العزل الحراري لخفض تكلفة الأبنية
هل يمكن الحديث عن تكلفة أقل للمباني إذا تم عزلها حرارياً مقارنة بالمباني التي لا تعزل حرارياً؟ كثيراً ما يتردد هذا السؤال، ويحتار الناس في الإجابة بقولهم: إذا كان ذلك صحيحاً فلماذا تفتقر بيوتنا إلى العزل الحراري؟
كي نتحقق من الإجابة عملياً فلنأخذ مثلاً من أبنيتنا التقليدية؛ فمثلاً، لنأخذ شقة مساحتها 200 م2، ولنفترض أن تكلفة إنشائها تساوي 40.000 دينار تقريباً، ذلك إذا كانت غير معزولة الجدران.
لنفترض أيضاً أن الشقة تقع في الطوابق السفلية، وليست في آخر طابق، كي يمكننا الحديث عن عزل حراري للجدران فقط (وإن كان ذلك غير ممكن احيانا في مواصفات البناء لأسباب كثيرة).
فإذا افترضنا أيضاً أن هناك جداراً من الطوب في الجدران الخارجية من الداخل قد تم استخدامه كطوبار عند صب خرسانة التصفيح خلف الحجر، كما هي طريقة البناء المألوفة عندنا، فإن ما يتبقى حساب تكلفته هو العازل الحراري.
فلنفترض أننا سنضع عازلاً في الجدران بسماكة خمسة سنتمترات وكثافة 25 كغ / م3، وهذا تقريباً يطابق مواصفات الانتقالية الحرارية في الجدران الأردنية التي تم تحديثها مؤخراً. وعليه، فإننا نكون بحاجة إلى نحو 120 متراً مربعاً فقط من ألواح العزل الحراري لوجود الفتحات الخارجية، ولما كان سعر العازل الحراري يعادل نحو 5 دنانير / م2 لأفضل نوع، فان تكلفة العازل الحراري بمجملها تساوي 600 دينار للشقة المزمع إنشاؤها.
بالمقابل، فإن التوفير في مجمل الطاقة المفقودة من الشقة في فصل الشتاء سيكون نحو 50 % من الطاقة الكلية المفقودة من جدران البناء وسقفه وأرضيته (حيث الطابقان أسفل الشقة وأعلاها مشغولان بالسكان).
هذا يعني أنه بإمكاننا أن نختصر نصف المشعات الحرارية في الشقة، وكذلك نصف قدرة البويلر أو أقل قليلاً، والأمر ينسحب على تخفيض قدرة المضخات الكهربائية وأقطار الأنابيب. فضلاً عن تخفيض أجرة تركيب هذه التمديدات والتقليل من الصيانة المترتبة عليها في المستقبل، ناهيك بتخفيض كمية الطاقة المستخدمة للتدفئة أو التبريد صيفاً شتاءً.
وعليه، فإن مجمل هذا التوفير في التكلفة الأساسية للشقة لا يقل عن 2200 دينار أردني.
وإذا خصمنا تكلفة العازل الحراري البالغة 600 دينار، فإن الوفر في تكلفة الإنشاء هو 1600 دينار؛ ويُشكل هذا المبلغ نسبة 4 % من التكلفة الكلية للشقة.
وبذلك نستطيع القول إن تكلفة شقة مساحتها 200 متر مربع تنخفض بنسبة 4 % إذا قمنا بعزلها عزلاً حرارياً ممتازاً، كما أن كمية استهلاك الطاقة ستنخفض بنسبة 50 % سنوياً، سواء كان ذلك لأغراض التدفئة شتاءً أو لأغراض التبريد صيفاً.
ألا يستحق ذلك منا التفكر والشروع في التخطيط لعزل الأبنية حرارياً عزلاً ممتازاً، والنظر في رفع كفاءَة النوافذ والأبواب الحرارية لتحسين مجمل كفاءَة البناء وكذلك منع تسرب الهواء من خلال الفتحات الخارجية بما في ذلك صناديق الأباجورات؟ ألا يستحق قاطنو الأبنية أن يتنعموا بالراحة الحرارية في داخل أماكن سكناهم وأن يستغلوا المصروفات الإضافية الناجمة عن الهدر في الطاقة لأغراض تحسين أحوالهم المعيشية في عالم غدت فيه الأوضاع الاقتصادية والنفسية أكثر صعوبة؟