تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة عن طريق الشبكات الذكية


تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة عن طريق الشبكات الذكية
شبكات الطاقة الذكية تستوعب مصادر الطاقة المتجددة وتساعد على الحد من الفاقد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
يساعد إنتاج الطاقة المتجددة على التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ومع ذلك، فعلى الرغم من أن الطاقة الكهربائية المائية وطاقة الكتلة الحيوية
يمكن نقلهما ويمكن إنتاجهما عند الحاجة، فإن طاقة الرياح والطاقة الشمسية غير ثابتتين وبالتالي لا يمكن التنبؤ بهما.
ما هي شبكة الطاقة الذكية؟
شبكة الطاقة الذكية هي شبكة كهرباء تستعمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في جمع المعلومات من الموردين والمستهلكين والتصرف على أساسها بطريقة أوتوماتيكية. وهذا يسمح باستيعاب الطاقة المستمدة من مصادر الطاقة المتجددة التي لا يمكن التنبؤ بها فضلاً عن كونها غير متواصلة، كما يسمح بتوزيع الطاقة بمزيد من الكفاءة. وتستطيع الشبكة الذكية توصيل الكهرباء بشكل أجدى من حيث التكلفة مع الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتمثل الشبكة الذكية فرصة للتمكين من كهربة البلدان النامية التي ما يزال الحصول فيها على الكهرباء محدوداً للغاية.
وأجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الحالية في حد ذاتها لها تأثير ملموس، وخصوصاً في القطاع المنزلي. ومن المتوقع أن يزداد هذا الأثر خلال السنوات المقبلة. وسوف يؤدي توزيع أجهزة الاستشعار، ومعدات وتجهيزات الشبكات، وأجهزة الحوسبة والتنفيذ إلى زيادة الطلب على الطاقة.
ويقول فرانكو دافولي، الأستاذ بجامعة جنوا، إيطاليا – وأحد واضعي التقرير – “إن تجشم عناء الحد من استهلاك أجهزة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للطاقة نشاط جدير بالاهتمام. ومع ذلك، ينبغي أن تتجنب الجهات المعنية بتطوير الشبكات نشر معدات وتجهيزات تؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.”.
البنية التحتية للطاقة – مصدر رئيسي لغاز الاحتباس الحراري
توليد الكهرباء والحرارة من الأنشطة الرئيسية التي تؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ومن المتوقع أن تزداد. ويجري توليد معظم الكهرباء في الوقت الحاضر من محطات توليد الكهرباء الكبيرة التي تعمل بالوقود الأحفوري.
ويقول فلافيو كيوشيتي، من شركة الاتصالات الإيطالية، “إن البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أمامها فرص هائلة لتوفير الطاقة والحد من العادم. ومن أوضح الفرص في هذا السياق الاستفادة من تخزين الطاقة واستعمال المولدات في حالة وجود نقص نسبي للخيارات الخاصة بتخزين الطاقة لإدارة عدم التوازن بين العرض والطلب. ويمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما تُحدثه من تأثير ضخم على الطاقة أن تقوم بدور نشط في تطوير الشبكات الذكية، وخصوصاً في الاستجابة للطلب.”
مبادرات من جميع أنحاء العالم
انطلقت المبادرة الوزارية الخاصة بالطاقة النظيفة في 2010 وهي تجمع بين جهود 23 حكومة لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة، والتوسع في إمدادات الطاقة النظيفة وتحسين الحصول عليها. وتُروِّج شبكة العمل الدولية الخاصة بالشبكات الذكية لشراكة عالمية بشأن الشبكات الذكية، مع التركيز على السياسات، والمعايير واللوائح، والتمويل ونماذج العمل، والتكنولوجيا وتطوير النظم، وإشراك المستعملين والمستهلكين، والمهارات والمعارف التي تتمتع بها قوة العمل.
وتعكف المفوضية الأوروبية منذ 2006 على وضع خطة استراتيجية أوروبية لتكنولوجيا الطاقة، بالتعاون مع الجماعات المهتمة بالصناعة والبحوث. وترى الخطة أن عدداً من العناصر يمكن أن يكون لها تأثير قوي على الحد من بصمة الكربون في أوروبا، وهذه العناصر هي: الهواء، والشمس، وشبكات الكهرباء، والطاقة الحيوية، وامتصاص الكربون وتخزينه، والطاقة النووية المستدامة، وخلايا الوقود والهيدروجين، والمدن الذكية.
وفي الولايات المتحدة، حددت الحكومة الحالية رؤية لمضاعفة استعمال الطاقة النظيفة بحلول سنة 2035، وتشغيل مليون سيارة كهربائية على الطرق بحلول سنة 2015 بغية ضمان إمدادات الطاقة في المستقبل. ويدعو قانون استقلال وأمن الطاقة الصادر في 2007 إلى وضع سياسات واتخاذ مبادرات لتحديث شبكات النقل والتوزيع.
وتشجع اليابان على استعمال مصادر الطاقة المتجددة، وإقامة بنية تحتية لتشغيل المركبات الكهربائية واستحداث خدمات جديدة في شبكات الكهرباء الذكية.
وفي إطار خطة الحوافز، بدأت الصين في 2008 تُنفِق استثمارات كبيرة في تحسين قدرة شبكات الكهرباء وإمكانية الاعتماد عليها. ولا بد أن ذلك سيمكن من دمج مصادر الطاقة المتجددة في شبكة الكهرباء وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة.
