أنظمة المجاري


أنظمة المجاري

 

أنظمة المجاري
في هذه المقالة سنلقي نظرةً على واحدةٍ من الأعمال الداخلية لأنظمة المجاري وذلك لفهم كيفية معالجة بلايين الغالونات من المياه القذرة التي ينتجها العالم كلّ يوم.
لماذا نحتاج إلى أنظمة المجاري:

في كلّ مرة تنظف فيها التواليت أو تغسل شئياً وينزل فيها الماء في بالوعة المغسلة, فإنّك تشكّل مياه مجاري (أو المياه القذرة كما هي معروفة في المجتمع المتحضر).

وقد يجول في خاطر الناس التساؤل عن السبب في عدم التخلص من هذه المياه القذرة على الأرض الموجودة خارج المنزل أو في الجدول المجاور ببساطة, وهذا ما يجعلنا نتطرق إلى ثلاثة أمورٍ رئيسية تحول دون إطلاق المياه القذرة في البيئة وهي:
1- تصدر الانتانات. فإذا ألقيت المياه القذرة إلى البيئة بطريقةٍ مباشرة, فإنّ الروائح النتنة ستنبعث بسرعةٍ كبيرة.

2- تحتوي على البكتيريا الضارّة. فالنفايات الانسانية تحتوي على البكتيريا الكوليفورمية ومنها إي كوي وغيرها من البكتيريا القادرة على التسبب بالإمراض. وعندما يتلوّث الماء بهذه البكتيريا فإنّه يصبح خطيراً على الصحة.

3- يحتوي على المواد الصلبة والكيماوية المحرّمة التي يمكن أن تضر البيئة. فعلى سبيل المثال:

– تحتوي المياه القذرة على النتروجين والفوسفات الذي يشجع الطحالب على النمو كونه أحد المخصبات. ويمكن أن يؤدي نمو الطحالب المفرط أن يمنع نفاذ نور الشمس بالإضافة إلى قدرته على إفساد الماء.

– يحتوي الماء القذر على مادة عضوية تعمل البكتيريا على تفسيخها. وعندما تبدأ بهذه العملية, تعمل البكتيريا على استهلاك الأوكسجين الموجود في الماء, الأمر الذي يؤدي إلى قتل الأسماك.

– المواد الصلبة العالقة في الماء القذر تجعل الماء مظلماً, كما في مقدروها التأثير على قدرة العديد من الأسماك على التنفس والرؤية.

كما تعمل الطحالب المتزايدة والأوكسجين المخفّض والظلمة على تدمير قدرة الينبوع أو البحيرة في دعم الحياة البرية مسببةً موت كل الأسماك والضفادع وغيرها من المخلوقات.

من الطبيعي أن لا أحد يرغب في العيش في مكانٍ ممتلئ بالنتانة والبكتيريا القاتلة بالإضافة إلى كونه غير قادرٍ على دعم الحياة المائية, الأمر الذي دفع المجتمعات إلى بناء مصانع معالجة المياه القذرة بالإضافة غلى فرض القوانين التي تحول دون إطلاق المجاري المفتوحة إلى البيئة.

المعالجة الخاصة: خزان المجاري:

في المناطق الريفية البعيدة حيث تتباعد المنازل عن بعضها لمسافاتٍ كبيرة وتكون فيها عملية تركيب نظام المجاري باهظة التكاليف, يعمل الناس على تركيب أنظمتهم الخاصة, وبصورةٍ أدق مصنع معالجة المجاري الخاص, وهو ما يتم تسميته بخزان المجاري, والذي يمكن تعريفه ببساطة على أنّه خزان فولاذي أو بيتوني كبير مدفون في الساحة. وقد يتسع الخزان لألف غالون من الماء (4 آلاف ليتر). وتصب المياه القذرة في الخزان من جهة واحدة وتخرج من الخزان من الجانب الآخر. ويبدو الخزان كما هو ظاهرٌ في هذا المقطع العرضي:

في هذه الصورة بإمكانك رؤية ثلاثة طبقات, حيث تعمل كل الأشياء التي تطوف على السطح وترتفع إلى القمة على تشكيل طبقة الزبد (Scum Layer), في حين تشكل جميع الأشياء الثقيلة الغائصة في الأسفل كبقة الأوحال (Sludge Layer), أما في المنتصف فتتواجد طبقة واضحة للغاية من الماء. ويحتوي هذا التكوين على البكتيريا والمواد الكيماوية كالنتروجين والفوسفور الذي يعمل كمخصّب, لكنّ هذا الماء خالٍ بصورةٍ كبيرة من المواد الصلبة.

