ثورة في الهندسة الوراثية لإصلاح الطفرات المسببة للأمراض الوراثية


الهندسة الوراثية كريسبر تقنية قد تغير مستقبل الطب فهي اكتشاف مذهل لنظام حيوي موجود في البكتيريا كجهاز للمناعة يقوم بتدمير الفيروسات. هذا الاكتشاف لم يتصور انه سيحدث ثورة في الهندسة الوراثية ويختصر الساعات الطوال من العمل في المختبرات ويقلل التكاليف المالية الباهظة في السابق ناهيك عن سهولة الحصول عليه. هذه التقنية هي جهاز قابل للبرمجة للقص الحمض النووي بشكل دقيق ومن ثم إصلاح الطفرات.

 

 

الهندسة الوراثية

الهندسة الوراثية التي بدأت في السبعينات الميلادية والتي نتج عنها الثورة المعلوماتية في علم الوراثة والذي غير وجه الطب و له دور في التطور العلمي و البحوث على الحيوان والنبات و الانسان بكل الاشكال كانت تشخيصية او علاجية. تبعها صناعة ادوية متطورة و انتاج فصائل من الحيوان المصابة بأمراض وراثية لإجراء البحوث عليها لعلاج الانسان. هذه الأمور الهندسية معقدة و تأخذ الكثير من الجهد و المال و الوقت فهي تأخذ الأشهر والسنوات لتعديل جين معين او احداث طفره فيه . بل قد تأخذ مرحلة دراسية كاملة لطالب ماجستير او دكتوراه و لعدت سنوات لكي ينشر بحثه. الان ومع تقنية كريسبر أصبحت الأشهر و السنوات بضعه أيام!

كيف تم الاكتشاف! تاريخ تقنية كريسبر
في علم 1987 لاحظ علماء من اليابان و جود أجزاء غريبة بداخل الحمض النووي لنوع معين من البكتيريا. كانت عبارة عن مقاطع مكررة عدت مرات و بينها فواصل ثابته. لم يعرف العلماء تفسير لما شاهدوه .و مع تطور علم الوراثة الجزيئية و قيام العلماء بقراءة شفرات الحمض النووي للعديد من الكائنات لاحظ العلماء في عام 2002 ان هذه الأجزاء الغريبة التي تحدث عنها العلماء اليابانيون موجوده في أنواع عديدة من البكتيريا و اطلق عليها احد العلماء الهولنديين اسم طويل يصعب حتى نطقه و كتابته! اسموها:

 

 

%d8%aa%d9%86%d8%b2%d9%8a%d9%84-2

 
“Clustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats,”
و تختصر باسم كريسبر CRISPR
لاحظ هذا العالم الهولندي ان بجوار هذه الأجزاء الغريبة من الحمض النووي جين اخر لصناعة انزيمات فأطلق عليه “البروتين المرتبط بكريسبر” (Cas) لقربه و ارتباط بهذه الأجزاء. كالعادة الاكتشافات البيولوجية سريعة و لكن تفسير هذه الاكتشافات و ماذا تعني تأخذ وقت طويل .في عام 2005م قام ثلاث فرق مختلفة من علماء البيوانفورمتك ( مختصون في استعمال تقنية الحاسب الالي في حل معضلات علم الاحياء ) بنشر ثلاث ابحاث متشابهه و حلوا لغز هذه الأجزاء الغريبة .لقد فجروا قنبلة “صغيرة” باكتشافهم ان هذه الأجزاء هي عبارة عن أجزاء من فيروسات معاديه للبكتيريا قامت البكتيريا بنسخها و إدخالها في شفرتها الوراثية لكي تستعملها كجهاز مناعي للتعرف على الفيروسات عندما تغزوها مره أخرى فتقوم بتدميرها!
لم يعرف تبعات هذا الاكتشاف و كان الامر الى هذه المرحلة امرا غير مثير فاكتشاف نظام مناعي للجراثيم قد يكون امرا يهم المختصين بالبكتيريا و الجراثيم و ليس ذا أهمية بالنسبة للإنسان مباشرة. لكن في عام 2011 و بالتعاون بين عالمتين في العلوم، واحده تعمل في كاليفورنيا بأمريكا (جنيفر دودنا) و هي مهتمة بعلم الكيمياء خاصة بما يعرف ب ” الأر أن أي” (RNA) و أخرى تعمل في المانيا و هي من أصول فرنسية ( امانويل شاربتنتغير ) و هي مهتمة بعلم الجراثيم ( الميكروبيولوجي ).كونت هاتين العالمتين فريق لإجراء أبحاث إضافية على هذا النظام المناعي . وقاما بخطوه فجرت القنبلة “الكبيرة” حيث صمما في المختبر نسخة صناعية مشابهه للنظم الموجود بالبكتيريا وعملوا تجارب على هذا نسختهم هذه و اكتشفوا قدرت هذا النظام الخارقة في قص و قطع الحمض النووي بأماكن تم تحديدها مسبقاً.

 

 

 
عندما نُشر بحثهم هذا في عام 2012، قام العديد من العلماء بعمل تجارب وحاولوا الاستفادة من هذا الاكتشاف بعدها توالت الأفكار والتخيلات وانفتح امام العلماء علم جديد يعتمد على تقنية بسيطة وسهله بتكلفه مالية قليلة ولا يقل أهمية عن اكتشافات تقنيات في علم الهندسة الوراثية مثل البي سي أر وتقنية قراءة تسلسل الحمض النووي وغيرها. لقد أصبح الحديث عن علاج الأمراض الوراثية امرا ممكننا بعد ان كان مستعصياً وصعباً، بلا شك هي خطوة أولى في طريق جديد ومجال خصب ومشرق قد يغير وجه الطب مره أخرى كما حدث في السبعينيات.