية للمنشآت المقاومة للزلازل :
‌أ. أن يستطيع المنشـأ مقاومة الزلازل المتوسطة الشـدة دون أن تتجاوز الإجهادات في مختلف عناصره حـد المرونة ، مما يعني بأن الجملة الإنشائية للمبنى المقاوم للزلازل يجب أن لا تتـأثر عند تعرض هـذا المنشـأ إلى زلازل متوسـطة الشـدة مع السماح بإمكانية حدوث بعض الأضرار غير الإنشائية و السـهلة الإصلاح .
‌ب. ينبغي أن يدخل المنشـأ المقاوم للزلازل في المجال اللامرن عند تعرضه لـزلازل قوية ، مما يعني حـدوث بعض الأضرار الإنشـائية و غير الإنشـائية القـابـلـة للإصلاح دون حـدوث أيّ إنهيـار جـزئي في المبنى .
‌ج. يجب أن يتمكن المنشـأ المقاوم للزلازل من الصمود في حالة تعرضه إلى زلازل قوية و مدمرة ، مما يعني عـدم الانهيار الكلي للمنشـأ بالرغم من إمكانية حدوث أضرار شـديدة في المبنى غير قـابلـة للإصلاح .

و يهدف هـذا المتطلب إلى ضمانة سـلامة السـكان و تقـليل الخسائر البشـرية إلى أدنى حد ممكن في حالة تعرض المنطقة إلى زلازل كبيرة وعلى فترات زمنية مختلفة .

العوامل المـؤثـرة على السـلوك الـزلـزالي للمنشـأ :

I ) تأثير شـكل المبنـى :

أثبتت العديد من الزلازل العالمية بأن المنشآت ذات الأشكال البسيطة تملك أفضل الفرص لمقاومة الحركات الزلزالية ، و يعود ذلك بشكل أساسي إلى عزوم الفتل المتولدة بفعل الزلازل على المنشآت ذات الأشكال المعقدة ، و يظهر الشكل التالي بعض التوزيعات الممكنة في المسقط الأفقي ، و تأثير هذه التوزيعات على المقاومة الزلزالية للمبنى .

II ) تأثير اســتطالة المبنـى الأفـقـيــة :

تـؤثـر الاسـتطالـة المفـرطـة في الاتجاه الأفقي بشكل سلبي على سلوك المبنى عند تعرضه للحركة الزلزالية ، و ذلك لاختـلاف طبيعة التربة على طول المنشأ مما يؤدي إلى اهتزاز أجزاء المنشأ بشكل غير متوافق ، و يمكن تقليـل هـذه الآثـار السـلبية بتجزئة المنشـأ انشائياً إلى أجزاء متعددة تحتوي على فـراغات حـركـة ، تسمح باهتزاز الأجزاء المختلفة للمبنى .

III ) تأثير نحالة المبنى شاقوليا ً :

أثبتت الدراسات على أن المباني ذات النحالة المفرطة شاقولياً تتعرض إلى اهتزازات واسعة ، مما يؤدي إلى نشـوء قوى قص و عزوم انعطاف كبيرة على عناصر المنشأ و خاصة على الأعمدة ، الأمر الذي يمكن أن يـؤدي إلى مشـاكل انشـائية مختـلفة .
كذلك ينصح بأن يتم تجنب التغير المباشـر في المسـاحة الطابقية ( الإرتداد الطابقي ) ، وذلك لأن مثل هـذا التغير يقـود إلى مشـاكل انشـائية مختـلفة ناشـئة من اختلاف الخصائص الديناميكية للمنشأ على جوانب هـذه الإرتدادات ، و ينصح باسـتخدام طرق التحليل الديناميكي بدلاً من الطرق المبسطة ، و كذلك ينصح باسـتخدام طرق التحليل الدينـاميكي بـدلاً من الطرق المبسـطة في حال وجود إرتـدادات أفقيـة في المبنى .