ويأتي الماء القذر إلى الخزان عبر أنابيب المجاري الموجودة في المنزل, كما هو معروضٌ هنا:

ويصدر خزان القاذورات الغازات ذات الروائح السيئة بصورةٍ طبيعية (تسببها البكتيريا من خلال تحليلها للمادة العضوية الموجودة في الماء القذر), ولهذا فإنّ المغاسل تحتوي على حلقات أنابيب تدعى بمرشحات المجرى الصحي (P-traps) التي تحمل المياه في الحلقة الأوطأ وتمنع الغازات من التدفق بصورةٍ رجعية إلى المنزل. وتتدفق هذه الغازات عبر أنبوب تنفيس واضح للعيان أو عبر عدة أنابيب. وعندما يدخل الماء الجديد إلى الخزان, فإنّه يعمل على إزاحة الماء الموجود هناك. ويتدفق هذا الماء خارج خزان المجاري إلى حقل تجفيف مصنوع من أنابيب مثقبة مدفونة ضمن خنادق ممتلئة بالحصى. ويظهر التخطيط التالي نظرة فوقية لمنزل وخوان صحية, بالإضافة غلى صندوق توزيع وحقل تجفيف:

ويصل قطر أنبوب حقل التجفيف النظامي إلى 4 إنش (10 سم) وهو مدفون في خندق يترواح عمقه بين 4 و6 أقدام (حوالي 1.5 م) ويصل عرضه إلى قدمين (0.6م). ويملأ الحصى القدمين أو الاقدام الثلاثة السفلى من الخندق ويغطي الوسخ الحصى بمثل هذه الطريقة:

ويتم امتصاص الماء وترشيحه ببطء عن طريق الأرض في حقل التجفيف, كما يتم تحديد حجم حقل التجفيف وفقاً لمدى قدرة الأرضية على امتصاص الماء. وفي الأماكن التي تكون فيها الأرض طينية بشدة وتعمل على امتصاص الماء ببطءٍ شديد, يتوجب أن يكون حقل التجفيف أكبر بكثير.

ويتم تشغيل نظام المجاري بصورةٍ تقليدية بالجاذبية بدون أي قوّة أُخرى, حيث يتدفق الماء الماء أسفل المنزل إلى الخزان, وإلى أسفل الخزان إلى حقل التجفيف, الأمر الذي يجعل هذا النظام سلبياً للغاية.

قد تكون سمعت بتعبير (العشب أكثر خضرة فوق خزان المجاري). في الحقيقة, فإنّ العشب يكون أكثر خضرةً في حقل التجفيف لأنه يستفيد من الرطوبة والمواد المغذية الموجودة في الحقل.

أنظمة مياه القاذورات الحضرية:

في المناطق الحضرية والمدنية حيث يعيش الناس في بيوتٍ متقاربة من بعضها, تتواجد كميات أكبر بكثير من المياه القذرة التي يتوجب معالجتها, الأمر الذي يدفع المجتمع لإنشاء نظام مجاري يجمع المياه القذرة ويأخذها إلى مصنع معالجة المياه القذرة.

وبصورةٍ نموذجية, يتم تشغيل نظام شبكات المجاري بالاستغانة بالجاذبية, بنفس طريقة خزان المجاري. وتتصل أنابيب كل منزل أو مبنى بمجرى رئيسي يمتد, على سبيل المثال, تحت منتصف الشارع. وقد يتراوح قطر المجرى الرئيسي بين 3 و5 أقدام (من متر غلى 1.5 متر). وبصورةٍ دورية, سيمتد الأنبوب العمودي إلى الأعلى من المجرى الرئيسي إلى السطح, حيث يتم تغطيته بغطاء فتحة الدخول إلى المجاري, وتتمثل أهمية فتحات المجاري في السماح بالدخول إلى المجرى الرئيسي للقيام بأعمال الصيانة.

وتصب المجاري الرئيسية في أنابيب أكبر بصورةٍ تدريجية إلى أن تصل إلى مصنع معالجة مياه المجاري. ولمساعدة الجاذبية في القيام بعملها, يتوضع عادةً مركز تكرير مياه المجاري في منطقة منخفضة, وتتدفق المجاري الرئيسية عادةً إلى مصبات (تصب بصورة طبيعية إلى الأسفل) ومنها إلى مصنع التكرير.

وبطريقةٍ اعتيادية, لن تتعاون طبقة الأرض بصورةٍ كاملة, كما لا تستطيع الجاذية أن تقوم بكامل المهمة. وفي هذه الحالات, يتضمن نظام المجاري على (مضخة طحن) أو (محطة رفع) وذلك لنقل المياه القذرة إلى أعلى تل.

وعندما يصل الماء إلى وحدة معالجة المياه القذرة, فإنّها تمر عبر مرحلتين أو ثلاث مراحل معالجة (اعتماداً على تطور وحدة المعالجة).

