تغيير في الصفات بدون ضابط اخلاقي


تغيير في الصفات بدون ضابط اخلاقي

الصفات
قام عالم من عالم بإجراء بحث على فئران ذات اللون الأسود وقام بتغيير لونها عن طريق عمل طفرة في الجين الذي يتحكم باللون وولد فأر بلون فاتح. وهذا التغيير ليس فقط خاص بهذا الفأر بل حتى ذريته عكس اجدادها ذات اللون الأسود! هذا بلا شك سيفتح نقاش أخلاقي كبير لو اجري على الانسان، وأنفتح باب تعديل هذه الجينات والتي تتحكم بالشكل واللون و غيرها من الصفحات الجسدية او حتى النفسية ! الامر تجاوز ان يكون امر غير ممكن او خيال علمي الى حقيقة عندما قام علماء من الصين بتعديل جين خاص بمرض من امراض الدم الخطيرة و قاموا بهذا التعديل على بويضة ملقحة ،ليثبتوا انه بالإمكان استعمال هذه التقنية .و رغم انه لم تبقَ أي من الأجنة التي استخدموها حية، وفشلت الأبحاث في الوصول إلى ولادة ناجحة، ولكن التقرير أثار جدلًا أخلاقيا حادا حول مدى استخدام تقنية “كريسبر” في إجراء تغييرات وراثية في الجينوم البشري ،و الذي اثار عاصفة من النقاش تمخض بعده عقد لقاء علمي دولي في بريطانيا أواخر عام 2015 لتدارس الأمر بدون الخروج بتوصيات واضحة.ولذلك ظهر علماء حتى ممن شاركوا بنشر أبحاث على تقنية كريسبر مثل الدكتور تشيرش ممن يدعوا الى تحريم استعمال هذه التقنية و وضوع قانون منع كامل على استعمالها على البويضات الملقحة و الاجنة الى ان يتم وضع تنظيم لهذه للعملية خوفا من حدوث أمور خطيرة .

 

الحاجة لتنظيم لهذه التقنية

من جهة أخرى فهناك فريق اخر يدعوا لوضع تنظيم ولكن بدون ادخال قوانين التحريم و التقييد المبالغ فيه لكي لا تجهض هذه التقنية في مهدها عن طريق تحريمها او تأخير اجراء البحوث عليها لعدة سنوات .الحاجة بلا شك لنشر إرشادات تنظيميه لهذه التقنية و عدم تركها تتأرجح بين الرفض التحريم و القبول بدون ضوابط او تنظيم. و لذلك اقترح بعض العلماء لعمل مؤتمر يجتمع فيه علماء الوراثة الجزئية و الحيوية و الأطباء و القانونيين و المختصين في اخلاقيات الطب لوضع هذه الارشادات كما عمل في مؤتمر اسيلومار في كليفورنيا عام 1975 ابان بدايات ثورة الهندسة الوراثية و التي كان لهذه الارشادات عظيم الأثر في دعم الأبحاث بشكل امن .بعض الباحثين يرون أن هناك  دروسًا قد تمر بها تقنية كاسبر كما مرت بها التقنيات الأخرى سابقا، و التي أثارت شعورًا كبيراً بالسعادة في بداياتها، ثم قلق، فإحباط، عندما بدأت تظهر المتاعب كما حدث للعلاج الجيني في التسعينيات ، عندما سقطت التجارب الاكلينيكية في العلاج الجيني سقطة قويه عندما حدث امر لم يحسب له حساب أدَّى إلى وفاة شاب بسبب التهاب فيروسي استخدم للحقن الجيني؛ فتدهورت الأمور بعدها، وخرجت عن السيطرة و توقفت الأبحاث في ذلك المجال لعدة سنوات، ولم تبدأ في التحسُّن إلا مؤخرًا.

لا يزال مجال تقنية “كريسبر” واعدًا، وسيكون أمامنا سنوات قبل أن نستوعب إمكانياتها فما زلنا في مرحلة الاستكشاف، وتحتاج هذه الأفكار إلى فترة للنضج والتطور”. هناك تخوفات مقبولة و تحتاج منا ان نأخذها محمل الجد و وقد يكون لهذه التقنية دور كبير في علاج الأمراض التي تصيب البشر.

الخاتمة

هذه الثورة في اكتشاف تقنية كريسبر و التي هي جهاز مناعي بدائي في البكتيريا يجعلك لا تستطيع ان تتصور ان تجد مختبراً بحثياً في السنوات القصيرة القادمة لا يستعملها او يستفيد منها لكي يجري الابحاث و التجارب بشكل اكثر دقة و سرعه مما كان يأمله لو لم تكتشفه هذه الطريقة الرائعة .لا شك ان كل شخص كان عامي او عالم او باحث او صحفي او مثقف ينظر لهذه التقنية بمنظور خاص به يعكس علمه و خبرته في الحياة و في مجال عمله و ايضاً مواقفه المسبقه من الأبحاث العلمية و العلماء .فهناك المتخوف ،و هناك المحلق بأفكاره و هناك المتوازن و هناك من لا يهتم بهذه الأمور كلها! لكن من المهم ان يكون الطرح والنقاش حول تقنية كريسبر طرحا متوازنا تأخذ في الاعتبار كل الجوانب. فمن لديه تخوف في إساءة استعمال هذه التقنية في امور تتعارض مع اخلاقيات و اسس انسانية يجب السماع له و تشريع انظمة تنظم و تشرع لاستعمال امن و مفيد للبشرية. في نفس الوقت على المشرعين والمتخوفين ان لا يشرعوا انظمة وقوانين مكبله لأيدي العلماء تجهض هذه الانطلاقة و تحد من امكانية استعمالها لعلاج الامراض ورفاهية البشر بتكاليف اقل و بشكل اسرع من لو ترك الامر لتغير بيئي بطيء قد يأخذ سنوات عديدة، قد يخسر فيها الأنسان ارواح كثيرة او يتكبد خسائر مالية باهضه كان بالإمكان تفاديها لو استعملت تقنية كريسبر.

هذه التقنية في نظري سوف تغير وجه وخريطة العلاج للأمراض الوراثية و غير الوراثية و ستمتد الى اكبر مما تخيلنا في مجال صناعة الادوية و النبات و الحيوان و ليس خطئيه اذا ما وضع لها تنظيم علمي و أخلاقي و الله اعلم.