التلوث الضوئي – مشاكل التلوث الضوئى


التلوث الضوئى

الله سبحانه وتعالى خلق الكون في توازن دقيق , خلق لنا النهار لنعمل فيه وتنشط حركتنا ,  , وخلق الليل لراحة والسكون ,
ولكن الانسان لم يترك شيئا على حاله , وكلما زاد تطوره وزادت اختراعاته , اخل في توازن الارض وطبيعتها

فأصبحت هناك الكثير من المدن التي لا تنام , النور يبقى فيها ليل نهار وهذا التغير الذي صنعه الانسان لا يؤثر على البيئة فقط , بل يؤثر عليه ايضا

فمنذ مدة قد تزيد عن القرن والإنسان يستخدم كميات متزايدة من الضوء الكهربائي، ليهزم بها الظلام، وليحوِّل الليل إلى نهار ,

ففي بريطانيا وحدها هناك على الأقل 7.5 ملايين مصباح من مصابيح الشوارع، يضاف إليها مئة ألف كل عام، وكما تُظهر صور الأقمار الصناعية،
فإن باقي دول العالم لا تختلف في هذا التوجه، وهو إبعاد الليل، فأضواء الليل تقلل الحوادث، وتحد من الجرائم، وتبعد مخاوف الناس من الظلام.

لكن لهذا الأمان ثمناً باهظاً، وهو زيادة مشكلة التلوث الضوئي، ففي السماء نجد غطاءً برتقالياً معلقاً فوق المدن في جميع أنحاء العالم، تسببت في وجوده مصابيح الشوارع، التي تصب أضواءها في السماء، فتتناثر عن طريق الملوثات التي يحملها الهواء.

ontario14aug03
التلوث الضوئى

التلوث الضوئي يؤثر على :

1) علم الفلك

2) على البيئة والحيوانات

3) على صحة الانسان

 

التلوث الضوئي وعلم الفلك :

إذا عدنا إلى الوراء، وتحديداً إلى عام 1910، فسنجد الفلكيين قد اشتكوا من أن رؤيتهم لمذنب هالي صارت محدودة بسبب الضوء الكهربائي.

ومن الطبيعي أن المشكلة قد تفاقمت الآن، إلى درجة أن مرصد غرينتش الملكي قد نقل تلسكوباته أولاً في خمسينيات القرن الماضي إلى سوسيكس،
لكن الأضواء لاحقتها إلى هناك فجرى نقلها مجدداً في الثمانينيات إلى جزر كناري .

وأما مرصد جامعة لندن فإن مديره ديريك ماكنالي يقول إن مشكلة التلوث الضوئي تقلق رجال الفلك، وهم لا يعرفون كيف يمكن التكيف معها. وقد استعمل المرصد كثيراً من الحلول، مثل مرشحات الضوء، ليستبعد بها كثيراً من الأضواء غير المطلوبة، علاوة على أجهزة حساسة لتصوير أضعف الأضواء المنبعثة من السماء.

وقرب لوس أنجلوس هجر مرصد ويلسون تليسكوباته البصرية عام 1985، لأن أضواء السماء صارت مضاعفة خمس مرات عن الوضع الطبيعي، وقد أعيد افتتاح هذا المرصد عام 1993، واكتفى برصد الشمس والكواكب القريبة، فقد جعل التلوث الضوئي رصد الأجرام السماوية أمراً صعباً جداً.

وفي مرصد آخر في كاليفورنيا، وهو مرصد بالومار، يحس الفلكيون بالقلق، لأن تلسكوبه الضخم (قطره 200 بوصة)، الذي يُعد من أكبر تلسكوبات الولايات المتحدة الأمريكية مهدد بزحف أضواء السماء.

 

اثر التلوث الضوئي على البية والحيوانات :

كتير من الحيوانات ما ئدرت تتكيف مع هذا التغير وهذا الضوء اللي ظهر بالليل وابعد ظلمته ,

فالسلاحف البحرية الضخمة الرأس هجرت أعشاشها التي تفرخ فيها على الشواطئ في ولاية فلوريدا الأمريكية ،

وكثير من الحيوانات الليلية توقفت عن البحث عن غذائها ليلاً.

وفي كندا، فشلت الطيور المهاجرة في تحديد اتجاهها، لأن أضواء المدن منعتها من رؤية النجوم التي تهتدي بها أثناء رحلة الهجرة ،

أما الدببة القطبية فقد أصبحت في حالة من الهياج بسبب مصادر الضوء الصناعي دفعتها إلى مهاجمة تلك المصادر، وقد دمرت فعلا أعمدة كهربائية في أحد شواطئ ألاسكا ,

وفي بريطانيا، طلبت سلطات حماية البيئة من إحدى محطات الطاقة النووية أن تخفض أضواءها، لأن الطيور المهاجرة توقفت عن بناء أعشاشها في منطقة تمتد أربعة أميال حول تلك المحطة.

و طائر أبو الحناء الشهير في بريطانيا المشهور بتغريده عند بزوغ الفجر ,
يمكن سماعه الآن وهو يغرد في الليل ، لأنه فقد التمييز بين أضواء المصابيح وبين ضوء الفجر، الذي اعتادت أجياله السالفة أن تغرد عند طلوعه .

