التلقيح الحيواني( zoogamie )


 

1- بواسطة الحشرات (entomogamie )

الازهار الملقحة من طرف الحشرات عادة ما تتميز بألوان جذابة ورائحة قوية قد تكون عطرة وقد تكون كريهة
وحبوب الطلع تكون كبيرة الحجم لزجة تلتصق بسهولة باجسام الحشرات وغنية جدا بالبروتينات
ومن المؤكد ان اختلاف اشكال الزهور واختلاف ألوانها و روائحها يلعب دورا في اجتذاب فئة معينة من الحشرات
وهذا ما جعل بعض العلماء يعتقدون بوجود علاقة تبادلية بين تطور وتغير اشكال الازهار واشكال الحشرات الملقحة
حيث تقوم بعض الازهار بتطوير شكلها بناءا على شكل الحشرات التي تقوم بزيارتها وتلقيحها ، فتتخذ شكلا يسهل للحشرة القيام بعملية التلقيح أو تتخذ شكلا يقارب شكل اناث هذه الحشرات حتى تجتذبها اليها . . .

التلقيح الحشري يعد احدى اهم وسائل التلقيح الطبيعي وأنجعها وأكثرها انتشارا ويساهم في تكاثر وحماية العديد من النباتات والحشرات كذلك
فاذا كانت الحشرات تساهم بالنسبة الاكبر في حماية النباتات وضمان بقائها واكثارها فان الازهار هي الاخرى يمكن اعتبارها بمثاية الزاد والمأوى للعديد من الحشرات نظرا لما تحتوي عليه حبوب الطلع من غذاء غني بالبروتينات

ويعد النحل من بين اكثر الحشرات التي تساهم في عملية التلقيح النباتي ( 80 في المائة من مجموع النباتات الملقحة حشريا تلقح من طرف النحل )
في الولايات المتحدة تم تقدير مساهمة النحل في الموسم الزراعي لسنة2000 ب 15 : مليار دولار
ويستطيع جسم النحلة الموبر ان يحمل فوقه 100000 حبة من حبوب لقاح شجيرة الكيوي مثلا بينما يتناقص هذا العدد الى مائة مرة أقل عند باقي الحشرات الاخرى الملقحة

للاسف هذه الحشرة النعمة تتهددها اخطار عدة وتتناقص اعدادها سنويا بشكل ملحوظ
والسبب الرئيسي في ذلك لا محالة هو استعمال المبيدات الكيماوية في المجال الزراعي والتغيرات المناخية التي يشهدها العالم
يساهم كذلك في عملية التلقيح من الحشرات : الفراشات والدبابير و النمل والعث والذباب والخنافس . . .

التلقيح

2-التلقيح بواسطة الطيور  ornithophilie )

ينتشر هذا النوع من التلقيح في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية
ازهار النباتات التي تلقح من طرف الطيور غالبا ما يكون التويج ضيقا وطويلا حيث يحشر الطائر منقاره ، فتلتصق حبوب الطلع بالريش الذي يغطي رأسه فينقله تلقائيا الى زهرة اخرى وتحدث عملية التلقيح
وغالبا ما تجتذب الطيور الزهور الحمراء وهو اللون الذي يتراءى لها بوضوح بعكس الحشرات التي يجتذبها اللون الأصفر
ونادرا ما تجد الطيور تتغذى على رحيق الزهور كما هو الاعتقاد السائد ، لأن هذه العملية تتطلب ان يكون الطائر في وضع ثابت حتى يستطيع ان يرشف الرحيق بكل سهولة
وهذا طبعا غير ممكن الا في بعض النباتات التي يمكن شكلها للطائر ان يحط فوقها ويتغذى من رحيق الأزهار
ما يجتذب الطائر في غالب الأحيان كما اكدت احدى الدراسات الحديثة هو الحشرات الموجودة بداخل الزهرة والتي يمكنه التقاطها وهو في وضعية الرفرفة بالجناحين دون الحاجة الى اعتماد وضعية الثبات فوق غصن النبتة

ومن الامثلة على هذا زهرة اوركيد مدغشقر( Stanhopea graveolens ) التي تفرز رائحة قوية تجتذب الذباب الصغير الذي بدوره يجتذب العناكب
وهذه الأخيرة تعد الوجبة المفضلة لعصفور الشمس
وهكذا تحدث عملية التلقيح بانتقاله باحثا عن وجبته المفضلة من زهرة الى أخرى حاملا في ريشه حبوب اللقاح

3 -التلقيح بواسطة بعض الخفافيش : (cheiroptérophilie)

