امشاط الضوء


امشاط الضوء

امشاط الضوء خلال طرفة عين, تكمل موجة الضوء المرئي كوادريليون (مليون بليون) اهتزازة أو دورة. و هذا العدد الهائل يتيح فرصا و يمثل تحديا. أما الفرص, فأنها تبشر بتطبيقات عديدة داخل المختبرات و خارجها. و هي أساس قدرتنا على قياس ترددات و أزمنة بدقة متناهية, حيث يعول العلماء على تلك المهارة للتحقق بشكل أفضل من قوانين الطبيعية, كما تتوقف عليها منظومة تحديد المواقع ( GPS ) مثلا. و أما التحدي فيتركز على استحالة مقارنة الضوء بتقنيات تعمل بشكل جيد في مجال الموجات الكهرومغناطيسية المنخفضة الترددات.

امشاط الضوء
و الآن, بفضل (الله اولا) ثم التطورات الثورية في مجال فيزياء الليزر, أصبح في متناول الباحثين تقنيات يمكنها أن تطلق الإمكانيات الكامنة, التي حال التردد العالي للضوء المرئي دون إدراكها. فقد طور العلماء بشكل خاص, تجهيزات للاستفادة من الضوء ليزري يدعى “مشط التردد الضوئي”. هذا المشط – الذي يشبه مسطرة للضوء متعددة الأغراض, و مؤلفة من عشرات أو مئات الآلاف من العلامات اللحظية المتقاربة المسافات. و يمكن لهذا المشط ان يشكل جسرا يغطي الفجوة الترددية بين الموجات الميكرونية و الضوء المرئي. كما تعطينا قياسات ميكرونية الدقيقة بيانات دقيقة على السواء عن الضوء بمساعدة المشط الضوئي.

هناك عدد كبير من التطبيقات على طول الخط. فالامشاط الضوئية سوف تؤهل لجيل جديد أكثر دقة من ساعات ذرية و كواشف كيميائية فائقة الحساسية و وسائل تحكم في التفاعلات الكيميائية باستخدام الليزر. و يمكن للأمشاط الضوئية أن تزيد حساسية الليدر( Lidar ) و مداه, و أن تعطي أيضا زيادة كبيرة في عدد الإشارات التي تنتقل عبر الالياف البصرية.

و الأمشاط سوف تبسط كثيرا عملية قياس الترددات الضوئية بدقة عالية. فقد كان قياس هكذا يتطلب في القرن العشرين فريقا من حاملي الدكتوراه يعملون في غرف مليئة بأجهزة الليزر ذات التردد الواحد. أما الآن, فإن على طالب الدراسات العليا أن يحصل على نتائج مماثلة بتجهيزات بسيطة مستخدما أمشاط الترددات الضوئية. كما تنبثق الساعات الذرية الضوئية الجديدة من هذا التبسيط. فكما ان البندول في الساعات القديمة يحتاج الى تروس عدة للتسجيل الوقت و إعادة مؤشري الساعة ببطء, فإن الساعة الذرية تستخدم مشط التردد الضوئي لعد اهتزازات الضوء و تحويلها إلى إشارة إلكترونية مفيدة. و منذ العام 2007 فقط استخدم العلماء و الباحثون الأمشاط الضوئية كي يتخطوا الساعات الذرية التي أساسها السيزيوم ( Cesium ) و التي اعتبرت افضل النظم المتاحة على مدى عقود.
إن مشهد التغيير في استحداث الأمشاط الضوئية يماثل, في بعض النواحي, تلك القفزة المتقدمة, التي نتجت عن اختراع كاشف الذبذبات منذ مئة عام. فقد بشرت تلك الأداة بقدوم عصر حديث للإلكترونيات, بإتاحة عرض الإشارات مباشرة, وهذا يسهل تطوير كل شي بدءا من التلفزيون و حتى الهاتف الجوال. لكن الضوء يهتز أسرع عشرة آلاف مره من كاشف الذبذبات.
تتطلب تطبيقات مشط التردد الضوئي تحكما دقيقا في الضوء عبر طيف عريض من الترددات. فقد كان مستوى التحكم هذا ممكنا للموجات الراديوية لزمن طويل, فيما أصبح ذلك ممكنا الآن فقط بالنسبة للضوء. و لفهم اعمق سوف نشبه التردد بالموسيقى, فقد كان بإمكان الليزر قبل تطوير الأمشاط الضوئية أن يعطي لونا واحد فقط, مثل كمان ذي وتر واحد فيمكنه اصدارنغمة واحدة فقط. فعزف لحن بسيط يتطلب آلات عدة فسوف يلزم لكل كمان عازفه الخاص, تماما مثلما لليزر مشغل خاص.

و في المقابل, يستطيع مشغل ما أن يستخدم مشطا ضوئيا لتغطية الطيف الضوئي كله, و بشكل دقيق يمكننا من عزف سيموفونيات لمئات الآلاف من النغمات الضوئية الصافية

بعض تطبيقات الأمشاط الضوئية

الساعات الذرية الضوئية

إن أكثر الساعات ضبطا و دقة حتى الآن هي الساعات الذرية الضوئية, و قد فاقت هذه الساعات النظم المبنية على الموجات الميكرونية التي اعتبرت معيارا منذ عام 1967. و سوف تؤدي دورا محوريا في ملاحة الفضاء و الاتصالات بين الاقمار الصناعية و الاختبارات البالغة الحساسية في الفيزياء الاساسية و قياسات أخرى.
الحساسات الكيميائية

لقد أوجد الباحثون كواشف كيميائية ذات حساسية فائقة.مبنية على الأمشاط الضوئية. و يطورون الآن نماذج للآلات التجارية و الحساسات التي ترتكز على المشط, و هذا سيمكن شاشات الأمان من تعرف الأخطار بسرعة, كالمتفجرات و البكتريا الضارة و سوف يشخص الأطباء الأمراض عن طريق كشف المواد الكيميائية في زفير المريض

الليزر العملاق

يمكن أن نرتب ليزرات عدة بمساعدة أمشاط الترددات, لتشكل سيل مفرد من النبضات بحيث يكون ضوؤها منتظما و مترابطا كما في ضوء الليزر المفرد. ليتم بعدها التحكم في الطيف الكهرومغناطيسي بداءا بالموجات الراديوية و حتى الاشعة السينية.
الاتصالات من بعد

تزيد الأمشاط الضوئية من عدد الإشارات التي يمكن إرسالها عبر ليف بصري واحد الى عدة اضعاف, و نحتاج فقط على مشط واحد بدلا من عدة ليزرات. كما سيقل التداخل بين القنوات و تصبح الاتصالات اكثر امانا

كيمياء

يبحث العلماء الآن عن كيفيةاستخدام الضوء المترابط لليزر في التحكم في التفاعلات الكيميائية. فستجعل الأمشاط الضوئية هذه التقنية أكثر قوة و مصداقية, اذا سيمكننا من تطوير “التفاعلات الكيميائية فائقة البرودة” كما ستعالج في المستقبل القريب التفاعلات البيولوجية الأكثر تعقيدا من التفاعلات الكيميائية.
الليدر LIDER

يستخدم الرادر الليزري (الليدر – ماسح و محدد مدى الضوء ) ضوء الليزر لتحديد موضع و سرعة و خواص الأجسام البعيدة. و نتيجة لتوليد أنماط موجية لها اشكال مصممة خصيصا, فإننا نتوقع من أمشاط التردد الضوئي أن تزيد حساسية و مجال الليدر بعدة مراحل