IV ) توزع كتلة المبنى :

أظهرت الدراسات بأن مقاومة المنشـأ الزلزالية تتحسن إذا كان توزيع كتلة المنشأ و مقاومته الزلزالية موزعة بشكل منتظم ضمن المبنى ، و ينصح باعتماد العوامل التالية :
1. توزيع العناصر المقاومة للأحمال الزلزالية كجدران القص و الإطارات بشكل منتظم ضمن المبنى .
2. يجب أن لا تحتوي الأعمدة و جدران القص على انقطاع في المتانة كما هو مبين في الشكل .
3. يجب أن لا تحتوي الأعمدة أي تغير مفاجئ في مقطعها .
4. يجب أن تتطابق محاور الجوائز مع محاور الأعمدة المسـتندة عليهـا .
5. يفضل أن يكون عرض الجوائز مماثـلاً لعرض الأعمـدة في أماكن الاتصال .

V ) قسـاوة المبنى :

تعتبر قساوة المنشأ عامل أساسي في تحديد مقاومته الزلزالية حيث ترتبط بعاملين كما يلي :
‌أ. ترتبط الهيئة الاهتزازية للمنشأ بشكل أساسي بقساوته ، و حيث أن مهمة مهندس الزلازل الأساسية أن يمنع حدوث توافق بين دور اهتزاز المنشـأ و دور الحركة الزلزالية في الموقع ، لذا يتوجب تجنب استخدام المنشآت الصلبة ذات الأدوار الصغيرة في الأماكن الصخرية ذات الأدوار الصغيرة ، و ينصح اسـتخدام المنشآت المرنة ( كالمنشآت الإطارية العالية ) في هذه الأماكن ، وكذلك يمكن اسـتخدام المنشآت الصلبة ( الأبنية قليلة الارتفاع ) في الأماكن ذات الأدوار الكبيرة (ترب التأسيس الناعمة و العميقة القادرة على امتصاص الموجات الزلزالية ذات التواتر العالي و الأدوار الصغيرة ).
و بشكل مشابه فلإن الأماكن القريبة من الصدوع و التي تتلقى موجات زلزالية ( ذات توتر عالي و دور صغير ) مناسبة للأبنية المرنة ذات الارتفاعات العالية ، أما الأماكن البعيدة عن الفوالق الزلزالية ( ذات التواتر المنخفض و الدور الكبير نسبياً ) فتعتبر المنشآت المنخفضة الارتفاع
أو جدران القص مناسبة زلزالياً للمنشآت الصلبة .
المنشآت المرنة و الصلبة و أماكن استخدامها الأمثل :

منشآت مرنة :

( إطارية عالية )
أماكن صخرية ذات دور صغير
أماكن قريبة من الفوالق ذات دور صغير

منشآت صلبة :

( منخفضة و جدران قص )
أماكن ذات دور كبير ( كترب التأسيس الناعمة )
أماكن بعيدة عن الفوالق ، ذات دور كبير

‌ب. تؤثر قساوة المنشأ على مقدار الاهتزاز الأفقي الأعظمي ، و يتم اختيار قساوة المنشأ المطلوبة بحيث تكون الاهتزازات الأفقية الناتجة عن الزلزال ضمن الحدود المقبولة .

VI ) مطاوعة المبنى :

هي القدرة على تحمل تشوهات زائدة عن حد السيلان في المادة قبل حدوث الانهيار ، و تعطى مطاوعة المبنى بالنسبة ( b/a ) ، حيث : a ترمز إلى الانتقال الموافق لمجال المرونة .
: b تدعى بالانتقالات العظمى المفيدة .
و ينصح بأن تتمتع منشآت البيتون المسلح بمعامل مطاوعة مقداره ( 4 – 6 ) .

VII ) سـلوك العناصر غير الإنشـائية :

تستخدم العناصر غير الإنشائية كالجدران القاطعة و عناصر الواجهات للحصول على الوظائف التخديمية للمبنى ، أو للحصول على الشكل المعماري المطلوب ، إلا أنّ التفصيلات غير المدروسة لهذه العناصر يمكن أن تؤثر سلبياً على المقاومة الزلزالية للمبنى ، حيث أنها :
1) تقـلل دور الاهتزاز الطبيعي للمبنى ، و بالتالي تغير في الإجهادات التصميمية الناتجة عن الحركات الزلزالية .
2) تؤدي إلى إعادة توزيع القساوة العرضية للمنشأ ، و بالتالي تؤثر على توزيع الإجهادات و كذلك دور اهتزاز المبنى و هيئة اهتزازه .
3) يمكن أن تؤدي إلى إنهيار مبكر في بعض عناصر المنشأ ، و عادة يكون الإنهيار ناتج عن إجهادات القص.

