سر قوة السيارات الكهربائية يكمن في كيمياء بطارياتها
تسهر كبريات الشركات الألمانية على الوصول بأداء مركبات المستقبل إلى المثالية وتتضافر جهود اختصاصات علمية مختلفة لتحقيق ذلك، ويأتي في مقدمتها شركات علوم الكيمياء المعنيَّة بتصميم قلب السيارة الكهربائية، ألا وَهو: بطاريتها.
تلعب شركات صناعة المواد الكيميائية دوراً مهماً للغاية في تطوير السيارات الكهربائية، إذ توفر المعرفة والخبرات المطلوبة لصناعة قلوب السيارات الكهربائية والمتمثلة بالبطاريات، والتي يتطلب إنتاجها خليطاً معيناً من المواد الكيميائية الخاصة لتتمتع البطارية بأداء متميز ومتانة عالية وقدرة على تخزين الطاقة، تحددها أقطابها وعوازلها ومحاليلها الكهربائية.
وصفات خاصة
والأداء الجيد والأمان والتكلفة المعقولة وتوفر مصدر الطاقة وطول مدة الصلاحية هي المعايير الخمسة الرئيسية التي يقاس من خلالها الأداء العام لبطاريات السيارات الكهربائية، كما يقول هنريك هان المدير العام لشركة ليتاريون المتخصصة في إنتاج مكونات بطاريات الليثيوم الكيميائية المخزنة للطاقة. ويستطرد هان قائلاً: “صناعة بطاريات السيارات تماماً مثل صنع الكعك، فلا يرى المرء المواد المكوّنة للكعكة التي أمامه، لكنه يستطيع تذوّق طعمها اللذيذ”.
ولتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية لا بد من التمتع بمعرفة واسعة بعلوم الكيمياء، وطرق تصميم أقطاب البطارية الكهربائية وعوازلها الداخلية والخارجية.
ويتابع هنريك هان كلماته قائلاً: “توجد وصفات تقنية محددة تجعل من الممكن صناعة بطاريات مناسبة لتشغيل السيارات الكهربائية ذات الأداء الجيد”.
لا تستطيع شركات صناعة السيارات الكهربائية الاستغناء عن خدمات الشركات الخبيرة في مجال الكيمياء الكهربائية التي تمتلك سر وصفات البطاريات الكهروكيميائية
وقد نجحت بالفعل جهود تنفيذ عدد لا بأس به من الأفكار المبتكرة للحصول على بطاريات تامة الصنع وجاهزة للاستخدام، في حين أن تطوير مواد جديدة لا يزال قائماً على قدم وساق.
ومن أمثلة ذلك، تطوير عوازل هيكل البطارية بحيث تكون مصنوعة من السيراميك المَرِن المقاوم للحرارة الذي يفصل بين مكونات البطارية وبذلك يتم أيضاً تفادي قِصَر دوائرها الكهربائية وبالتالي تجنب تلف البطارية.
ومن ناحية أخرى تعكف الشركات على إجراء بحوث أخرى للوصول إلى السيارة الكهربائية المثالية، لذلك تعمل مثلاً على تطوير المواد المقوَّاة بألياف الكربون التي من شأنها تخفيف وزن قطع السيارة الكهربائية بشكل كبير، بل وجعلها أكثر أماناً.
كما تقوم شركة بي إيه إس إف بتطوير تقنية التدفئة والتبريد من خلال إنتاج مواد رغوية عازلة لقِطَع السيارة الكهربائية.
وتعمل أيضاً على تطوير ألواح تشبه الأفلام الرقيقة وميزتها تكمن في أنها تسمح بدخول ضوء الشمس عبر نوافذ السيارات، لكنها تعكس في نفس الوقت حرارة الشمس وتمنعها من تسخين السيارة.
في الاتحاد قوة
وتبيَّن مؤخراً لشركات السيارات وشركات ذات الاختصاصات المختلفة في مجالات الهندسة الميكانيكية والكيميائية والكهربائية وتقنية البرمجة والمعلومات أنه لا يمكن تحقيق نتائج جيدة في صناعة السيارات الكهربائية إلا من خلال تضافر جهودها جميعاً.
فأصبحنا نرى مثلاً أن عملاق الصناعة الكيميائية، شركة بي إيه إس إف، يعمل جنباً إلى جنب مع شركة أوبل لتطوير قطع وهياكل جديدة للسيارات، تكون خفيفة الوزن.
بطارية مناسبة للسيارات الكهربائية: مبنية على تقنية الليثيوم من شركة دايملرفي حين تعمل شركة بي إم دبليو في فريق جماعي تضامني واحد لتأمين المواد الخام اللازمة لصناعة السيارات مع مجموعة شركات إس جي إل المتخصصة في إنتاج المواد المقوَّاة بألياف الكربون.
كما قامت شركة ثلاثة إم، المنتجة لأسطوانات حرق الوقود، بالتعاون مع شركة دايملر لتطوير نوع آخر من سيارات الطاقة النظيفة وهي السيارة الهيدروجينية التي تعمل على حرق الهيدروجين النظيف في اسطوانات خاصة.وسيشهد عام 2020 وجود مليون سيارة كهربائية على الطرق والشوارع الألمانية بحسب توقعات الحكومة الألمانية، غير أن هناك تحديات لا يزال على القطاع الصناعي التغلب عليها قبل تحقيق ذلك.
لذلك تتعاون شركات تصنيع السيارات معاً لدعم مشاريع تطوير السيارات الكهربائية وبمساندة مالية من الحكومة الألمانية وذلك لجعل أسعارها معقولة للمستهلك.
فشركة بوش ومجموعة دايملر مثلاً تجريان مشروعاً مستقبلياً مشتركاً لتصميم وبناء محركات السيارات الكهربائية، وهو تعاون وثيق جديد من نوعه رغم وجود تعاون اعتيادي سابق بينها في مجال تزويد بعضها البعض بقطع ومكونات السيارات.
والفكرة من وراء هذا التعاون هو إنتاج عدد كبير من المحركات الكهربائية التي ستصبح أسعارها معقولة للجميع إذا ما تم إنتاجها بأعداد وفيرة.