وتركز جمهورية كوريا على رصد الطاقة وزيادة الإنتاج من المصادر غير الضارة بالبيئة.
نحو شبكات طاقة “ذكية”
إن استعمال مصادر الطاقة المتجددة، يزيد من صعوبة التنبؤ بأنظمة الطاقة. وهذا يعني أن مصادر الطاقة المتجددة تتطلب قدرة جديدة للرصد والتحكم، وهذا ما تستطيع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات توفيره. والهدف من ذلك هو تحويل هيكل التوجيه والتحكم في الشبكة التقليدية إلى شبكة ذكية تفاعلية تعتمد على الاتصالات
وعلى حد تعبير كارلو تورنيللي، وجانلويجي بروسيربيو، من شركة البحث عن نظام للطاقة (RSE SpA)، ميلانو: “تمثل وظائف الرصد والتحكم الموسعة، التي أدخِلت باستعمال الأجهزة الذكية وشبكة الاتصــالات الشَعـريــة، لب القــدرة الـذكيــة الجـديــدة التي أضيفت إلى الشبكــة.”
كم عدد العقد التي تقوم عليها الشبكة الذكية، وماذا ستكون عليه بصمة الطاقة المترتبة عليها؟ تُقدِّم إيطاليا – التي تمثل نحو 10 في المائة من سكان أوروبا واستهلاكها من الطاقة الكهربائية – الأساس لتقدير ذلك لأن شركة الاتصالات الإيطالية أعلنت تفاصيل المعلومات الخاصة ببصمة طاقة القطاعات المختلفة لشبكتها.
ويبلغ عدد سكان إيطاليا 60 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها301 000 كيلومتر مربع، وتضم نحو 8 000 بلدية. ويوجد أكثر من 30 مليون مشترك في الخدمات الإلكترونية وما يقرب من 20 مليون مشترك في خدمات الاتصالات الثابتة.
ويبلغ استهلاك الطاقة الكهربائية في إيطاليا 317 تيرا وات/ساعة في السنة. ويتم توليد الجانب الأكبر من الطاقة من نحو مائة محطة كبيرة لتوليد الطاقة ونحو 4 000 محطة توليد تقليدية صغيرة (تستخدم الطاقة الحرارية أو المائية). وتتدفق الطاقة عبر خطوط الجهد العالي التي تربطها مئات المحطات الفرعية للجهد العالي بنحو 3 000 محطة فرعية للجهد العالي أو المتوسط، ومن ثم بأكثر من400 000 محطة فرعية للجهد العالي أو المتوسط. وقد تم تركيب أكثر من 30 مليون عداد ذكي أوتوماتيكي في أماكن إقامة المستهلكين.
ويضيف باولو جيما، كبير الخبراء بشركة هواوي العالمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات “إن التكنولوجيا الذكية التي أدخِلت لتحسين كفاءة الشبكة الكهربائية وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، تقلل من الحاجة إلى وجود مولدات طاقة احتياطية. كذلك، فإن إدارة الطلب وتحسين أنظمة التخزين توفر المرونة اللازمة لإدارة مصادر الطاقة المتجددة غير المتواصلة.”
تدفق الطاقة في اتجاهين
قطاع التوزيع، الذي يوصل الطاقة إلى المستعملين النهائيين، هو القطاع الأكثر تأثراً بالتوسع في الشبكة الذكية. وتنحصر المهمة هنا في دمج المولدات الصغيرة والمتوسطة وإدارة تدفق الطاقة في اتجاهين في شبكة مصممة لتدفق في اتجاه واحد.
وتُستعمل قناة التوصيل الجديد هذه التي تعمل في اتجاهين مع العملاء في جمع البيانات ونقل المعلومات، بما يسمح بالتجاوب في الوقت الحقيقي مع ظروف الشبكة من خلال آلية تسعير ديناميكية وإدارة الطلب. ويمكن اللجوء إلى ذلك لإبلاغ قطاعات توريد الكهرباء، على سبيل المثال، باستعمال أجهزة معينة للطاقة ومكان مصدر الطاقة التي تستعملها المركبات الكهربائية الموصولة بـالشبكـــة.
وينبغي أن يؤخذ في الاعتبار الأثر المتوقع للمركبات الكهربائية الموصولة بالتيار على تخزين الطاقة. إذ أن قدرتها الكبيرة على تخزين الطاقة توفر مصدراً محتملاً كبيراً للطاقة بالنسبة للشبكة. ففي أثناء الموجة الكبيرة الأولى لتسويق المركبات الكهربائية على مستوى تجاري، تدار المركبات الكهربائية الموصولة بالتيار والمركبات الكهربائية الهجين الموصولة بالتيار على أساس أنها أحمال مرنة نظراً للقيود التقنية الفعلية الخاصة بهذه المركبات.
وسوف يتطلب دمج المركبات الكهربائية معلومات من أجل إدارة عمليات الشحن والتفريغ بالشكل الذي يلبي الأحمال المتغيرة على الشبكة؛ ويشمل ذلك وقف أو تخفيض نسبة الرسوم بل واسترداد الطاقة أثناء الأحداث الحرجة التي تتعرض لها الشبكة. وبطبيعة الحال، سوف يتعين على أصحاب المركبات أن يوافقوا على استخدام سياراتهم بهذه الطريقة. وتعد الحوافز الاقتصادية والتسعير في الوقت الحقيقي من الوسائل الواقعية لإشراك العملاء في إدارة الطاقة.