رغم ان طائر الخفاش يقتات على الحشرات وبعض انواع الثدييات ، الا ان بعض انواعه يمكن ان تتغذى على بعض انواع الفواكه او بعض الزهور و الرحيق الذي تمتصه منها بواسطة شكل اللسان الذي وهبها الله ليؤهلها لذلك
فتعتبر اذن الخفافيش من الحيوانات الني تساهم بدور بارز في عملية تلقيح واكثار النباتات خاصة النبتات الطبية
اما عن وسائل اجتذاب الزهور للخفافيش فهي تتم طبعا بواسطة الرائحة القوية وغالبا ما تكون الزهور كبيرة الحجم وتتفتح ليلا وكذلك بواسطة اصدار اشعة فوق بنفسجية على اعتبار ان الخفافيش من الطيور الليلية

 

نثر البذور: (zoochorie)

من بين الوسائل التي تتكفل بها الطبيعة من اجل اكثار النباتات ، تعد الحيوانات المختلفة من طيور وثدييات وحشرات ابطالها الرئيسية و يمكن ادراجها ضمن باقي انواع التلقيح الحيواني السالفة الذكر
وتساهم هذه الطريقة في اكثار النباتات وتوسيع مجال انتشارها على اوسع المساحات واغناء الموروثات الجينية للنباتات
وتتم هذه العملية بواسطة ثلاثة طرق
بواسطة بعض القوارض و السناجب و كذا بعض انواع الغربان . . . حيث تعمد هذه الحيوانات الى جمع بذور بعض النبتات وتخزينها من أجل مؤونة الشتاء فيحدث ان تنسى مكان تخزينها او يموت الحيوان ، وبالتالي تنبت هذه البذور المخزنة في غير المكان الاصلي الذي نقلت منه

بواسطة النمل myrmécochorie

تتأتى هذه الطريقة عن طريق شكل البذرة الذي يسمح للنملة بتسهيل حملها ونقلها من خلال نمو زائد في البذرة غني بالمواد الدهنية يسمى élaiosome

و كل ما يجتذب النملة هو هذه المادة اللزجة فقط ، وحين تنتهي منها تقوم بطرح ما تبقى من البذرة خارج مسكنها

يوجد بالعالم 3000 نوعا من النباتات التي تتكاثر بهذه الطريقة من بينها ازهار البنفسج البري وزهرة الثلج وبعض انواع نبات الخروع …

و تعد الطيور هنا اغلب العناصر الحيوانية المساهمة في نقل البذور بهذه الطريقة
وتوضيحها هو كالتالي : بذور بعض النباتات تكون مزودة بقشرة خارجية من أجل الحماية
يقوم الطائر بالتقاطها وابتلاعها ونظل البذرة رغم ذلك كما هي لا تتاثر قدرتها على الانبات بالرغم من مرورها بالجهاز الهضمي للطائر وعصارته المعدية وحين تخرج مع فضلات الطائر تنبت بمكان آخر غير المكان الاصلي الذي نقلت منه

وبهذا تتوسع مساحة تكاثر النباتات ونطاق انتشارها بواسطة عوامل طبيعية بحتة لا مجال فيها للتدخل الانساني
من بين النباتات التي تتكاثر بهذه الطريقة : الفروالة العليق الكرز وشجيرة الطقسوس والسفرجلية

 

الازهار التي تلقح بواسطة الرياح غالبا ما تكون صغيرة وضاربة الى الخضرة ، وتكون المياسم كبيرة جدا ومتفرعة وبارزة للخارج بشكل ظاهر، مع كثرة عدد حبوب اللقاح وصغر شكلها وخفة وزنها حتى يسهل نقلها عند هبوب الرياح بسهولة
وعلى النقيض من النباتات التي تعتمد آلية التلقيح عير الحشرات فانه لا يشترط فيها ان تتميز بالوان او روائح جاذبة للحشرات او قيمة غذائية عالية
ويندرج تحت هذا النوع بعض انواع الحشائش والصنوبريات واشجار القيقب . . .
من سلبيات هذه الوسيلة أن العديد من حبوب اللقاح المذكرة تضيع في الهواء وقد تسقط على الازهار المؤنثة او تسقط تحتها
وفي بعض السنوات التي يكون فيها انتاج حبوب اللقاح غزيرا قد يصل عددها داخل المتر المربع الواحد الى 300 مليون حبة من حبوب الطلع
كذلك قد تحمل الرياح بذورا لبعض الاعشاب الضارة وتساعد على انتشارها على مساحات واسعة
وتجدر الاشارة الى ان العديد من الاشخاص المصابين بالحساسية تسوء حالتهم بشكل ملحوظ في المواسم التي يتم فيها تلاقح النباتات