المزارع العمودية


المزارع العمودية

تكمن فكرة المزارع العمودية، التي طورها بروفسور أمريكي، في نقل الحدائق والحقول إلى داخل المباني العالية وناطحات السحاب.

المزارع-العمودية-–-حدائق-وح
المزارع العمودية

وعلى الرغم من أن هذا المشروع لا يزال حبرا على ورق، إلا أن صاحبه يتوقع أن يساهم أيضا في مكافحة الجوع.
هناك مشاريع بناء في العالم لا تثير الإعجاب فحسب، بل تطلق العنان للخيال، على غرار مشروع المزارع العمودية (Vertical Farms) لعالم الأحياء الدقيقة البروفيسور الأمريكي ديكسون ديسبومير. وتظهر التصميمات الالكترونية لهذا المشروع، الذي لا يزال مجرد فكرة، على جهاز الكمبيوتر ناطحات سحاب عملاقة من ثلاثين طابقا وسط شوارع المدن الكبيرة وقد برز من وراء شبابيكها اللون الأخضر لحقول زراعية في بيوت زجاجية، حيث يمكن فيها زرع فيها الفواكه والخضروات والحبوب لملايين البشر.

وُلدت فكرة المزارع العمودية لدى البروفيسور ديسبومير في الجامعة التي يدرس فيها في نيويورك، حيث طلب من طلابه قياس مساحات سطوح المباني في حي مانهاتن في المدينة العملاقة والتي يمكن تحويلها إلى حقول زراعية.

وجاءت نتيجة أبحاث الطلاب لتولد الصدمة لدى الأستاذ والباحث البيولوجي، حيث أظهرت النتائج أن إجمالي مساحات مباني حي مانهاتن لا يتجاوز 8 هكتارات فقط .

وبالتالي فإن هذه المساحة لا تغطي سوى 2 بالمائة من احتياجات سكان الحي من المنتجات الزراعية وذلك إذا ما زرعت هذه المساحة بشكل كامل.

وللحيلولة دون أن يصاب طلابه بحالة من الإحباط عمد البروفسور ديسبومير إلى طرح فكرة جديدة للبحث تحوم حول سؤال مفاده” لماذا لا نوزع المساحات المطلوبة للزراعة على طوابق المباني؟”

مشروع زراعي بديل في المناطق الأقل خصوبة؟

ويطرح الباحث الأمريكي تفاصيل دقيقة لمشروع المزارع العمودية، بحيث يقول: “النباتات المزروعة في الحقول المفترضة تنمو وفق نظام المياه المقننة، أما الأرضية فتتمثل في كرات ترابية صغيرة”.

ويضيف: “وفيما يخص أشعة الشمس فإن واجهات المباني من شأنها أن تبنى بشكل يسهل امتصاص أكبر كمية ممكنة من أشعة الشمس أو من مواد عضوية تمتص الشعاع وتحتفظ به لمدة طويلة”.

ويوضح ديسبومير أن حتى نظام التكييف في المباني سيتم وفق أعلى درجات توفير الطاقة من خلال النباتات نفسها التي تنظم درجات الحرارة تلقائيا. ويشير البروفسور الأمريكي إلى أن نظام التكييف، الذي يتحدث عنه، “معمول به حاليا في مزارع البيوت الزجاجية في صحراء أريزونا”.

ويتابع شرحه للمشروع بالقول: “عندما يتساقط الماء على أوراق النباتات ويتبخر في الجو فإن ذلك يؤدي إلى خفض درجات حرارة الجو من 40 درجة مئوية إلى 30 درجة”.

ويؤكد ديسبومير أنه من الصعب أن تصاب النباتات في مزارعه بأي مرض، قائلا: “إن نظام التهوية لمزارعه العمودية الزجاجية لا يسمح بنقل الهواء من خارج المبنى إلا عبر قنوات تعمل وفق نظام الضغط المتفاوت بين الداخل والخارج، وهو أمر يمنع مرور حاملات ومسببات الأمراض إلى النباتات”.

مزارع في بيوت زجاجية من عدة طوابق

وفي الحقيقة يطمح ديسبومير من خلال أبحاثه إلى الوصول إلى هدف آخر يتمثل في تقليص المساحات المستغلة زراعيا ويبرر ذلك بالقول: “لا يوجد اليوم وفي كل العالم بيتا زجاجيا للزراعة يتكون من عدة طوابق”.

ويضيف: “يعود السبب إلى أن البيوت الزراعية الزجاجية تبنى على أرض رخيصة الثمن”.

ويقول البروفسور الأمريكي: “هناك مناطق قليلة في العالم يمكن الزراعة فيها دون مشاكل، فأوروبا وأمريكا أنعم الله عليها ببركة جودة التراب، لكن الأمر يختلف في دول مثل البرازيل والهند، حيث تكون الطبقة الترابية الصالحة للزراعة خفيفة جدا وتتعرض للجرف أثناء الأمطار الغزيرة، ما يؤدي إلى فقدان الطبيعة لعنصر أساسي”.

وفي الواقع، فإن العديد من البيوت قد بدأت بتنفيذ هذه الفكرة في إطار صغير، وخير مثال على ذلك هو تلك الحقول الزراعية التي تزرع في نوافذ البيوت، حيث يتم زراعة الكثير من الأعشاب المنزلية وبعض أنواع الفواكه والخضروات.

وإذا كانت تكاليف الزراعة في نوافذ المنزل لا تتجاوز حدود 30 يورو، فإن ديسبومير يقدر تكاليف مشروع الحقول الزجاجية العمودية بحوالي 20 مليون دولار.

ويلفت قائلا: “خطط المشروع جاهزة على الورق، وعلينا إلا أن نبحث عن تمويل لتنفيذه ولنرى عما إذا كان المشروع ناجعا أم لا”.

ويبدو أن توفير المال للمشروع وحده لا يجعله قابلا للتحقيق بقدر الحماس الذي يبديه ديسبومير من أجل محو كل الشكوك حول إمكانية بناء مزراع زجاجية عمودية في المستقبل.