و تقول إحصاءات جمعية شيكاغو للطيور إن نحو 100 مليون إلى 1 مليار من الطيور يموت كل سنة بسبب الاصطدام بالبنايات الشامخة , لأنهم فقدو القدرة على تحديد الاتجاهات.

 

التلوث الضوئي وتأثيره على صحة الانــسان:

لتلوث الضوئي اثار سلبية كثيرة على صحة و السلامة الجسدية والعقلية بالتحديد ,

فالدراسات الطبية والعلمية، تظهر أن فرط الإضاءة، أو استخدام إضاءة غير مناسبة من حيث التركيب الطيفي، يتسبب في العديد من المشاكل الصحية.

مثل زيادة نوبات الصداع، والشعور بالإرهاق، والتعرض لدرجات مختلفة من التوتر، وزيادة الإحساس بالقلق ,

فمثلاً..

من المعروف أن الإضاءة المفرطة تعتبر عاملاً مباشراً ومهماً، خلف التعرض لنوبات الصداع النصفي الحاد ( الشقيقة ) ,

وفي إحدى الدراسات المسحية، احتل فرط الإضاءة المرتبة الثانية على قائمة الأسباب التي تؤدي لحدوث نوبات الصداع النصفي بين المصابين ,

بينما كان فرط الإضاءة هو السبب الرئيسي خلف الإصابة بنوبات الصداع النصفي بين 47% من بين جميع المصابين بهذا المرض

ولا تتوقف العلاقة بين الصداع وبين الإضاءة على درجة الشدة فقط ، بل أيضاً على نوع الطيف الضوئي المستخدم والتي تعتمد على نوع الضوء المستخدم ,
كما في حالات الاعتماد على الضوء الفلوريسنت (fluorescent light) بدلا من ضوء الشمس.

هذا الاختلال الطيفي، بالإضافة إلى شدة الإضاءة، يعتبران معاً عاملين مهمين خلف زيادة الإحساس بالإرهاق، وخصوصاً بين من يقضون ساعات طويلة في العمل تحت مثل هذا النوع من الإضاءة .

نفس هذه الظروف الضوئية، تؤدي أيضاً إلى زيادة واضحة في معدلات الشعور بالقلق والتوتر.

حيث أثبتت الدراسات الطبية بالفعل، وجود ارتفاع في معدلات التوتر بجميع أعراضه وعلاماته الطبية، بين العاملين في أماكن أو القاطنين لمنازل، تستخدم فيها إضاءة مفرطة، وخصوصاً من نوع الفلوريسنت ,

الأثر الآخر لفرط الإضاءة يتخطى الجانب النفسي والعقلي،

ويصيب الجانب العضوي من أجسادنا مباشرة ,

هذا الأثر يظهر في شكل ارتفاع ضغط الدم ، بين الأشخاص المعرضين لفرط الإضاءة لساعات طويلة خلال اليوم.

ويعتقد العلماء أن ارتفاع ضغط الدم في هذه الحالات، ينتج بشكل غير مباشر من زيادة مستوى التوتر الذي يتعرض له المعرضون لفرط الإضاءة ,

فالمعروف أن زيادة مستوى التوتر ، تؤدي إلى إفراز الجسم لهرمون الأدرينالين، والمسؤول عن وضع الجسم في حالة من التأهب والاستعداد،
من خلال تغيرات بيولوجية وفسيولوجية عديدة، مثل رفع ضغط الدم وزيادة ضربات القلب ,

[ هذا التأثير ربما يطرح تفسيراً جيداً للتنبؤات المستقبلية بأن عدد المصابين بارتفاع ضغط الدم سيصل إلى 1.5 مليار شخص بحلول عام 2025، وهو ما يقارب ربع أفراد الجنس البشري، حسب توقعات النمو السكاني حينها. وهو الأمر الذي إذا ما صح، فستبلغ الزيادة المتوقعة حينها قرابة الـ60%، عما كان الوضع عليه في عام 2000 ]

ويعتقد العلماء أن هذه التأثيرات العضوية لفرط الإضاءة
تنتج من استثارة الغدة الصنوبرية (pineal gland) الموجودة في قاع المخ،
والتي تعتبر المقياس الداخلي للتغيرات الضوئية (photometer)، الذي يتم من خلاله تحديد الإيقاع اليومي للعمليات الفسيولوجية.

اختلال هذا الإيقاع، يؤدي مثلاً إلى تثبيط إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول إلى حد ما عن منع اضطراب ضربات القلب، والوقاية ضد الإصابة ببعض الأمراض السرطانية.

هذه الوظيفة الأخيرة للميلاتونين، يعتقد البعض أن استخدام الإضاءة الليلية، وما ينتج عنها من تثبيط لهرمون الميلاتونين، ربما كان هو السبب خلف انتشار الأمراض السرطانية، بين من يعملون بنوبات ليلية، وبين سكان الدول الصناعية بوجه عام.

كل هذه الآثار والتبعات، تظهر لنا بشكل جلي أن أعضاءنا وأجسامنا، تتفاعل بشكل قوي مع البيئة الضوئية المحيطة، وهو التفاعل الذي لابد وأن نضعه في الحسبان، في سعينا نحو حياة صحية أفضل، خالية من القلق والصداع وارتفاع ضغط الدم.