تقوم الزراعة العضوية على الاستغناء عن كافة المواد الكيميائية السامة سواء في الاسمدة او المبيدات واستعمال اسمدة ومبيدات من مصادر طبيعية بدلا منها وتسمى ايضا الزراعة الحيوية او البيوديناميكية او الزراعة المستدامة بيئياً، وقد كان هذا النوع من الزراعة هو المستخدم منذ القدم حتى الثورة الصناعية والتي سهلت انتاج كميات هائلة من المبيدات والاسمدة، وازدياد الطلب على الغذاء في ظل تناقص الاراضي الزراعية مما دفع الانسان الى استعمال كميات هائلة من الاسمدة الكيميائية والمبيدات والعلاجات مما ادى الى عدة مشاكل اهمها:
مشاكل الاسمدة الكيميائية والمبيدات :
1- تلوث التربة وفقدانها خصوبتها بسبب قتل الكائنات الدقيقة المسئولة عن تحلل المواد المغذية وتقديمها للنبات.
2- تلوث المياه الجوفية ووصول هذة الملوثات الى جسم الانسان والكائنات الاخرى.
3- ظهور كثير من الامراض المرتبطة بإستعمال المبيدات الزراعية واهمها مرض السرطان.
هذة المشاكل البيئية والصحية وغيرها ادت الى تنامي الدعوات الى العودة الى الطبيعة اتباع وسائل الزراعة العضوية التي تعتمد على الطبيعة ولا تؤدي الى تلوثها وتنتج اطعمة صحية ذات فائدة ومذاق جيد، وقد ظهرت اولى الحركات المنادية بالزراعة العضوية في فرنسا مع بدايات القرن العشرين عن طريق مجموعة من المزارعين الذين قرروا الاعتماد على الطبيعة بشكل كامل في انتاج محاصيلهم ، ولضمان تطبيق الشروط الصحيحة للزراعة العضوية ظهرت هيئات دولية تنظم هذا القطاع وتعطي شهادات للمزارعين الذين يقومون بتطبيق قانون او دستور الزراعة العضوية ,من اهم هذة الهيئات هو الاتحاد الدولي للزراعة العضوية الذي يضم في عضويته اكثر من 800 هيئة من اكثر من 100 دولة حول العالم.
يظن البعض ان الزراعة العضوية تعني عدم استعمال المبيدات او الاسمدة على الاطلاق وهذا كلام غير دقيق فالزراعة العضوية تستخدم المبيدات من مصادر طبيعية فقط وهي ايضا تستعمل الاسمدة العضوية التي تحلل بالتربة دون ترك أثر لمواد ضارة او سامة ، بالاضافة الى اتباع الاساليب الزراعية السليمة ومنها التعقيم الشمسية وتطبيق الدورة الزراعية للمحاصيل واتباع وسائل ناجعة للري، وتطبيق بعض وسائل المكافحة الحيوية للآفات والحشرات.
مبادىء الزراعة العضوية
وقد حدد الاتحاد العالمي للزراعة العضوية عدة مبادىء اساسية اجملها تحت اربعة اقسام رئيسة هي الصحة والبيئة والعدالة والعناية :
1- مبدأ الصحة :
اذ ان الزراعة يجب ان تحافظ على صحة الانسان والحيوان والكائنات الاخرى كلها بغض النظر عن حجمها او دورها في النظام البيئي ، لأن اختفاء اي صنف حتى لو كان ضاراً سيؤدي بالتأكيد الى الاخلال بالتوازن البيئي وهو ما لايمكن توقع نتائجه فيما بعد، ويجب على الزراعة العضوية ان تحسن من صحة الانسان من خلال تلاؤم مأكله ومشربه مع النظام البيئي الذي يعيش فيه.
2- مبدأ البيئة :
يجب على الزراعة ان تعمل ضمن الدورات الطبيعة للعناصر وان لا تحاول تدمير هذة الدورات او الاخلال بها ، وذلك من خلال الاستفادة من العناصر الطبيعية واعادة تدويرها وكذلك ترشيد استهلاك الموارد من طاقة ومواد اولية، ويجب على الزراعة ان تحافظ على الموطن الاصلي للحيوانات البرية وان لاتعمل على تدميرها للاستفادة منها وزيادة الانتاج ، اي ببساطة يجب تقليل الاستهلاك واعادة تدوير المخلفات لضمان عدم التأثير على الانظمة البيئية القائمة في الطبيعة.
3- مبدأ العدالة :
يجب ان تحقق الزراعة العدالة الاجتماعية بين جميع البشر على اختلاف اعراقهم وكذلك العدالة في توزيع الموارد بين الانسان وغيره من الكائنات على هذة الارض بحيث لا يتعدى على حق احد الاصناف في الحياة في الوقت الذي يحصل فيه على كميات كافية وموزعة بشكل يضمن الحياة الكريمة للجميع.
4- مبدأ العناية :
يجب على القائمين على وضع الخطط الزراعية والمنتجين للتقنيات الزراعية الحديثة ان يضعوا في اعتباراتهم عدم الاضرار بأي نظام بيئي قائم في المستقبل، ولذلك يجب ان تخضع تلك التقنيات لدراسة معمقة لبيان اثارها المحتملة على الصحة والبيئة وكل ذلك من وجهة نظر اشخاص حريصين على الاستدامة وسلامة النظام البيئي للاجيال القادمة .
ولا يعتبر الانتاج الزراعي عضويا الا اذا مر بمرحلة التقييم الاساسية ليكون جديرا بالحصول على شهادة المنتج العضوي من الجهات المختصة وهذة العملية تتطلب فحص كافة التقنيات والادوات والمواد المستخدمة ، ويلعب التدوين ضمن السجلات دورا محوريا في منح مثل هذة الشهادات ، ولا يحق لأي مزارع وضع ملصق الزراعة العضوية على منتج اذا لم يحصل على شهادة من الجهات المختصة ، فالزراعة العضوية اليوم علم وتجارة لها مبادءها وقوانينها المنظمة التي تضمن عدم التلاعب بالمفاهيم والتحايل على المستهلك ، وتنشط عدة جمعيات وشركات للزراعة العضوية في الوطن العربي وعليها تقع مسئولية ترخيص المزارع العاملة بالزراعة العضوية والرقابة الدائمة عليها لتضمن سلامة المنتج في جميع مراحل انتاجه.