VIII ) شكل الإنهيار الجزئي المسموح به :

يتم تصميم مختلف عناصر المنشأ و التحكم بالمتانات النسبية لعناصر المبنى كالأعمدة و الجوائز بحيث نبتعد عن هيئات الانهيار غير المرغوبة .
و تقسم هيئات انهيار المبنى غير المفضلة إلى مجموعتين :
1. هيئات الانهيار التي تقود إلى انهيار كامل للمنشأ ، و خاصة من خلال انهيار العناصر الشاقولية الحاملة للأعمدة .
2. هيئات الانهيار المفاجئ كهيئات التحنيب .
و توصي نظم البناء عادة بزيادة متانة العناصر الشاقولية ، و بشكل عام يمكننا القول بأن التصميم الأمثل للمنشآت المقاومة للزلازل يقلل ما أمكن حدوث مفاصل لدنة في العناصر الشاقولية ، و يسمح بتشكلها في العناصر الأفقية كالجوائز .

IX ) طبيعة الأساس و تربة التأسـيس :

تلعب أساسات المبنى دوراً أساسياً في مقاومة الأحمال الزلزالية ، حيث أنها تشكل المحطة الأخيرة لوصول القوى الزلزالية المتولدة في المبنى إلى تربة التأسيس و تبددها بها ، و من جهة أخرى تقوم تربة التأسيس بتأثير كبير على طبيعة التسارع الزلزالي المتولد في أساسات المبنى ، حيث إن تربة التأسيس يمكن أن تقوم بتضخيم أو تخميد الاهتزازات الزلزالية وفقاً لبنيتها التركيبية ( رملية – صخرية – … ) ، و طبيعي أن يحدث هنالك تفاعل بين الموجات الزلزالية القادمة و الاهتزازات المتولدة في أساسات المبنى إلا أن معظم كودات البناء الزلزالية تهمل مثل هذا التفاعل بين المنشأ و التربة المحيطة به ، و تفترض أن طبيعة التربة صلدة أسفل المبنى ، و هذا مقبول لمعظم المنشآت البسيطة ، إلا أن الدراسات الحديثة أثبتت بأن تفاعل المنشـأ مع التربة المحيطة به خلال فترة التحميل الزلزالي تعتبر أساسية و يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند التصميم الزلزالي للمنشأت الهامة .

متطلبات مواد الإنشاء :

تلعب مواد الإنشاء دوراً هاماً في تحديد سلوك المنشآت في المناطق الزلزالية ، و من وجهة نظر زلزالية يمكن القول بأن المواد المناسبة لبناء المنشآت المقاومة للزلازل يجب أن تتميز بالمواصفات التالية :
1. خاصية مطاوعة عالية .
2. نسبة ( مقاومة / وزن ) عالية .
3. التجانس .
4. القدرة على تشكيل عقد اتصال صلدة .

الجمل الإنشائية المقاومة للزلازل :

بشكل عام يمكننا مقاومة تأثير الزلازل على الأبنية من خلال أسلوبين أساسيين هما :
1. تصميم منشأ متين قادر على مقاومة الحمولات الزلزالية بواسطة صلابته فقط .
2. تصميم منشأ مطاوع قادر على امتصاص طاقة الزلازل بتشوهات مقبولة .
و عادة يكون استخدام أيـّا ً من الحلين السابقين غير مجدٍ إقتصادياًإذا تم استخدامه بمعزل عن الأسلوب الآخر ، و يكون الحل الأمثل بتصميم منشأ يقاوم الأحمال الزلزالية بواسطة صلابته و مطاوعته بآن واحد .
يمكن تقسيم العناصر الإنشائية الأساسية المستخدمة في مقاومة الزلازل إلى ثلاث وحدات أساسية وهي : ” الإطارات – جدران القص – و العناصر الأنبوبية ” . و تتألف الجمل الإنشائية المقاومة للزلازل من عنصر أو أكثر من الوحدات السابقة .
¨ وسائل عزل طاقة الزلازل و تخميدها ضمن المباني :
بدأ حديثاً باستخدام عدة أساليب تهدف إلى :
1. تخفيض الطاقة الزلزالية المتسربة إلى المبنى عن طريق عزل أساساته .
2. تخفيض الطاقة الزلزالية ضمن المبنى و ذلك باستخدام مخمدات امتصاص لهذه الطاقة .
3. باستخدام الأسلوبين ( 1 ) و ( 2 ) معاً .
¨ أسلوب عزل الطاقة الزلزالية عن المباني :

