منهجية تقييم الأثر البيئي للمشاريع


منهجية تقييم الأثر البيئي للمشاريع

يمكن دراسة تقييم الأثر البيئي للمشاريع في خطوط رئيسة ومتسلسلة بدءَاً بالتعرف إلى الآثار البيئية من خلال دراسة الموقع وجمع المعلومات عما يحيط به من ثروة نباتية ومائية ونوعيتها (سطحية وجوفية) وسكان وثروة حيوانية وتاريخية، ومن ثم الحصول على معلومات تخص المنطقة ديموغرافياً ومعدل سقوط الأمطار والثلوج والعوامل المناخية والجيولوجية والطوبوغرافية والطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والحرفية والزراعية لسكان المنطقة وما إلى ذلك.

بعيد ذلك، يتم تقييم الآثار البيئية المحتملة للمشروع بتحليل العوامل المتعددة المتداخلة، وإعادة تركيبها على نحو يبرز نتائج التحليل والاستدلال المنطقي وإطلاق الفرضيات المحتملة، ومحاولة اختبارها بتطبيقها على المشروع للتأكد من تماسك هذه الفرضيات ووضعها على محك التجربة لتقوية فعاليتها، مع الاستفادة من الخبرات الواقعية لمشاريع مماثلة حتى لا يتكرر الخطأ.

ثم تبدأ مرحلة الاستدلال والاستقراء من المعلومات المتوافرة للوصول إلى نتائج سلبية وإيجابية، ومن ثم إقامة الموازنة بينها، ووضع توصيات واضحة من شأنها أن تكون مرجحة لقرار دعم المشروع أو العدول عنه، مع بيان الأسباب والظروف العامة والخاصة المحيطة باتخاذ القرار المناسب.

ويجدر عدم إغفال إعادة التقييم خلال تطور المشروع، بحيث يتم إضافة أو تعديل التوصيات بما يتناسب مع تطور العمل وظهور مشكلات جديدة. فالتقييم عملية إبداعية مستمرة لا تتوقف حتى بعد انتهاء المشروع للتحقق من عدم دخول عوامل جديدة لم تكن مأخوذة بعين الاعتبار عند انطلاقة المشروع.

وهذا ما نفتقر اليه اليوم في دراساتنا البيئية.

أما عند تقييم دورة حياة المنتـَج، فتنحصر المهمة في هذه الدراسة بالمواد التي ينتجها المشروع وتلك المواد الأولية التي يحتاجها للإنتاج والطاقة المستخدمة فيه، بدءَاً من إحضار المواد إلى الموقع، مروراً بتخزينها وتطور مراحل تصنيعها، ومن ثم تسويقها والتخلص من مخلفاتها؛ سواء كانت مخلفات ناجمة عن الطاقة المستخدمة في المشروع أو عن المواد المنتـَجة نفسها، كمزارع الدجاج.

فإذا أجرينا دراسة بيئية لمصنع دجاج لاحم مثلاً، فينبغي تتبع مراحل الإنتاج وأثرها على البيئة، مثل تخزين الأعلاف والتخلص من الفضلات (وربما استثمارها في توليد الغاز الحيوي) ومعالجة المياه العادمة وما إلى ذلك.

أما عند تقييم الأثر الاجتماعي فنتبع خطوات مماثلة لما سبق، ولكنها تسلط الضوء على أثر المشاريع المستحدثة على المجتمعات المحلية وثقافتها وعلاقاتها الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، والأخطار التي يمكن أن تلحق بالناس وممتلكاتهم، والتغيرات الواقعة على مصدر رزقهم والمخاطر المترتبة على ذلك؛ ومثال ذلك تطوير المناطق السياحية في البتراء ووادي رم وغيرهما، فضلاً عن دراسة أثر السياحة على ثقافة سكان المنطقة وإبداع أساليب توجيهية في مواجهة ذلك، مع مراعاة تحديثها باستمرار.

وفيما يتعلق بتقييم الأثر البيئي نسلط الضوء على السياسات البديلة لهذه المشاريع، مثل دراسة الخطط الإستراتيجية للمشروع وعلاقتها بالتنمية والخطط الاستراتيجية والخيارات الوطنية المتاحة لمشاريع بديلة ربما يكون أثرها أقل ضرراً على البيئة والمجتمع المحلي.

وهناك مشروعات استراتيجية مثل مصانع الإسمنت والفوسفات والبوتاس ومصفاة البترول في الزرقاء، أغلبها من الملوثات العظيمة للمناطق المحيطة بها، ولكن الطابع الاستراتيجي لإنتاجها يجعل من وضع شروط بيئية صارمة عليها أمراً صعباً، ولكن ليس مستحيلاً. لذلك، ينبغي عقد ورش عمل مفتوحة ودعم الدراسات المتخصصة للبحث في وسائل الحد من أضرارها بمشاركة واسعة من المتخصصين.