طرق جديدة لتبريد الشرائح والرقاقات الحاسوبية


الشرائح  يبدو أن الأمور قد أصبحت أكثر “سخونة” في مجال المعالجات والرقاقات الحاسوبية.
في حين يركز العديد من الباحثين تركيزهم على إيجاد طرق وبدائل تقنية جديدة من أجل ضمان الاستمرار في تصاعد أداء المعالجات، وذلك عبر إيجاد طرق تصنيع تسمح بتصغير الترانزستورات (اللبنة الأساسية في صناعة المعالجات والرقاقات الحاسوبية) وتضمين المزيد من الترانزستورات على الشريحة الواحدة، تركز مجموعة أخرى من الباحثين على كيفية إيجاد طرق للتخفيض من الاستهلاك الحراري للشرائح والرقاقات الحاسوبية متصاعدة الأداء. زيادة عدد الترانزستورات على الشريحة يعني زيادة قوة وأداء الشريحة نفسها، ولكنه أيضاً يعني زيادة الاستطاعة الحرارية التي تصرفها الشريحة.

 

 

agriculture-without-soil-gravel-1024x683

لطالما كانت مشكلة استهلاك الطاقة Power Consumption أحد المشاكل التي تواجه العاملين بمجال التصنيع التقني، سواء كانوا باحثين أو مصممين. الاستهلاك المرتفع للطاقة والإشعاع الحراري المرتفع للرقاقات الحاسوبية يؤثر بشكلٍ كبير على أدائها مع مرور الوقت، وهو يشكل أحد العوامل ذات الدور السلبي في إنقاص عمر النظام الحاسوبي ككل. من هنا كان العمل على تأمين وسائل تقنية لتبريد الشرائح والرقاقات أثناء عملها أمراً هام.
اليوم، يمكن لبعض الشرائح الحاسوبية أن تولد بقعاً ساخنة Hot Spots ذات كثافة تصل إلى 1 كيلو واط لكل سنتيمتر مربع. ما الذي يعنيه هذا الرقم؟ هذا يعني أنه يمكن لمعالجٍ حاسوبيّ أن يولد كثافة حرارية بكل سنتيمتر مربع بشكلٍ أكبر من الكثافة الحرارية المولد في فوهة صاروخ! تنعكس هذه الأزمة على الشرائح فيما يعرف بالبقع السليكونية السوداء Dark Silicon Fraction. ويشير الباحثين بهذا المصطلح إلى مناطق من الشريحة لا تستطيع أن تعمل عندها الترانزستورات بسبب الحرارة العالية، ويمكن أن تصل نسبة هذه البقع السليكونية السوداء إلى حوالي 10-20% من إجمالي الشريحة، أي أننا سنخسر ما يعادل 20% من قوة وأداء الشريحة بسبب الحرارة التي تولدها!
تعتمد الطرق التقليدية في تبديد الحرارة على وصل الشرائح السليكونية بقضبان من النحاس أو الألمنيوم (موصلات جيدة للحرارة) والتي تمتلك نهايات شبيه بالزعانف. تقوم مروحة بلاستيكية بتدوير الهواء من أجل تبديد الحرارة بعيداً عن القضيب النحاسي، وبالتالي بعيداً عن الشريحة الحاسوبية ككل. السلبية الأساسية بنظام التبريد هذا أنه كبير الحجم، مزعج حيث أنه ذو ضجيج مرتفع نسبياً، فضلاً عن كونه يستهلك طاقة مرتفعة. فضلاً عن ذلك، ومع تزايد قوة وأداء الشرائح الحاسوبية وزيادة استطاعتها الحرارية وكمية الحرارة الصادرة عنها، فإن مثل هكذا نظام لن يكون فعالاً كما يجب من أجل ضمان عمل الشرائح بالأداء المطلوب منها. بعض التصاميم المتعلقة بالشرائح الحاسوبية المستقبلية تتضمن بنى ثلاثية الأبعاد للدارات المتكاملة، أي توضع عدة طبقات فوق بعضها البعض لتكوين شريحة المعالج ككل. مثل هكذا تصميم ثلاثي الأبعاد للشريحة قد يؤدي إلى احتجاز الحرارة بين طبقات المعالج، مما يجعل عملية التبديد الحراري مهمة أكثر صعوبة.
نظام_تبريد_المعالجات
تظهر الصورة نظام التبريد التقليدي المستخدم في معظم اللوحات الأم الخاصة بالأجهزة الحاسوبية. النظام بسيط وهو يتكون من قضبان نحاسية ناقلة للحرارة تتصل بسطح الشرائح الحاسوبية، وتتصل من جهةٍ أخرى بمروحة التبديد الحراري. تعمل القضبان على توصيل الحرارة الصادرة من المعالجات إلى مروحة التبديد، والتي بدورها تبدد الحرارة لخارج النظام الحاسوبي.
ما هو الحل؟ يبدو أننا سنكون بحاجة لحلولٍ جذرية، وليس مجرد تطويرات بسيطة لنظام التبريد التقليدي المستخدم حالياً. فيما يلي، سنقوم بسرد أربعة من أهم الطرق الحالية التي يتم بحثها وتجريبها في المختبرات من أجل إيجاد حل لمشكلة الاستطاعة الحرارية المتزايدة.
1. أنابيب مائية صغيرة Tiny Water Pipes

بدلاً من تبديد الحرارة عبر مادةٍ ذات ناقلية حرارية جيدة ومن ثم تبديدها إلى الهواء، فإن أحد الاقتراحات هي وضع مادة باردة على بعد بضعة ميكرومترات من الشريحة الحاسوبية. يمكن لهذا الاقتراح أن يتم عبر توجيه قنوات ناقلة للسائل نحو الشريحة (أو ركيزة ما توضع عليها) ومن ثم ضخ سائل بارد عبر القنوات الناقلة.

في شهر أيلول/سبتمبر من عام 2015، قام مجموعة من المهندسين في معهد جيورجيا للتقانة بإظهار أول نظام تبريد للشرائح يعتمد على قنوات ناقلة للسائل البارد، وذلك على شريحةٍ لبوابةٍ منطقية قابلة للبرمجة FPGA. قام الباحثون باستخدام تقنيات التصنيع الصغري Microfabrication Techniques من أجل تشكيل قنوات بطول 200 ميكرومتر، حيث تتصل هذه القنوات بالسليكون على الوجه الخلفي للشريحة وهي تتصل أيضاً بأنابيب مياه. بالنسبة للمضخة المسؤولة عن ضخ السائل بالإضافة لخزان السائل، فإنها ستكون مدمجة مع تغليف الشريحة. تمكن هذا التصميم بتخفيض درجة حرارة تشغيل الشريحة بمعدلٍ أفضل من النظم التقليدية بحوالي 60%. وفقاً للباحثين، فإن هذه الطريقة متوافقة مع أي نمط من أنماط تغليف الشرائح السليكونية.