يتم عزل الطاقة الزلزالية عن المباني من خلال اعتراض هذه الطاقة عند دخولها إليها ( أيّ عند أساسات تلك المباني ) ، و يتم ذلك باستخدام أدوات تؤدي إلى انقطاع الاهتزاز في أساسات المباني و يؤدي هذا الأسلوب إلى إطالة دور الاهتزاز الطبيعي للمنشآت المعزولة ، مما يعني بأن هذا الأسلوب يعتبر فعالاً في حالة المنشآت المشادة على ترب صخرية ( ذات دور اهتزازي صغير ) إلا أن هذا الأسلوب غير مجدي ( و قد يكون خطيراً ) في حالة المنشآت المشادة على الترب الناعمة أو الرملية ( ذات أدوار الاهتزاز الطبيعية الطويلة ) .
و يتم عزل أساسات المبنى على التربة بواسطة اسطوانات فولاذية تثبت تحت الأساسات ، و تعمل عطالة المبنى على فصله عن اهتزازات التربة المحيطة بأساساته ، و يتم امتصاص طاقة الزلزال ضمن التربة المتحركة و الأساس شبه المتوقف بفعل عطالته من خلال مخمدات طاقة .

التحليل الزلزالي للمنشآت

إن معظم طرق التحليل الزلزالي للأبنية تفترض السلوك الخطي المرن للمنشآت ثم تُدخل تأثير اللاخطية بشكل تقريبي ، و تقسم طرق التحليل الزلزالي للمنشآت إلى مجموعتين رئيسيتين كما يلي :

1. طرق التحليل الديناميكية و تتضمن :
أ – طريقة تحليل الأطوار باستخدام مخططات طيف الاستجابة .
ب – طريقة التكامل المباشر لمعادلة الحركة .
ج – طريقة التحليل اللاخطي مع أخذ تفاعل التربة و المنشأ .
تعتبر طريقة التحليل الساكن من أكثر الطرق انتشاراً نظراً لبساطتها و سهولة إنجازها يدوياً و ملائمتها للعديد من المنشآت البسيطة مما جعلها معتمدة من قبل الكثير من الكودات العالمية المستخدمة للتحليل الزلزالي .
و الجدير بالذكر أن نتائج التحليل المستخلصة بمختلف الطرق قد تتمايز بفروق كبيرة نظراً لطبيعة الفرضيات المستخدمة في كل منها ، و يبقى لخبرة مهندس الزلازل وزن كبير في اختيار الطريقة الملائمة للمنشأ المدروس ، و يظهر الجدول التالي بعض طرق التحليل الزلزالي المقترحة وفقـاً لطبيعة المنشأ المدروس .

2. طرق التحليل الساكنة :
تعتمد معظم الكودات الزلزالية العالمية طريقة مبسطة تحول القوى الزلزالية الديناميكية إلى قوى ساكنة مكافئة تؤثر على المبنى بالاتجاه الأفقي و وفق المحاور الرئيسية للمبنى .
تطبق طرق التحليل الساكن على الأبنية العادية ذات الأشكال المتناظرة أو القريبة من المتناظرة بحيث لا يتجاوز تراجع ( ارتداد ) الطوابق العليا أكثر من 25 % من المساحة الأفقية للمبنى ،و نظراً لبساطة طريقة التحليل الساكن و إمكانية تطبيقها على العديد من الأبنية العادية فقد تم اعتمادها من قبل الكثير ضمن كودة تصميم منشآت الخرسانة المسلحة .