الأنفاق تاريخ الإبداع الهندسي
تشكل الأنفاق أحد آخر الفضاءات والمساحات المتاحة لحركة المركبات والقطارات ، وتمديدات المجاري المائية والصحية وخطوط الاتصالات وخطوط الطاقة .
وقد أصبحت اليوم عمليات حفر الأنفاق في الجبال وتحت المحيطات من العمليات الآمنة الى حد كبير ، إلا أنها لم تكن دائما كذلك فيما مضى ، فقد كلفت هذه أفكار الإبداعية حقا آلاف السنين من جهود المهندسين المضنية للوصول الى هذه الهندسة الإنشائية الرائدة والآمنة ،والتي تجاري أعظم الإنشاءات الهندسية الموجودة حاليا .
قام المهندسون الرومان بنحت وحفر غرف تحت الأرض وإنشاء المنحنيات القوسية الفنية الرائعة ليس فقط لاستحضار المياه العذبة من الجبال الى المدن ، وإنما للتخلص من مياه التصريف الصحية أيضا .
وخلال القرن السابع عشر كانت الأنفاق تبنى فقط كقنوات ، بلا طرقات أو سكك حديدية ، حيث أصبحت القنوات المائية السريعة أفضل السبل لنقل الشحنات المختلفة والمواد الخام من المناطق المختلفة الى المدن , وعبر مسافات شاسعة .
ومع آخر الإبداعات الإنشائية العصرية أصبح المهندسون قادرون على حفر وإنشاء أعقد الأنفاق الجبلية ، وتحت مجاري الأنهار ، وحتى تحت المدن النشيطة بالأعمال . حيث يقوم المهندسون قبل البدء بأي عملية حفر بإجراء الدراسات الضرورية والتحريات عن أوضاع الأرض والتربة من خلال عمليات تحليل التربة وعينات من الصخور الموجودة ، وأحيانا يقومون بإجراء عمليات حفر اختبارية مسبقة .
ثلاث خطوات أساسية لإتمام عملية إنشاء النفق
يعلم المهندسون اليوم أن هنالك ثلاث خطوات أساسية يجب اتباعها بجدية خلال عمليات إنشاء وبناء الأنفاق النظامية عموما .
-الخطوة الأولى : وهي عملية التنقيب حيث يقوم المهندسون بعملية تثقيب في الأرض باستخدام التقنيات المناسبة وذلك تبعا لنوع التربة والصخور .
-الخطوة الثانية : وهي عملية التدعيم حيث يجب على المهندسين خلال عملية الحفر البدء بإجراءات التدعيم للأسقف والجدران غير المستقرة والقابلة للانهيار .
-الخطوة النهائية : وهي عملية التبطين حيث يقوم المهندسون بإضافة اللمسات الأخيرة ، كرصف الطرقات والإنارة والعمليات التكميلية الأخرى .
الأنواع النموذجية للأنفاق
يمكن تقسيم الإنشاءات النفقية الى ثلاث أنواع رئيسية :
أنفاق الأرض الرخوة ( الطرية )
وهي أنفاق نموذجية قليلة العمق تستخدم عادة كأنفاق مشاة ، ذات أنظمة تصريف للمياه وبالوعات ، بسبب طبيعة الأرض الطرية تستخدم الإنشاءات التدعيمية التي تدعى واقية النفق Tunnel Shield التي يتم تثبيتها في مقدمة النفق لحمايته من التداعي والانهيار بسبب طبيعة أرضه أو تربته الرخوة .
التربة الثقيلة والرطبة تدفع من مختلف الجهات باتجاه النفق ، وتخضع الجدرات لقوى ضغط تجاذبية من قبل الأرض ومن مختلف الجهات .
الأنفاق الصخرية
يحتاج هذا النوع من الأنفاق الى تدعيمات بسيطة مقارنة بسابقتها خلال مراحل الإنشاء وتستخدم غالبا كأنفاق سكك حديدية أو طرق سريعة داخل الجبال ، فقبل عدةسنين ، استخدم المهندسون مادة الديناميت لتفتيت الصخور القاسية خلال عملهم في حفر الأنفاق ، أما اليوم فقد أصبح هنالك آلات حفر خاصة تدعى حفارات الأنفاق (TunnelBoring MachineTBM )قادرة على اختراق الصخور الضخمة والقاسية .
الجدران الصخرية تتميز بتماسكها وكثافتها لتشكل دعامة مسبقة للنفق ، وبعض المقاطع العرضية في الصخر أقل كثافة من الأجزاء الأخرى ،وبالتالي تقوم هذه المقاطع الغير ثابتة (غير مستقرة ) بالتأثير بقوة على جدران النفق كما في الشكل .
الأنفاق تحت المائية
تتطلب هذه الأنفاق دقة وبراعة كبيرتين في الإنشاء ، حيث يجب الإبقاء على الماء خارجا طوال عملية البناء .
كان على الهندسين قديما القيام بتثقيب وحفر حجرات معرضة لضغط عالي لضمان عدم تشربالمياه الى داخل القناة أثناء عملية الإنشاء ، أما اليوم فإن أنفاقا مسبقة الصنع يتم تجهيزها بحيث تعوم الى منطقة التثبيت ، ثم يتم إغراقها الى حيث يتم توصيلها بعضا ببعض في المكان المطلوب وبدقة عالية للتصنيع والتثبيت .
يؤثر ضغط الماء بقوى عمودية على جدران النفق ، وتنضغط جدران النفق بتأثير القوى الضاغطة المائية .