وهنا نذكر مهمة كل مرحلة:

– المرحلة الأولى: تعرف بالمعالجة الأولية, وتقوم بنفس العملية التي يقوم بها خزان المجاري, فهي تسمح للمواد الصلبة في الاستقرار خارج الماء بالإضافة إلى أنّها ترفع الزبد إلى الأعلى. وبعد ذلك يجمع النظام المواد الصلبة ليتم رميها (إما في مكب نفايات أو في فرن). وتعد هذه المعالجة بسيطة للغاية, فهي تتضمن منخل كبير يتبعه مجموعة من البرك الكبيرة والصغيرةالتي تسمح للماء بالاستقرار مع إخراج المواد الصلبة. وقد تزيل المعالجة الأولية من المياه نصف المواد الصلبة والمواد العضوية والبكتيريا. وإذا كانت وحدة معالجة المياه لا تقوم سوى بعملية المعالجة الأولية, فإن المشرفون على هذه العملية يقومون بتعقيم الماء بالكلور, وذلك لقتل البكتيريا المتبقية والمعزولة.

– المرحلة الثانية: وتعرف بالمعالجة الثانوية, حيث تعمل على إزالة المواد العضوية والمواد المغذية للبكتيريا, ويتم القيام بهذه العملية بمساعدة البكتيريا, حيث يصل الماء إلى خزانات التهوية وذلك لكي تستهلك البكتيريا كل ما تستطيع استهلاكه. وبعد ذلك, تصل المياه القذرة إلى خزانات الاستقرار وتستقر البكتيريا في الخارج. وقد تزيل عملية المعالجة الثانوية 90 بالمئة من المواد الصلبة والعضوية من المياه القذرة.

– المرحلة الثالثة: وتعرف بالمعالجة الثلاثية, تتبدل وفقاً لتركيب وتجمّع المياه القذرة.
وبصورةٍ نموذجية, تستخدم هذه المرحلة المواد الكيماوية لإزالو الفوسفور والنيتروجين من الماء. ولكنها قد تتضمن مناطق فلترة وأنواع أُخرى من المعالجة. ويعمل الكلور المضاف إلى الماء على قتل كافة البكتيريا المتبقية بالطريقة التي تجعلنا قادرين على الاعتماد على الماء.

قياس مدى فعالية وحدة المعالجة:

يتم قياس مدى فعالية وحدات معالجة المياه القذرة وفقاً لعدة معايير مختلفة.
ونستعرض هنا بعضاً من أكثر المعايير شيوعاً:

– (PH) لوغاريتم تركيز أيون الهيدروجين: ويعنى هذا المقياس بنسبة حموضة الماء بعد تركه لوحدة المعالجة. وبصورةٍ مثالية, فإنّ ماءات الماء ستتلاءم مع ماءات النهر أو البحيرة التي ستستقبل ناتج وحدة المعالجة.

– (BOD) طلب الأوكسجين الحيوي: وهو قياس مقدار كمية الأوكجسين المطلوب وجودها في الماء عند الانتهاء من التخلص من المادة العضوية المتروكة في مواقع التدفق. وبصورةٍ نموذجية, فإنّ هذا المقياس لا بد أن يكون صفراً.

– الأوكسجين المذوب: وهو مقدار الأوكسجين الموجود في الماء عند مغادرته وحدة المعالجة. فإذا لم يحتو الماء على الأوكجسين, فإنه بلا شك سيعمد إلى قتل أيّة حياةٍ موجودة في الماء, وهذا ما يجعل ارتفاع نسبة الأوكسجين أمراً حيوياً وذلك للحاجة في تغطية طلب الأوكسجين الحيوي (BOD).

– المواد الصلبة المطرودة: وهو مقياس وجود المواد الصلبة في المياه بعد المعالجة, وهو ما يتوجب أن يكون قياسه صفراً.

– المقدار الإجمالي للفوسفور والنتروجين: وهو مقياس المواد المغذية الباقية في الماء.

– الكلور: من الضروري إزالة الكلور الذي تم استخدامه لقتل البكتيريا الضارة لئلا يقتل البكتيريا المفيدة في المحيط البيئي. وبصورةٍ مثالية, يتوجب أن لا يكون مكشوفاً.
– مقياس البكتيريا الكوليفورمية: وهو قياس البكتيريا البرازية الباقية في الماء.
وبصورةٍ نموذجية, يتوجب أن يكون صفراً. لاحظ أنّ الماء الموجود في البيئة لا يخلو من البكتيريا البرازية, فالطيور الوحيوانات البرية الأُخرى تعمل على إنتاج بعضاً من هذه البكتيريا في الماء.

ويعود السبب الرئيسي في وجوب مراقبة هذه المؤشرات إلى أنّ أي مجتمع ينتج كميات كبيرة من المياه القذرة, حيث تتراوح مستويات الإطلاق بين 10 مليون إلى 100 مليون غالون كل يوم (38 مليون إلى 380 مليون ليتر) ويتم معالجتها في وحدات معالجة المياه القذرة.