المساكن التقليدية
المساكن التقليدية

المساكن التقليدية


المساكن التقليدية في المنطقة الغربية

توجد في المنطقة الغربية مراكز حضارية كبيرة هي مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف، وقد تأثرت هذه المنطقة بالأعداد الكبيرة من الحجاج الذي يفدون إليها من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وعلى مر العصور نقل هؤلاء الوافدون تقنيات وأساليب ميزت نمط المساكن التقليدية في المنطقة الغربية عن مناطق المملكة الأخرى وبالذات فيما يخص أساليب التشييد والمعالجات المعمارية.

النسيج العمراني

يتميز النسيج العمراني التقليدي في المنطقة الغربية بكثافة الكتل المعمارية المترابطة والمتصلة ببعضها البعض والتي تتخللها الطرق والأزقة الضيقة والمتعرجة التي توفر الظل ونسمات الهواء البارد للمشاة، فالمباني متراصة ومترابطة يظلل كل منها الآخر، مما يؤثر في التخفيف من حدة الحرارة بفعل تخلل تيارات الهواء الباردة.

الخصائص المعمارية للمساكن

تمتاز المساكن التقليدية في المنطقة الغربية بارتفاعها وتعد أدوارها وبكثرة واتساع الفتحات الخارجية المغطاة بالرواشين والمشربيات ذات النقوش الخشبية الجميلة، كما وتمتاز هذه المساكن بكثرة الزخارف الجصية والخشبية المشغولة على الرواشين وحول الأبواب بشكل عقود مدببة أو مستديرة.
لقد تأثر تشكيل المساكن التقليدية في المنطقة الغربية بعاملين أساسيين هما الحفاظ على الخصوصية وتوفير أعلى درجة من التهوية الطبيعية، إن وجود الرواشين في الواجهات يكسر من حدة ضوء الشمس الساطع خلال النهار، ويسمح لنسمات الهواء الباردة القادمة من جهة البحر بالتخلل إلى داخل المسكن، بالإضافة إلى أنها توفر الخصوصية للسكان. حيث تسمح الرواشين لجميع أفراد الأسرة وبخاصة النساء مشاهدة ما يحدث في الشوارع دون أن يلاحظهن أحد، كما وتمنح بروزاتها ظلالا للمشاة في الطرقات أسفل منها.
يتم تشييد المساكن التقليدية في المنطقة الغربية بنوعين من الحجارة، فيستعمل الحجر الجيري المرجاني في المستوطنات الساحلية مثل مدينة جدة وينبع، والحجر الجبلي الصلب في المستوطنات الجبلية مثل مكة المكرمة والطائف، فعلى سبيل المثال، تشيد المساكن التقليدية في جدة بارتفاع يصل إلى ستة أدوار من الأحجار الجيرية المرجانية ومونة الطين أو الجير مع استخدام دعامات أو فواصل خشبية أفقية على الحوائط تبعد عن بعضها البعض راسيا بمسافات متساوية تقارب المتر، وذلك من أجل منع تصدعات الحوائط الناتجة عن الهبوط غيرالمتساوي للمبنى، والذي يحدث نتيجة لضعف تحمل التربية وارتفاع منسوب المياه السطحية. أما الأسقف فتنشأ من ألواح خشبية ترتكز على مرابيع من الخشب ثم توضع فوقها طبقة من الحجر الجيري المرجاني ثم طبقة من الرمل ثم بلاط الأرضيات.
تغطى حوائط المساكن الخارجية بطبقة من لياسة الجير لحماية أحجار البناء من التآكل بتأثير الرطوبة النسبية العالية، ثم تدهن بطبقة من الدهان الأبيض أو بألوان فاتحة مثل الأزرق السماوي، وتركب الرواشين والسواتر الخشبية على فتحات المسكن وحول جدار السطح، ويتم عمل الرواشين، من أخشاب التيك أو أي خشب صلد وتحلى بنقوش دقيقة رائعة تظهر وكأنها تغطى معظم مساحة واجهة المسكن، فتظهر الحوائط الخارجية كأنها من نسيج خشبي رقيق.

المساكن التقليدية في المنطقة الجنوبية

تتكون المنطقة الجنوبية من مستوطنات وتجمعات سكانية زراعية صغيرة منتشرة في جميع أنحاء الإقليم على قمم وسفوح الجبال وفي تهامة الساحل، وتعد المنطقة الجنوبية من أعلى مناطق المملكة كثافة سكانية، وذلك لوفرة الأمطار وملاءمتها للزراعة، لقد أعطى الاختلاف الكبير في المناخ وفي طبوغرافية الأرض بدءا من قمم الجبال والسفوح وانتهاء بساحل البحر الأحمر تميزا واختلافا في الأنماط المعمارية للمساكن وفي مواد البناء المستخدمة وطرق الإنشاء المتبعة، حيث تتميز المنطقة الجنوبية بأنماط عمرانية ومعمارية متغايرة في كل من منطقة الهضبة (نجران) ومنطقة السراة/ المرتفعات (أبها)، ومنطقة الإصدار (جبال فيفا) ومنطقة تهامة (جيزان).
يختلف مناخ المنطقة الجنوبية باختلاف المواقع والارتفاع عن سطح البحر، فمناخ المناطق الداخلية والتي تقع على الجهة الشرقية من سلسلة جبال السروات يتبع المناخ الصحراوي حيث الحرارة والجفاف صيفا مع اعتدال الحرارة وقلة الأمطار شتاء، بينما يمتاز مناخ المناطق الجبلية المواجهة للبحر الأحمر باعتدال الحرارة صيفا وزيادة معدل هطول الأمطار والبرودة شتاء، أما المناطق الساحلية فيسودها صيفا مناخ شديد الحرارة مرتفع نسبة الرطوبة، وتعتدل درجات الحرارة في الشتاء. لذلك فقد تعددت طرق ومواد البناء المستخدمة في تشيد المساكن لتلائم الظروف المناخية. فقد استخدم الطين في نجران، واستخدم الطين والحجر معا فيما يسمى بالبناء بطريقة (الرفف) في أجزاء من منطقة أبها وسراة عبيدة. واستخدم الحجر الخالص في بناء المساكن في فيفا والباحة وكثير من المناطق الجبلية، واستخدمت جذوع وأغصان الأشجار وكذلك أعواد القصب والخيزران والحشائش الجافة مع الجبال المفتولة في تشييد العشش السكنية في جيزان وبقية المستوطنات الواقعة على الساحل في تهامة.